صدمت حادثة التحرش الجنسي في شارع جامعة الدول العربية ثاني أيام عيد الفطر المبارك الرأي العام المصري وفرضت على الجميع العمل على عدم تكرار هذه الحادثة، واثارت عشرات علامات الاستفهام حول أسباب ما حدث ومن المسئول عنه؟ تقول نجوى عبد العاطى "موظفة" وأم لثلاث بنات أن من يقول إن لبس البنات هى سبب زيادة التحرش مخطىء لأن المحجبات أيضا يتعرضن للتحرش بالاضافة إلى سيدات كبيرات في السن و أمهات يصطحبن أطفالهن وأرى سبب ذلك أن البطالة والفراغ هما أهم أسباب قيامهم بالتحرش للبنات بسبب الفراغ الفكرى و الثقافى و السياسى الذى يعيشونه، ولذلك لابد من اشراكهم فى الأنشطة المختلفة وإجراء حوارات معهم و الاستماع إليهم و دعوتهم للاشتراك فى الأحزاب و النوادى السياسية والثقافية لأن الدولة لابد أن تحتضنهم مع الأسرة. وتنتقد فاطمة سيد "مترجمة" سلبية الكثيرين تجاه التحرش اللفظي قائلة إن الناس فى الشارع توقفوا عن ابداء الانتقادات لهؤلاء الشباب كما كان يحدث فى الماضى لينهوهم عن التعرض للبنات وتعنيفهم على ما يفعلونه. و يقول أحمد نجيب "أنا أب لأربع بنات مما نسمعه بشكل مستمرعن حالات التعرض للتحرش بالبنات أصبحت قلقا على البنات". غياب دور الأسرة وترى الدكتورة أمنة نصيرأستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر ترى ان هناك حالة من الانفلات الأخلاقي وان ذلك يعود في الأساس الى غياب دور الأسرة التربوي في تربية الأبناء وتربيتهم تربية اخلاقية ودينية كريمة بشكل يمنع قيام الشخص بالتحرش بأي فتاة أوسيدة تسيرفي الشارع . وترى الدكتورة نصير أن غياب التربية والوازع الديني لدى الشباب هو السبب الرئيسي لما يحدث من انفلات أخلاقي في المجتمع وان اسباب البطالة والفقر هى أسباب معاونة وليست أساسية مطالبة الأسرة ووسائل الأعلام بالتكاتف من أجل نشرالفضيلة والأخلاق الحميدة بين الشباب والأبناء. قانون يجرم أنواع التحرش السبعة ومن جهتها، قالت نهاد أبوالقمصان مديرالمركز المصري لحقوق المرأة إن المركز يناقش مشروع قانون جديد لوقف التحرش الجنس ساهم المركز في الإعداد له وسوف ينتهى المجلس القومي للمرأة من صياغته قريبا ، و يضع هذا القانون مفاهيم دقيقة لمعنى التحرش الجنسي وفق المعايير الدولية، وسيوضح طرق إثبات التحرش الجنسي، وطرق العقاب التي تصل إلى السجن والغرامات المالية. وقالت إن الصياغة النهائية للقانون لم تكتمل بعد، ولكن هناك جدية في إصداره، موضحة أنه رغم وجود بعض مواد القوانين التي تعاقب على خدش الحياء أو الاغتصاب فى قانون العقوبات المصري، الا أن مفهوم التحرش أبعد من ذلك بكثير وأعمق فالاغتصاب جريمة في حد ذاته وليس مجرد تحرش جنسي مثلا، والمركز يعرّف التحرش الجنسي بأنه "كل سلوك غير لائق له طبيعة جنسية يضايق المرأة أو يعطيها إحساسا بعدم الأمان". وذكرت أن هناك اتفاقاً على أشكال عديدة من التحرش منها: لمس جسد الأنثى، النظرة الفاحصة لجسد المرأة، التلفظ بألفاظ ذات معنى جنسي، الملاحقة والتتبع ، المعاكسات التليفونية و المعاكسات الكلامية. واكدت أن دراسة للمركز كشفت ان النساء المحجبات يتعرضن كذلك للتحرش و لذلك ترفض الحجة القائلة إن النساء يتعرضن للتحرش "لانهن يرتدين ملابس غير محتشمة". علم النفس: سلوك منحرف من شباب يشعر بالفراغ و عن رأى علماء النفس و الاجتماع ترى الدكتورة عزة كريم أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن ما حدث يجب عدم تهويله أو تهوينه, فهو سلوك منحرف من شباب يشعرون بالفراغ والملل والاحباط وضياع المستقبل, ولأن هؤلاء الشباب لديهم طاقة لم توجه في الاتجاه الصحيح فجروا هذه الطاقة في سلوكيات عشوائية للتسلية ولتفريغ الاحباط, وهذا السلوك يزداد في الاجازات لأنهم يتجمعون بشكل عشوائي ويحكمهم سلوك جمعي عقلي منحرف للتسلية وللانتقام من المجتمع الذي لم يعطهم حقوقهم المشروعة في فرص عمل وزواج وسكن, ويفرغون هذه الطاقة بالتعامل المتهور مع الجنس الآخر بالتحرش باللمس, وما حدث ليس تفريغا لطاقة جنسية لأنهم لم يشعروا بالمتعة الجنسية ولكن ما حدث هو نوع من التسلية للفت الأنظار بشكل سلبي أو شبه انتحار جماعي. وأضافت "لدي ظن يقترب من اليقين" أن هؤلاء الشباب المنحرف أنهم تعاطوا مخدرات ولا يعرفون ممارسة أي نوع من النشاط الرياضي أو الثقافي لحماية طاقتهم من الانحراف, وهذه مسئولية أسرهم أساسا, ثم المجتمع بشكل عام, ويتحمل التليفزيون والفضائيات جزءا من المسئولية بما فيه من عرض أغاني ومشاهد إباحية. وأضافت "لدي ظن يقترب من اليقين" أن هؤلاء الشباب المنحرف أنهم تعاطوا مخدرات ولا يعرفون ممارسة أي نوع من النشاط الرياضي أو الثقافي لحماية طاقتهم من الانحراف, وهذه مسئولية أسرهم أساسا, ثم المجتمع بشكل عام, ويتحمل التليفزيون والفضائيات جزءا من المسئولية بما فيه من عرض أغاني ومشاهد إباحية. وتري أن هؤلاء الشباب المنحرفين يعاكسون الفتيات باستمرار كغريزة بشرية ولديهم احساس بالعنف, ويجب أن نتعامل معهم بحكمة وليس بالقانون فإقرار قانون يغلظ عقوبة التحرش الجنسي ليس هو الحل, ولكن يجب وضع خطط طويلة المدي للاستفادة من طاقات الشباب من خلال الأنشطة الرياضية والثقافية بالمدارس والجامعات وسط غياب لمنظمات الشباب, فالشباب يشعر أنه لم يعد قادرا علي أن يحقق احتياجاته المعيشية وآماله في المستقبل في حياة كريمة من خلال فرص عمل ودخل يتناسب مع الأسعار وسكن وفرصة زواج. ومن جهته، أكد الدكتور هاشم بحري أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر أن العيد يعتبر لدي قطاع كبير من الشباب فرصة للانفجار ففي الأجازة خاصة أجازة عيد الفطر بعد "كبت رمضان" تكون هناك رغبة في الانفلات والانفجار, والدليل أن هذه الحادثة تكررت في عيد الفطر الماضي في وسط البلد، كذلك فإن المخدرات تعتبر عاملا مساعدا علي الانفجار الجماعي, فالمخدرات تقوم بإزالة سيطرة الضمير علي السلوك وتوقظ الغرائز بشدة, وهؤلاء الشباب الذين ارتكبوا حادثة التحرش الجماعي جاءوا من مناطق شعبية الي منطقة راقية( شارع جامعة الدول العربية) وتجمعوا علي فكرة واحدة وهي التمرد والانتقام من المجتمع الذي لم يعطهم حقوقهم الكاملة. وقال إن هذا التحرش الجماعي يطلق عليه في الطب النفسي( قوة ضغط الجماعة) فقد كان بين هؤلاء الشباب من يتردد في القيام بهذه الجريمة, ولكنه وجد الشجاعة عندما رأي من حوله يقوم بنفس الفعل لأن لديه نفس الاحباط ونفس مشاعر الرغبة في الانتقام, فكان ما جري من هؤلاء الشباب أشبه( بقعدة مزاج) وكان من الممكن أن يخرج انفجارهم في صور أخري مثل إشعال الحرائق أو تكسير واجهات المحلات والمنازل ليس بغرض الغضب ولكن من باب( الفرفشة). وأضاف أن ظاهرة التحرش الجماعي قد تبدو كأنها مداعبة جنسية بين شباب وفتيات, لكن المحتوى الحقيقي غضب شديد ويجب أن نتعامل معه باعتباره انذارا شديد اللهجة وأن نعالجه بفهم ووعي وليس بعصا الأمن الغليظة بل بالاستماع إليهم ومعرفة ما يدور في أذهانهم, وايجاد حلول عملية لمشكلاتهم. اقتراح انشاء صندوق لتزويج الشباب أحد الحلول لمواجهة الظاهرة طرحه، الشيخ جمال قطب من علماء الازهر رئيس لجنة الفتوى الاسبق بالازهر الشريف حيث دعا إلى إنشاء صندوق لتزويج الشباب، يتولى شئونه عدد من الجمعيات الخيرية التي تكون مهمتها تزويج الشباب وتذليل ما يكتنفهم من عقبات، كما تكون مهمة هذه الجمعيات محاربة الرزيلة بأشكالها وأنواعها والعوامل المؤدية إليها. وقال أنه يجب على الأسر أن تقوم بدورها نحو حماية الشباب والفتيات وضرورة الانتباه إلي كل تغير يلجأ علي أولادهن، والاستفسار من العلماء والمشايخ وأساتذة علم النفس عن ضرورة معالجة أي "داء"ربما يتعثر عليهم مواجهة إذا ما وجدوه في أولادهن.