في منطقة باب الشعرية في القاهرة وبين شارعي الجيش وبورسعيد يقع ميدان الضاهر كما يطلق عليه أهل المنطقة الذي يعد أحد أهم الميادين في منطقة باب الشعرية "حتي الباب نفسه وهو باب الشعرية أحد أهم أبواب القاهرة الفاطمية" وسمي بهذا الباب لأن به أكبر مسجد من عصر المماليك قام ببنائه المؤسس الفعلي لدولة المماليك البحرية في مصر الملك الظاهر بيبرس وهو رابع حكام مصر من المماليك بعد شجرة الدر التي انتهت في عهدها الدولة الأيوبية ثم المعز عز الدين أيبك من سنة 1250 وحتي 1257 وخلفه ابنه المنصور نور الدين علي بن أيبك 1257 وحتي 1259 ثم المظفر سيف الدين قطز الخوارزمي من سنة 1259 وحتي 1260 والذي اغتاله الظاهر ركن الدين بيببرس البندقداري 1260 1277 وتولي مكانه. ومن يمر علي هذا الميدان ير حجم الكارثة التي اصابت هذا الاثر الرائع المهم في تاريخ مصر حيث يتم تدمير المكان بحجة ترميمه منذ أكثر من عشر سنوات ولكن أهالي المنطقة حاربو كثيرا ليحتفظوا بركن من أركان المسجد ليقيموا فيه شعائر الصلاة كل يوم باصرار غريب علي استمرار هذا المسجد متحدين رغبة من يحاولون تدميره وحتي اللافتة الموجودة علي احد جوانبه من الخارج والتي تعلن عن تعاون بين هيئة الآثار المصرية وشركة المقاولون العرب لترميم هذا الأثر أصابها من طول المدة التي وضعت من أجلها ما أصاب الاثر من طمس لما هو مكتوب عليها وقبل ان نتعرف علي حجم الكارثة التي أصابت هذا الاثر المهم علي لسان أهل الضاهر سنحاول ان نتعرف علي صاحب الاثر وتاريخه وايضا تاريخ المسجد. المسجد المنحوس علي ما يبدو ان النحس قد أصاب هذا المسجد حيث شرع الملك الظاهر بيبرس في إنشائه عام 665 واكتمل بناؤه عام 667 ه وجعل باقي الميدان وقفاً علي الجامع "أي ان العمارات التي حوله والمباني والشركات وحتي المقاهي المفترض ان تكون أوقافاً تنفق علي المسجد" ولما جاء الفرنسيون إلي مصر نصبوا علي أسواره المدافع واتخذوه قلعة ثم تحول في عصر محمد علي إلي معسكر لطائفة التكارنة السنغالية ثم إلي مصنع للصابون وأخيراً تحول إلي مذبح في عهد الاحتلال الانجليزي وفي سنة 1893 اهتمت لجنة حفظ الآثار العربية بإصلاح الجامع ومحاولة ارجاعه إلي مهمته الأصلية. ذكر المؤرخ المقريزي وصفاً للمسجد يقول فيه: يعتبر هذا الجامع من أكبر جوامع القاهرة حيث تبلغ مساحته 103 في 106 أمتار ولم يبق منه سوي حوائطه الخارجية وبعض عقود رواق القبلة كما ابقي الزمن علي كثير من تفاصيله الزخرفية سواء الجصية منها أو المحفورة في الحجر وتعطينا هذه البقايا فكرة صحيحة عما كان عليه الجامع عند إنشائه من روعة وجلال. ويتألف من صحن مكشوف يحيط به أروقة أربعة أكبرها رواق القبلة. كانت القبة كبيرة مرتفعة علي عكس نظائرها في الجوامع السابقة فإنها كانت صغيرة متواضعة أما وجهات الجامع الأربع فمبنية من الحجر الدستور فتحت بأعلاها شبابيك معقودة وتوجت بشرفات مسننة وامتازت بأبراجها المقامة بأركان الجامع الاربعة وبمداخلها الثلاثة البارزة ويقع أبكر هذه المداخل وأهمها في منتصف الوجهة الغربية قبالة المحراب وقد حلي هذا المدخل كما حلي المدخلان الآخران الواقعان بالوجهتين البحرية والقبلية بمختلف الزخارف والحليات فمن صفف معقودة بمخوصات إلي أخري تنتهي بمقرنصات ذات محاريب مخوصة إلي غير ذلك من الوحدات الزخرفية الجميلة اقتبس اغلبها من زخارف وجهات الجامع الأقمر وجامع الصالح طلائع ومدخل المدرسة الصالحية وكانت المنارة تقع في منتصف الوجهة الغربية أعلي المدخل الغربي. حلم الترميم تحول إلي كابوس بدأ التفكير في ترميم "جامع الظاهر بيبرس" عام 2007 حينما بدأت شركة حسن علام الحكومية للمقاولات في مشروع الترميم للجامع بمبلغ 53 مليون جنيه وفي عام 2008 أصبحت أعمال الترميم مشتركة بين مصر وكازاخستان واستمر لمدة 3 سنوات وحتي عام 2010 تم الاستعانة بأعمدة ايطالية لاستكمال أعمال صيانة المسجد كان من المفترض الانتهاء من آخر عملية ترميم لجامع الظاهر بيبرس علي يد شركة "المقاولون العرب" في 6 أكتوبر 2011 إلا انه حتي الآن لم يكتمل ولم يتبق من عمليات الترميم سوي بعض معدات الصيانة المتروكة في محيط المسجد وداخله. وجمهورية كازخستان قدمت منحة قيمتها 4.5 مليون دولار من أجل المساهمة في ترميمه باعتبارها مسقط رأس الظاهر بيبرس وتقدم قيمة المنحة علي 3 مراحل حيث بدأ اهتمامهم بترميم المسجد عام .2006 أهالي الضاهر يتحدثون * يقول حمام زينهم صاحب ورشة في ميدان الظاهر: ان هذه العملية مستمرة منذ أكثر من خمسة عشر عاماً كل فترة نجد عمال وحركة ثم يختفون تكرر هذا كثيرا وحتي الآن لا نفهم ماذا يريدون؟ وماذا يفعلون؟ ولو كانوا تركوه كما كان في الماضي قبل الترميم كان أحسن فقد دمروا المسجد تحت اسم الترميم وأريد من وزير الثقافة وكل المسئولون ان يسرعوا في عملية الترميم حتي تنتهي تماما فنحن ندخل لنصلي فيه ومتمسكون بالصلاة فيه علي الرغم من التكسير والمجاري التي انتشرت حول المسجد فهذا المسجد تاريخ مثل مسجد عمرو بن العاص ومسجد قلاوون. أضاف: شاهدنا مسئولون من دولة كازخستان يزورون المكان بصحبة مسئولين مصريين وعرفنا انهم تبرعوا بملايين الدولارات لأنهاء عملية الترميم ولكن لا يوجد ترميم حتي الأبواب الآثرية ومشربيات اختفت من المسجد وقناديل إضاءة المسجد اختفت وتحولت أسواره لملجأ للكلاب. * مصطفي النوبي عامل بأحد الورش المطلة علي ميدان الظاهر يضيف: كان الوضع جيد جداً في المسجد وكان به دورة مياه وميضة للضوء وكنا نرتاده للصلاة قبل 15 سنة ولكن الآن الوضع صعب ندخل إلي المسجد من باب واحد فقط علي ألواح خشبية والمصلي مفروش بحصر بعد ان تم نزع بلاط المسجد في البداية كان من يقوم بالترميم شركة حسن علام ثم اختلفوا قبل الثورة. ثم جاءت شركة المقاولين العرب وبدأت في العمل ثم توقفت حيث تغير المهندس المسئول عن الترميم واتي آخر رفض الطوب المستخدم في عملية الترميم وتوقف العملية حتي الآن منذ ثلاث سنوات تقريباً وأخذوا اخشاب المسجد وهي ذات قيمة اثرية عالية وحالياً الأرض المحيطة بالمسجد طفحت بها المياه الجوفية ومجاري. أضاف وحضرنا زيارة رئيس كازخستان للمسجد وسمعنا انهم سيدفعون خمسة ملايين دولار لترميم المسجد واتزينت المنطقة لاستقباله والوفد المرافق له ولكن لا نعلم أين ذهبت الأموال التي خصصها؟ * أما خالد محمود صاحب ورشة في الظاهر فيقول: المنطقة كلها آثار دينية فعلي بعد خطوات من ميدان الضاهر يوجد قسر السكاكيني الأثري الذي أهملوه ومجموعة من الكنائس المسيحية والمعابد اليهودية أبرزها معبد كرايم الذي أصبح خرابة ومبني عام 1925 ومعبد حنان المبني عام 1900 وأمام جامع الضاهر يوجد كنيسة اسمها دير طور سيناء مبنية سنة 1893 وهي تتبع دير سانت كاترين في وسط سيناء تخص الروم الارثوذكس وهي الوحيدة بين هذه المعالم الاثرية الدينية التي لا تحتاج إلي ترميم ولم يطولها عبث التطوير. يضيف ان المنطقة لو تم الاهتمام بها ستكون مزاراً سياحياً دينياً هاما في مصر ولكن الاهمال ماسكها منذ زمن بعيد ونتمني ان يتم ترميم كل هذه الاثار وفتحها للجمهور كمعالم توضح للعالم مدي تسامح مصر.. مؤكداً ان المصلين يدخلون للصلاة في المسجد ومن بداية قصة الترميم والمسجد تحول إلي خراب حتي الاخشاب التي كانت في حرم المسجد وهي كلها مشغوله ومحفور عليها وتعد تحف رائعة خرجت من المسجد ولا نعلم عنها شيئاً وكذلك القناديل التي تضيء المسجد اختفت تماما وبوابات المسجد مغلقة ولا يوجد سوي باب واحد فقط ندخل منه إلي المسجد اما دورة المياه فكانت داخل المسجد والآن هي خارجة ونضطر للمرور علي مياه المجاري حتي نصل إليها ولا ندري لمصلحة من يتم تدمير هذا الآثر. * جمال سيد "بواب": تردد ان التطوير بدأ في عام 2007 ولكنه في الحقيقة قبل هذا بعشر سنوات تقريبا وما يحدث هو إهمال متعمد وتدمير لمسجد اثري من أكبر مساجد القاهرة بعد جامع عمرو بن العاص وكان يزوره السياح في الماضي قبل عشرين سنة ليشاهدوه وللأسف ما ان تبدأ عملية الترميم وهكذا وأنا أعرف تاريخ الظاهر جيدا جدا حرام عليهم ترك اثر مهم مثل هذا يهمل بهذا الشكل ولولا الشيخ هشام إمام المسجد الحالي لأغلق الجامع تماما فهو يصر علي إقامة الصلاة فيه في جميع أوقاتها بالرغم من الهدم والتكسير وهروب بعض المصلين من الصلاة في المسجد ولكن بجهودنا الذاتية حاولنا الاحتفاظ بمكتبة الجامع في دواليب مغلقة وفرشنا بعض الحصير وقمنا بوضع سقف قماش حتي نصلي فيه. أضاف حتي الآن مسجد السلطان الظاهر بيبرس ينتظر أن تنتهي مشاكل شركات المقاولات مع هيئة الآثار حتي يتم ترميمه ليعود إلي رونقه وبهائه مرة أخري واحد من أكبر مساجد مصر يؤرخ لحقبة تاريخية مهمة في تاريخ مصر والعرب والعالم الإسلامي. وكانت د. سحر نصر وزيرة التعاون الدولي قد أعلنت عن إعادة ترميم.. المسجد بالمنحة المقدمة من جمهورية كازخستان في تصريحات صحفية الأسبوع الماضي.