الفساد هو نوع من الأنانية أو النرجسية. أو حب الذات الذي يعمي صاحبه فتسول له نفسه الاستيلاء علي ما ليس من حقه!! وجريمة قابيل وهابيل ليست سوي نوع من الفساد الذي جعل قابيل يقتل أخاه طمعاً في الفوز بمن كانت ستصبح زوجة لشقيقه! أي أن الفساد موجود منذ بدء الخليقة!! وواقعة الفساد الأخيرة. المتهم فيها وزير الزراعة وأحد الانتهازيين - أو أحد المتسلقين - وغيرهما. سعي كل المتورطين فيها إلي الاستيلاء علي المال العام دون وجه حق. ولم توجد الحكومة - أية حكومة - والأجهزة الرقابية التابعة لها. إلا لكي تكافح الفساد وكل أوجه الانحراف التي تهدد المجتمع وتهز كيانه وتنخر فيه كالسوس في الخفاء!! وبلاشك فإن هناك وجوها ومظاهر عديدة للفساد في مجتمعنا. بحاجة لمواجهتها واستئصال شأفتها حتي لا تزداد الأوضاع سوءاً وتدهوراً. ولو نظرنا للفساد نظرة موضوعية لوجدنا أنه من أسباب تخلفنا ومن عوامل تدهور مستوي الخدمات التي يفترض أن يقدمها المجتمع للمواطن من تعليم وصحة ومرافق وغيرها. ولكثرة ما نراه من مفاسد وانحرافات أصبحنا لا نكترث بذلك. وصرنا ننظر للفساد والانحراف علي أنه من الأمور الطبيعية التي لا ننفعل بشأنها ولا نحرك لها ساكناً. الموظف الذي يتهرب من العمل. ثم يأتي آخر الشهر ليتقاضي مرتبه. لص فاسد وهو لا يقل خطورة عن الوزير الفاسد أو المسئول المنحرف الذي يستولي علي المليارات من المال العام من أراضي الدولة. ويجب ألا يمر بجريمته دون عقاب. والتاجر الذي يستغل المواطن فيحتكر السلعة أو يخفيها حتي يرتفع سعرها. هو فاسد وينبغي الضرب علي يديه حتي لا تختل الموازين وتنهار القيم التي تحافظ علي كيان المجتمع وتماسكه. والمنتج. الذي يغش السلع. ولا يبلغ عنه هو فاسد ومفسد. ولا يختلف عمن يتستر علي جرائم القتل والسرقة. ولابد من عقابه. وما أظن الفترة الفائتة. وما شهدته مصر من ثورتين متتاليتين. سوي نتيجة مباشرة للفساد الذي استشري في المجتمع وانتشر انتشار النار في الهشيم. كما يقولون. ومرة أخري فالدولة. ممثلة في الأجهزة الرقابية. مطالبة بمحاربة الفساد. مثلما تقوم بمحاربة الإرهاب.. فالفساد لا يقل خطورة عن الإرهاب!! لكن إذا كان بعض الجهلة والسوقة ومنعدمي الثقافة ينزلقون في أوحال الفساد والانحراف. سواء في المجالات التجارية أو الصناعية أو غيرها.. فما الذي يدفع وزيراً أو مسئولا كبيراً للتردي في هذا المستنقع العفن؟ لاشك في أن المسئول الذي وصل لهذا المنصب أو ذاك قد تحقق له ذلك لأنه "لائق اجتماعياً" و"لائق مادياً" وإلا لما ارتقي إلي هذه الدرجة. فما هو السر وراء اندفاعه للسقوط في الهاوية؟؟ ثم كيف يضحي بمكانته وسمعته ويجازف بما يمكن أن يجلب العار عليه وعلي أسرته وأبنائه. وهو في غير حاجة إلي المال الحرام؟؟ أليس للنفس البشرية من حد أقصي للشعور بالرضا والقناعة والاستغناء عن مد اليد إلي ما ليس من حقها. والامتناع عن التجرؤ علي استلاب حقوق وممتلكات الدولة والآخرين؟ يبدو أن الإنسان كائن فاسد!! اللهم إنا نعوذ بك من الفساد والمفسدين ونعوذ بك من نفس لا تشبع.