شأن أغلب الأثار الإسلامية الموجودة في القاهرة يعاني مسجد الظاهر بيبرس البندقداري من إهمال جسيم, ليس المهم من المسئول عنه إن كانت هيئة الأثار أو وزارة الأوقاف, بل المهم أن حالة المسجد مزرية وتعد إهانة كمسجد جامع وسط منطقة سكنية مأهولة تحتاج إليه لأداء الشعائر, وكأثر إسلامي مهم أنشأه قائد عظيم في قامة الظاهر بيبرس. ورغم أن المجلس الأعلي للأثار بدأ خطة لترميمه من2007 بتكلفة70 مليون دولار ساهمت فيها كازاخستان ب4.5 مليون دولار تكريما للقائد الذي تعود أصوله لها, إلا أن الحالة السيئة التي يعانيها المسجد ابتداء من أرضياته وجدرانه, مرورا بنوافذه وأبوابه, وصولا الي واجهته وأسقفه تؤكد أن الترميم لم يكن حتي الآن أكثر من مجرد ترميم ورقي, لأن المسجد يئن تحت ضغط المياه الجوفية التي ارتفعت مناسيبها في أرضياته ومن حرق القمامة حول جدرانه والقاء المخلفات والحيوانات النافقة بجوار أسواره, وسط تجاهل وإهمال وإهانة من المسئولين عنه في كل الوزارات المصرية المعنية. في البداية يقول د. مختار الكسباني أستاذ الأثار الإسلامية بجامعة القاهرة ومستشار الأمين العام للمجلس الأعلي أنه لا يمكن تحديد وقت محدد للانتهاء من ترميم أي أثر فقد يتم اكتشاف شئ جديد أثناء العمل يؤجل استكمال الترميم بالإضافة الي أن ترميم الأثار لابد وأن يتم بعد دراسات متأنية بالإضافة الي طول فترات الترميم بشكل عام وهذا ما يحدث لمسجد الظاهر بيبرس الذي تستمر فيه عمليات الترميم منذ سنوات حتي الآن. ويقول د. محمد الكحلاوي الأمين العام لاتحاد الأثريين العرب أن الأثار الإسلامية هي الأكثر تعرضا للإهمال حيث تقع دائما ضحية لعمليات السرقة بالإضافة الي عدم ترميمها أو الاهتمام بها أو حتي تأهيلها لاستقبال السائحين ويؤكد أن هناك تقصيرا واضحا من الجهات المسئولة في حماية الآثار الإسلامية في مقابل الاهتمام المبالغ فيه بالآثار الفرعونية. وعن أسباب الاهمال الذي تعاني منه الآثار الإسلامية علي وجه الخصوص يري الدكتور الكحلاوي أن مشكلة الأثار الإسلامية أن معظمها يقع وسط مناطق مأهولة بالسكان لتصبح ضحية قلة وعي المواطنين الذين لا يقدرون قيمة هذه الآثار وأهميتها لتتراكم حولها تلال القمامة وتتواجد الورش وتصبح المكان الملائم للحيوانات الضالة. والحل كما يصفه هو.. ترميم البشر قبل ترميم الحجر لأن عمليات الترميم التي تتكلف الملايين تتم بلا جدوي في ظل استمرار وجود أسباب الاهمال فعلي سبيل المثال يتم حرق القمامة بجانب الآثار التي يتم ترميمها رغم تأثير ذلك علي الحجر الجيري المستخدم وبالتالي يفشل ترميم الأثر قبل الانتهاء أساسا من عمليات الترميم. ويقول الكحلاوي ان الجهات المسئولة ارتضت بوضعه الحالي كمجرد مسجد لإقامة الصلاة بغض النظر تماما عن تاريخه ففي النهاية يقع في ميدان ومعرض دائما لأسباب التلوث والاهمال في مقابل الاهتمام المبالغ فيه بأثار شارع المعز. أما عن وضع مسجد الظاهر فيقول د. عبد الحليم نور الدين رئيس جمعية الأثريين المصريين والأمين العام الأسبق للمجلس الأعلي للأثار ان ترميم أي أثر يتوقف علي تحديد حالة الأثر في البداية ويتم ذلك بعد دراسات متأنية.. حيث تختلف حالة المباني الأثرية وحاجتها للترميم.. فهناك مبان في حاجة الي الترميم العاجل وفي هذه الحالة لابد من البدء في عمليات الترميم في أسرع وقت ممكن قبل حدوث أي ضرر له وهناك أثار تحتاج للترميم علي المدي القصير أي في خلال3 أو4 سنوات وهناك ترميم علي المدي الطويل والذي قد يستغرق أكثر من10 سنوات. ويضيف أنه لا يمكن تحديد فترة محددة لإتمام ترميم أي أثر وذلك لضخامة العمل الأثري بالإضافة الي الحاجة لعمل بعض الدراسات علي مكان الأثر أثناء العمل اذا ما ظهرت بعض المشكلات التي تعوق عملية الترميم مثل مشاكل المياه الجوفية والصرف الصحي تحت العديد من المباني الأثرية وكلها أمور لابد من معالجتها أولا قبل البدء في أي شئ بالإضافة الي أنه في كثير من الأحيان يتم تحديد ميزانية محددة ويتطلب الترميم اكثر من المحدد مسبقا لأن الترميم في النهاية ليس للجدران فقط. ويري نور الدين أن الوضع يختلف قليلا بالنسبة للأثار الإسلامية نظرا لتداول سلطتها بين وزارة الأوقاف والمجلس الأعلي للآثار والأمر ليس في صالح الأثار الإسلامية بسبب تأخر عمليات الترميم أو ربما اهمالها لأن كل جهة تري أن الأخري هي المسئولة عن الأثر لتستمر سلسلة الاهمال والسرقة للتراث الإسلامي بينما يتبادل كلاهما الاتهامات حول المسئول عن حراسة وحماية الأثر الإسلامي ولكن وزارة الأوقاف تتحمل الجانب الأكبر من المسئولية لأنها في النهاية مساجد تقام فيها الشعائر الدينية. أما عن مسجد الظاهر بيبرس والذي لم تنته أعمال الترميم بداخله حتي الآن يقول لابد من معرفة مسجد الظاهر بيبرس يقع داخل اطار للترميم فقد يكون ترميما علي المدي الطويل أو قد يتسبب أي شئ في تأخر الانتهاء من عملية الترميم وذلك قبل الحكم مسبقا علي وجود تباطؤ من عدمه في عملية ترميمه من الجهة المسئولة.