تجري مصر ومنظمة الدول الأفريقية محاولات ضخمة مع حكومة السودان للاتفاق علي إجراء الاستفتاء بين الشمال والجنوب في موعده المحدد من قبل وهو 9 يناير القادم. وحتي الآن الشمال السوداني وجنوبه مختلفان حول منطقة البترول وترسيم الحدود ومناطق أخري. ومعني ذلك ان الاستفتاء لا يتم في موعده وان البديل هو الحرب بين الشمال والجنوب أو بعبارة أخري العودة للحرب بين الشمال والجنوب مما كلف السودان مليوني نسمة من أرواح السودانيين. ولو عادت الحرب فلن يستقر الشمال والجنوب وستتكرر المشكلة القديمة التي طالت سنوات وأدت إلي آثار سلبية راسخة في النفوس هناك وهنا تفرعت منها مشكلة دارفور. ولا أعرف لماذا لا يتفق الشمال والجنوب وهما سودان واحد وان كان الانجليز قد غرسوا الفرقة والخلافات وعمقوا الاختلافات الدينية وأصبح الشمال مسلما والجنوب إما مسيحيا أو بلا ديانة علي الاطلاق. وإذا أمكن أن يتم الاستفتاء في سلام فمن الواضح أنه سيسفر حسبما يقول الخبراء عن انفصال الجنوب والشمال.. وأمريكا فيما يبدو تؤيد هذا الانفصال وهناك دول - بينها إسرائيل - تؤيد إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط بتقسيمه من جديد وكأن التقسيمات الحالية لا تكفي. والآن.. من الذي يملك التسوية وتهدئة الأمور. السودان - أخيرا - فطن إلي أن الوحدة حيوية بالنسبة له. ولا نعرف أين كان السودان منذ الاستقلال عام 1960 ولماذا لم يعمل خطوة واحدة للحفاظ علي الوحدة ولماذا أهمل الشمال والجنوب تماما ولماذا ترك مشكلة دارفور تتفاقم وتتطور إلي حرب دامية طويلة. حان الوقت لتعرف الخرطوم ان تقسيم السودان أمر شديد الخطورة وأن عليها القبول إما باستقلال ذاتي لبعض مناطقه بنوع من الحكم الخاص لهذه المناطق فهي كبيرة الحجم تعادل دولا أوروبية كبيرة. وإذا لم تقم الخرطوم بخطوة كبيرة وإصلاح ما مضي فإن المستقبل لن يكون طيبا أو هادئا بالنسبة للسودان. وفي استطاعة الخرطوم أن تفعل الكثير إما للمحافظة علي رموز السودان أو الاحتفاظ بعلاقات طيبة بين السودانيين سواء انفصلوا أو ظلوا دولة واحدة وهذا أصبح حلما بعيد المنال!