كلما طالعني ما يدور علي الساحة من تأزم مشكلة الخطاب الديني وصعود أشباه العلماء للساحة بجهلهم وقراءات لا تعدو القشور في علوم ديننا الحنيف يصرخ لسان حالي: يا خراشي.. والخراشي هو الإمام الشيخ أبو عبدالله محمد بن جمال الدين عبدالله بن علي الخراشي المالكي.. نسبة لقرية أبوخراش شبراخيت بحيرة وهو أول شيخ للجامع الأزهر ومن أكبر علماء الإسلام والذي لم يتول هذا المنصب إلا بعد أن بلغ الثمانين من عمره وذاع صيته شرقا وغربا فقد تلقي الشيخ تعليمه علي يد نخبة من العلماء والأعلام.. وقد درس الخراشي علوم الأزهر مثل: التفسير. والحديث. والتوحيد. والتصوف. والفقه. وأصول الفقه. وعلم الكلام. والنحو. والصرف. والعروض. والمعاني والبيان. والبديع والأدب. والتاريخ. والسيرة النبوية. وأيضا درس علوم المنطق. والوضع والميقات. ودرس أمهات الكتب في كل هذه العلوم سالفة الذكر علي أيدي شيوخ عظماء بعلمهم وخلقهم. وقد ظل الشيخ عشرات السنين يعلم ويتعلم. ويفيد ويستفيد من العلم والعلماء. وبات يضيف ويشرح ويعلق علي كل ما يقع بين يديه وتقع عيناه. فأفاد بلسانه وقلمه جمهرة كبيرة من العلماء الذين كانوا يعتزون به وبالانتماء إليه. والنهل من علمه الغزير. ومعرفته الواسعة ولم يبلغ مبلغ ما وصل إليه من أصحاب الكلمة المسموعة لدي الحكام والأمراء.. إلا لشدة تواضعه وعفته وخلقه الواسع والتحامه بالناس ورد مظالمهم فكانوا كلما ضاقت بهم المظالم صرخوا: يا خراشي.. فيلبي النداء ويقف معهم حتي ينتصر الله لهم.. تعلم علي يديه طلاب من شتي بقاع الأرض وقد سمقت مكانته بين العامة والخاصة علي حد سواء. فكان الحكام يقبلون شفاعته. وكان الطلبة يقبلون علي دروسه. وكان العامة يفدون إليه لينالوا من كرمه وعلمه. قال عنه الجبرتي: هو الإمام العلامة والحبر الفهامة. شيخ الإسلام والمسلمين ووارث علوم سيد المرسلين. وقد ذاعت شهرته أيضا في البلاد الإسلامية حتي بلغت بلاد المغرب وأواسط أفريقيا حتي نيجيريا. وبلاد الشام والجزيرة العربية واليمن. وقد مكن الشيخ من بلوغ هذه الشهرة انتشار طلابه وكثرتهم في أقطار عديدة. واشتهاره بالعلم والتقوي. كان الشيخ واسع العلم متنوع الثقافة. وخاصة في تفسير القرآن الكريم. وفي الفقه علي مذهب الإمام مالك بن أنس. لذا ترك مكتبة عربية وإسلامية ثرية بمؤلفاته التي امتلأت باللآلئ والجواهر. قلما يوجد لها مثيل. وله ما يقرب من الأربعين مؤلفا ومع كل هذا لم ينل جدي ما لإسلام بحيري وغيره من شهرة جاءت بالمخالفة للثوابت وبدراسة القشور من العلوم وفي سنة نصب نفسه عالما يهدم ما بناه السلف دون حجة منطقية ألا يجعلنا هذا نتوقف ونراقب كيف يهدمون ديننا الوسطي الحنيف.. قارنت أشباه العلماء بجدي الشيخ الخراشي الذي مازالت علومه تدرس حتي الآن وتذكرة لمشايخ هذا الزمان من رجالات الأزهر الذين يكتفون بأروقة الأزهر حصنا ويتركون علوم ديننا للعابثين والمتطلعين للشهرة ولو علي حساب هدم الدين.. أفيقوا أو اصرخوا قائلين يا خراشي.