الشيخ عمر عبدالرحمن أصبح رجلاً طاعنا في السن.. وهو رجل ضرير يحتاج في هذه السن.. ولو من الناحية الإنسانية.. لمن يأخذ بيده ويعينه علي قضاء البقية الباقية من حياته في هدوء وسكينة إلي أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً. لم أكن من المؤيدين لأفكار الشيخ عمر عبدالرحمن. ولا من المحبين لأرائه المتشددة قبل أن تصير به الحال إلي ما صارت إليه.. وهو الآن نزيل أحد السجون الأمريكية.. وهناك العادات والتقاليد وأساليب الحياة تختلف اختلافاً جذريا عن حياتنا وتقاليدنا نحن المصريين. من يساعد الشيخ الضرير العجوز في دخول الحمام.. من يساعده في تناول طعامه وشرابه ودوائه بالطريقة التي تحفظ له آدميته وكرامته.. من يساعده في الاستحمام وتغيير ملابسه.. ومن يشعر بمشاعره وأحاسيسه وهو يتألم لأن هناك من يقوم بهذه الأمور من غير أهله وعشيرته. أهله هم أولي به.. وهم ستر عليه.. إنه إنسان لا يملك من أمر نفسه شيئاً.. انني أشبهه بقشة في مهب الريح أو في مياه جارية تتفاذفها الرياح مرة أو الأمواج أخري.. والرجل لا حول له ولا قوة. ماذا يفيد أمريكا من سجن رجل أصبح بين الحياة والموت؟! وماذا يضيرها لو أفرجت عنه وبعثت به إلي أهله يتولون شئونه ورعايته؟! سبق أن قرأت أن واشنطن تنتظر من الحكومة المصرية للإفراج عن الشيخ الضرير. وانها علي استعداد لتلبية هذا الطلب إذا وصل إليها بالطريق الدبلوماسي الرسمي. ونحن بدورنا نتساءل ما الذي يمنع الحكومة المصرية من التقدم بطلب إلي الولاياتالمتحدة للافراج عنه؟! لقد أصبحت جماعة الإخوان المسلمين التي كانوا يطلقون عليها "المنحلة" معترفا بها واقعا ملموساً ولها دورها الآن في الحياة السياسية في مصر من خلالها كجماعة ومن خلال الحزب الذي انبثق عنها. كما تم الافراج عن المتهمين في قتل الرئيس الراحل أنور السادات.. وخرج عبود الزمر إلي الحياة بعد أن قضي فترة سجنه بالتمام والكمال.. بل وزاد عليها بفعل تعنت النظام السابق.. ولا خوف الآن من عبود الزمر أو من غيره علي الحياة السياسية في مصر.. بل انهم الآن أصبحوا إضافة للثورة. أسرة الشيخ عمر عبدالرحمن تواصل الاعتصام السلمي أمام السفارة الأمريكية بالقاهرة مطالبة بالافراج عنه.. وهناك حالة تعاطف كبيرة مع الشيخ وخاصة من الناحية الإنسانية ليعيش بقية حياته وسط أسرته ويلقي ربه وهو في أحضانها لتشيعه إلي مثواه الأخير شأن كل إنسان عندما يحين الأجل. هل يتدخل المجلس الأعلي للقوات المسلحة.. وهل يتدخل الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء للافراج عن الشيخ المسن بطلب رسمي من الولاياتالمتحدة؟! الواجب الإنساني يقتضي ذلك.