شهدت السنوات الماضية مع تفجر ثورتي 25 يناير و30 يونيو.. تأثر العديد من الشباب بالأفكار المتطرفة بل واشتراكهم في أعمال إرهابية ضد أبناء وطنهم مما أدي إلي سفك دماء كثير من الأبرياء. والسؤال الذي يفرض نفسه ما هو الدور الذي يمكن أن تقوم به الأم لحماية أبنائها من السقوط في براثن التطرف والإرهاب؟ وجهنا هذا السؤال إلي عدد من خبراء وعلماء النفس والاجتماع في محاولة لتوجيه عدد من النصائح للأمهات للحد من هذه الظاهرة بل والقضاء عليها تماماً. تقول الدكتورة سامية الساعاتي أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس وعضو المجلس الأعلي للثقافة: هناك أسباب نفسية وفكرية واجتماعية تؤدي للانحراف الفكري عند الشباب منها ما يعود إلي الممارسات الدينية الخاطئة ومنها ما يتعلق بوسائل الاتصال الفراغ كما أن من أهم العوامل المؤدية إلي الانحراف الفكري مانشاهده الآن من انفلات إعلامي وثورة معلومات وتقصير في التربية من أحد الأبوين أو النزاع والشجار بينهما أو الطلاق. أشارت إلي أنه في الماضي كان هناك ما يسمي ب "صديق السوء" وكان يوجد في الشارع أو المدرسة أما الآن فقد أصبح موجوداً علي مواقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك" ويبعد أميالاً طويلة عنا. أكدت د. سامية أن العديد من الأسر تترك أولادها وبناتها يجلسون أمام أجهزة الكمبيوتر واللاب توب بالساعات بهدف التواصل مع الكثيرين في الداخل والخارج ولا تعرف شيئاً عما يدور في هذه الاتصالات وفي غرف "الشات". أوضحت أن هناك مشاكل أخري تؤدي إلي التطرف والانحراف الفكري علي رأسها البطالة والفراغ وضعف الأداء التربوي لدي بعض الأساتذة وكذلك تغيير نمط الحياة وما ينتج عنه من ظواهر مزعجة مثل السهر والمخدرات ووسائل الإعلام والإنترنت!! أكدت علي ضرورة تغيير منظومة التعليم الحالية بعد أن تحول التعليم إلي مجرد بيزنس للدروس الخصوصية وانتهي دور المدرسة تماماً. وتقول الدكتورة سميحة نصر أستاذ علم النفس بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية: إن الأسرة هي النواة الأولي للمجتمع وهي وحدة الأساس في بنائه لأنها تمثل جزءاً منه فعلي الأبوين مسئولية تربية الأبناء ووقايتهم من الحشرات. أضافت إن دور الأم كبير في إدارة أسرتها وتخريج نماذج حسنة من أبنائها ومن هذا المنطلق تعتبر الأم العنصر الأساسي في اكتشاف السلوك والفكر المنحرف لدي الأبناء ولهذا أصبح من الضروري إسهام المرأة في معرفة مؤشرات سلوك التطرف ووجود علامات مؤكدة علي ذلك وهو ما يستلزم من المسئولين في المجتمع وضع مرجعية ومنهج للأسر تساعد علي تمكين الأم من التعرف علي ملامح ومؤشرات التطرف الفكري. القدوة الحسنة قالت د. سميحة إن من أهم واجبات الأم نحو أبنائها أن تعطي من نفسها القدوة الحسنة لأبنائها وأن تكون علي دراية بالثقافة التربوية الشاملة لجميع مراحل العمر كما أن عليها أن تجعل مصادر ثقافة أبنائها نقية لا يشوبها شيء من الباطل والمغالطات وأن تجعل القرآن والسنة مصدراً لثقافتهم كما أن عليها أن تكون علي دراية بتقنيات العصر وبالأخص ما يتعلق بشبكة الإنترنت. أشارت إلي ضرورة ابتعاد المسئولين عن انتاج المسلسلات التليفزيونية التي تغذي نوازع العنف وتنشر الألفاظ الهابطة والأفكار الغريبة وانتاج مسلسلات تكشف مخاطر التطرف والإرهاب علي الشباب وعلي المجتمع ككل! المدرسة والمنزل وتري الدكتورة سهير لطفي أستاذ علم الاجتماع أن المشكلة تكمن في جهتين أساسيتين هما المدرسة والمنزل. قالت إن أول اتصال للابن بالحياة عن طريق الأم فهي تحمل وتربي وتسهر وهي المصدر الأول لإشباع احتياجات الطفل ورغباته واهتماماته النفسية والتربوية والفكرية مشيرة إلي أن تصرفات الأبناء ترجع في نسبة كبيرة إلي تصرفات الآباء والأمهات معهم وخاصة علاقة الأم بأبنائها فإنها وحدها العامل الفعلي والقيمة الملحوظة في نشأة تصرفات معينة دون غيرها لدي الأبناء. أكدت أن من أهم الأسس التي تجنب الأبناء الانزلاق في مهاوي الفكر المنحرف التركيز علي التنشئة الدينية وتكريس فكرة حب الوطن. مراقبة الإنترنت وتري الدكتورة آمال عبدالهادي رئيسة مؤسسة المرأة الجديدة - أنه يجب علي الأم أن تضع الإنترنت في مكان يسمح برقابتها له.. واعطاء الأم الموظفة الوقت الكافي لرعاية أبنائها بتقليص ساعات عملها مشيرة إلي أنه من الأهمية تفعيل لغة الحوار مع الأبناء وتربيتهم بالحب ومراقبة الله في عملهم ولا ننسي الدعاء لهم دائماً بأن يحفظهم الله من شياطين الإنس والجن خاصة في زمن الانفتاح علي الآخر الذي نعيشه الآن. الأم وحدها لا تكفي * تقول الدكتورة أميمة أبو بكر نائب رئيس جمعية المرأة والذاكرة: إن دور الأم في مواجهة الظاهرة الخطيرة لا يكفي بل لابد أن يكون هناك خطة قومية لأن الأمة كلها الآن في خطر مشيرة إلي أن هذه الخطة يجب أن يشارك فيها الجميع الأم والأب والمدرسة والمجتمع ككل لأن هناك مشكلة كبري تتمثل في البطالة فلا يوجد ما يشغل الشاب فينزلق إلي الانحراف الفكري. والانقلاب علي المجتمع بل محاولة تدمير هذا المجتمع بمنطق "عليَّ وعلي أعدائي". أكدت علي ضرورة أن تتضمن الخطة القومية أيضاً تنقية مناهج التعليم لتوعية الشباب ضد التطرف والإرهاب والتحذير من الأخطار الوخيمة للانحراف الفكري علي المجتمع ككل. البداية من البيت * تري سوسن حجاب رئيس جمعية حقوق المرأة السيناوية أن البداية يجب أن تكون من البيت من خلال مزيد من الاقتراب من الأولاد وملء أوقات فراغهم حتي لا تسمح لأحد بالاستيلاء علي عقولهم بالإضافة إلي التواصل بشكل مستمر مع المدرسة والمدرسين. أوضحت ضرورة استبعاد المدرسين الذين يبثون أفكاراً مضللة ويسيطرون بها علي عقول التلاميذ. أشارت إلي أن الأم داخل بيتها يجب ألا تنعزل عن أبنائها بل تسعي للتواصل معهم والتعرف علي مايشاهدونه عبر الإنترنت أو الموبايلات الحديثة لمنعهم من الاطلاع علي المواقع المتطرف والمنحرفة. العبء الأكبر توضح الدكتور هالة رمضان رئيس قسم التعليم بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن العبء الأكبر يقع علي الأم لأن التنشئة علي الفكر السليم تجعلنا قادرين علي مواجهة الإرهاب الذي يتسبب في فقدان الأمن والأمان في مصر وفقدان مصدر رزقها وأحياناً يتم استقطابها لتنفيذ مخططات الإرهابية. أكدت علي ضرورة حرص المرأة علي غرس حب الوطن وقيم الانتماء في نفوس أولادها وأسرتها فهي ضمان ودرع واقية للوطن من الأفكار الضالة والشاذة التي يحاول المروجون لها بثها في أذهان النشء لدفعهم للعنف والإرهاب. أضافت د. هالة أن الوعي الأمني لدي المجتمع يقع العبء الأكبر فيه علي المرأة التي تلعب دوراً محورياً إذا هي شعرت بالانتماء وعدم التهميش أو التمييز ضدها ومن ثم ينعكس ذلك علي الأجيال الجديدة. وتؤكد ميرفت أبو تيج المحامية بالنقض ورئيس جمعية أمي للتنمية علي ضرورة الاستجابة الفعالة لدعوة رئيس الجمهورية لبدء ثورة ضد التطرف وتجديد الخطاب الديني واظهار حقوق المرأة كما نصت عليها الشرائع السماوية ودعا إليها ديننا الحنيف وأهمية بلورة وإبراز هذه الحقائق بشكل فعال علي أرض الواقع. تشير إلي أن تفعيل الدستور الجديد وترجمته إلي قوانين وسياسات داعمة تحقق الرخاء والعدالة الاجتماعية وتكافح الفقر والأمية كعوامل مساندة لمواجهة خطر الإرهاب بالإضافة إلي أهمية تمكين المرأة اقتصادياً وسياسياً وتوعيتها بمجريات الأمور لتكون مسانداً لمقاومة الإرهاب. أضافت إنها تؤمن بمقولة "الأم مدرسة إذا اعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق" لذلك فلابد من العمل علي تمكين المرأة حتي تقوم بدورها علي أكمل وجه. مع السيدات تقول روحية عبدالنبي موظفة بأحد البنوك إن الأم المصرية عليها دور كبير في مراقبة أبنائها في الفترة الراهنة بعد أن تحركت قوي الإرهاب علي مستوي العديد من الدول العربية.. وقامت باستقطاب العديد من الشباب!! أكدت أنها قامت بتربية أبنائها علي أسس الحوار المتصل بينهما حتي لا يقعوا فريسة في براثن أصدقاء السوء!! أما سارة أحمد طالبة بكلية الآداب جامعة القاهرة الفرقة الثالثة فتؤكد أن الحل الأمثل لعدم استقطاب شبابنا في براثن التطرف والإرهاب هو خلق فرص عمل حقيقية لهم وتعيينهم بالوظائف المناسبة طبقاً لتخصصاتهم التي درسوها بالجامعة. وتري سامية عبدالعزيز مدرسة بإحدي المدارس الخاصة: أن المنظومة التعليمية عليها الجانب الأكبر في التصدي للتطرف والإرهاب بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي مع تغيير الخطاب الديني وضرورة تركيزه علي وسطية الدين الإسلامي.. بالتوازي مع دور الأسر المصرية في توجيه أبنائها لتوعيتهم بمخاظر الإرهاب والتطرف!!