جسدت المسيرة الحاشدة التي نظمها فلاحو البحيرة بالتنسيق مع نقابتهم والتي انطلقت من أمام معهد دمنهور الطبي الي مبني المحافظة الواقع المؤلم والمحزن الذي آل إليه حال "الذهب الأبيض" الذي كان حتي سنوات قريبة يتربع علي عرش الأقطان في العالم لكنه سرعان ما فقد مكانته العالمية وتراجع كثيرا الي الوراء مجسدا الواقع الأليم لحال الزراعة المصرية. الواقع المتردي للزراعة المصرية وتخبط السياسة الزراعية في مصر انعكس بدوره السلبي والسييء علي الفلاحين والمزارعين الذين يحلمون بان يأتي اليوم الذي تنهض فيه الزراعة وتقود الاقتصاد الوطني ويحصل الفلاح علي كامل حقوقه وينهض من العثرات التي تضعه فيها سنويا وزارة الزراعة. الأمر الذي يكبده خسائر فادحة لم يعد يستطيع تحملها. إضافة الي أزمات أسعار الأسمدة والمبيدات والتقاوي وجودتها حلت هذا الموسم أزمة تسويق القطن لتضيف المزيد من المعاناة والمشاكل للفلاح المصري بصفة عامة والبحرواي بصفة خاصة الذي وجد نفسه مضطرا للاحتجاج لتوصيل صوته الي الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء والدكتور صلاح يوسف وزير الزراعة والمهندس مختار الحملاوي محافظ البحيرة لعل وعسي تنتهي أزمته هذا العام مع تسويق القطن الذي يعتمد عليه الفلاح البحراوي كثيرا في سداد ديونه التي تتراكم عليه علي مدار الموسم. وتعويض خسائره القادمة جراء السياسة الزراعية الفاشلة.. أزمة هذا الموسم تتلخص فصولها في استمرار الظلم للفلاح وعدم إتباع سياسة جديدة تمنحه حقوقه المهدرة رغم قيام الثورة التي من مبادئها دعم ورعاية الفلاح وتحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الأساسية. فمحصول القطن هذا الموسم تم حصاده منذ أكثر من شهر لكن رفضت الجمعيات الزراعية استلامه من الفلاحين في الوقت الذي تجاهلهم فيه بنك التنمية والائتمان الزراعي كما تجاهلتهم الحكومة أيضا ولم تحرك الحكومة ساكنا وباءت محاولات الفلاحين مع المسئولين بالفشل حيث عرضوا مبالغ زهيدة جدا مما أصاب الفلاحين بالإحباط وخيبة الأمل بعد إعلان الحكومة شراء القطن مقابل 1200 جنيه للقنطار بينما شدد الفلاحون طلبهم بألا يقل سعر القنطار عن 2000 جنيه. لتستمر الأزمة ويبقي المحصول حبيس المنازل وينعي الفلاحون حالهم بعد الثورة. "المساء" رصدت أوجاع الفلاحين بالبحيرة. قال رضا بلال نقيب الفلاحين بالبحيرة إن محافظة البحيرة من المحافظات الرائدة في إنتاج القطن والمزارعون يعانون كساداً في تسويق المحصول وقاموا بتشوينه بمنازلهم. مؤكدا أن مسلسل أزمة القطن المصري ما زال مستمرا ورغم قيام ثورة 25 يناير إلا أن الحال لم يتغير فالفلاح ما زال مهملا ومهمشا يعاني خسائر فادحة كل عام وتتجاهله الدولة ووزارة الزراعة بشكل مستفز. والقطن المصري في حال يرثي لها وتراجع كثيرا لتتضاعف معاناة الفلاح المصري في ظل ثورة قامت من اجل إنصافه لكن ذلك لم يحدث. أشار الي أن زيادة المعروض من الأقطان في العالم أثر علي سعر القطن هذا العام. خاصة أن العام الماضي وصل سعر قنطار القطن بالوجه البحري الي ألف و800 جنيه. وكانت المساحة المنزرعة حوالي 300 ألف فدان فقط بينما المساحة المنزرعة هذا العام تضاعفت لتصل إلي 525 ألف فدان من المتوقع أن يجمع منها أكثر من 3 ملايين قنطار. أوضح عبدالحميد الصعيدي ومفرح الطنيخي نقيبا الفلاحين بمركزي أبوحمص ودمنهور أن الفلاحين تكبدوا مصاريف باهظة بسبب الأسمدة التي ارتفعت أسعارها الي عنان السماء والمبيدات ومصروفات الجني والحصاد وهو ما يفوق المبلغ المعروض من قبل الدولة لشراء القطن وهو 1200 جنيه للقنطار الواحد في حين أن المبلغ المنطقي للقنطار هو 2000 جنيه مؤكدا أن الحكومة ملزمة بحل المشكلة وضرورة شراء القطن خاصة وأن المزارعين تسلموا التقاوي من الجمعيات الزراعية. مشيرا إلي أن الفلاحين تعرضوا لخسائر فادحة وأصبحوا معرضين للسجن لعدم قدرتهم علي سداد مديونياتهم بعد أن وقعوا علي إيصالات أمانة لتجار المبيدات والأسمدة. وقال جميل كريم و احمد عيدالشرقاوي ونبيل العطار مزارعون إن السعر المعروض من الحكومة يمثل ضربة للفلاحين الكادحين ولابد من مراعاة مصاريف الزراعة والحصاد ولا يجب علي الحكومة أن تضغط علي الفلاح أكثر من ذلك مطالبين بتدخل البنك المركزي وتوفير السيولة الكافية لحل الأزمة. وأشاروا الي أن الشركة القابضة وبعض البنوك التي أحجمت عن تمويل عمليات الشراء التي تقوم بها 230 شركة خاصة وقطاع أعمال عام تسببت في عدم وجود سيولة كافية لشراء القطن من المزارعين. كما أن الشركة القابضة ساندت الشركات الأجنبية المستوردة التي تقف ضد الفلاحين فكان اللجوء إلي الاستيراد من الخارج لتخفيض أسعار القطن المصري وتخفيض أسعاره في السوق المحلية لتحقيق أرباح خيالية. ويؤكد أحمد عبدالرحيم المستشار القانوني للنقابة العامة للفلاحين ضرورة تغيير السياسات الزراعية المرتبطة بزراعة وتسويق القطن ليأخذ مكانه من جديد في الأسواق العالمية. وهي السياسات التي نتج عنها عزوف الفلاح عن زراعته وانخفاض المساحة المزروعة منه وتراجع بجانب فقدان الأسواق الخارجية التي تمكنت الشركات من دخولها طوال السنوات الماضية. ويضيف بأن محصول القطن كان من أهم حاصلات مصر الزراعية وقد ظل حتي وقت قريب المحصول النقدي الرئيسي مطالبا بضرورة تشجيع المزارع بكل الطرق والوسائل من أجل زيادة المساحة المزروعة التي تراجعت بسبب مشكلات التسويق. وشدد علي أن تدني مساحة القطن ومحصوله سيؤثر سلبا علي الخام اللازم للمغازل المحلية والاستثمارات الأجنبية الموجهة لقطاع الغزل والنسيج. كما تؤكد علي ضرورة وضع حلول جذرية لمشكلات تدهور أسعار القطن وامتناع شركات تجارة وتسويق القطن عن الشراء بسبب احجام البنوك عن التمويل محذرا من خطورة الوضع المترتب علي عدم تنفيذ هذه الشركات لتعاقداتها في شراء المحصول. نتيجة لتدهور أسعار الأقطان عالميا مع تدخل الأجهزة الحكومية المعنية لحل هذه المشكلة التي تكرر سنويا وشراء كامل المحصول بأسعار مناسبة بهدف حماية المنتجين من محاولات الابتزاز التي يلجأ إليها بعض التجار مستغلين الأزمة المالية العالمية وحالة الركود التي تعاني منها الأسواق الدولية وخاصة السوقين الأوروبية والأمريكية. وطالب خالد أبو عفش مزارع من حوش عيسي وزارات الزراعة والتجارة والصناعة والتضامن بإعادة القطن المصري لمكانته علي المستوي الدولي. أو من خلال تسويقه محلياً للمغازل المحلية بما يحقق عائداً لمزارعي القطن. ويسهم في التوسع في زراعته. وزيادة إنتاجية الفدان من أقطان الزهر. وأكد علي فايز مزارع من ايتاي البارود ضرورة وضع ضوابط للمزارعين في تسويق المحاصيل الزراعية لعدم احتكار الشركات الأجنبية التي تضطر المزارع لبيع المحصول بأرخص من سعره موضحا أن أكثر من 3 ملايين قنطار من القطن المصري تواجه أزمة تسويقية تهدد استمرار زراعته المواسم المقبلة. مطالبا بتدخل الدولة لحل الأزمة.