أشعل الرئيس عبد الفتاح السيسي، فتيل السجال والحرب الكلامية بين المتخصصين والخبراء في مجال الموارد المائية، من خلال تحركه لإنهاء ملف سد النهضة الإثيوبي، حتى قبل نهاية العام الأول من وصوله إلى الحكم، حيث توعد ناخبيه بحل القضية في السنة الأولى لحكمه. وفجر السيسي حربًا كلامية لا انتهاء لها، بعد أن سربت مصادر قريبه منه، اتجاه الحكومة لحسم القضية بتوقيع اتفاقية "المبادئ" أو تقاسم مياه نهر النيل، وهي الوثيقة التي تضمن عشرة مبادئ تحكم العلاقات بين الدولتين "مصر وإثيوبيا" والتي أهمها: مبدأ التعاون، التنمية والتكامل الاقتصادي، التعهد بعدم إحداث ضرر ذي شأن لأي دولة، الاستخدام المنصف والعادل للمياه، التعاون في عملية الملء الأول لخزان السد وتشغيله السنوي، مبدأ بناء الثقة، ومبدأ تبادل المعلومات والبيانات، ومبدأ أمان السد، ومبدأ احترام السيادة ووحدة أراضى الدولة، وأخيراً مبدأ الحل السلمي للنزاعات. وذهب هاني رسلان، رئيس وحدة المياه بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية ب "الأهرام"، إلى الجزم بأن "مصر" تغرق نفسها بيدها بتوقيعها على اتفاقية تلزمها بالاعتراف بالسد الإثيوبي، الذي يقلل حصتها من المياه بأكثر من النصف، حيث تمثل فترة سنوات ملئ خزان السد الإثيوبي "فترة جفاف لمصر". وقال رسلان، إنه لا توجد أي مؤشرات أو رغبة تقول إن الجانب الإثيوبي مستعد للتعاون وفتح صفحة جديدة مع مصر، أو الوصول إلى تفاهمات بشأن ملف سد النهضة، لافتًا أن الجانب الإثيوبي يماطل في إعطاء مصر أي ضمانات بشأن ملف سد النهضة أو فيما يتعلق باستخدامها للمياه. وتابع، "مصر لها حق أصيل من حصة مياه نهر النيل، وليست دولة ضعيفة"، مؤكدًا أن "اتفاقية عام 1902 تمنع إثيوبيا من بناء أي سدود على مجرى نهر النيل". وقال مصدر مسئول بملف مياه النيل، إن الاتفاقية التي ستوقع مع الجانب الإثيوبي وتضمن مبادئ في التعامل وشكل العلاقة التى تربط، دول حوض النيل المتضررة من بناء سد النهضة، لن تمس الاتفاقيات التاريخية الموقعة بين دول حوض النيل وبعضها وإنما تأتي في سياق الإضافة إلى تلك الاتفاقيات بعد حدوث عارض وهو بناء السد الإثيوبي. وأوضح، أن اتفاقية "المبادئ" لن تكون الاتفاقية الأخيرة التي ستوقع بين مصر وإثيوبيا، وإنما ستكون بداية طيبة لسلسة من الاتفاقيات للاستفادة القصوى من مياه السد، مؤكداً أن "الجانب المصري حتى الآن لم يتأكد من نوايا إثيوبيا من الاتفاقية وهل ستلتزم بالتوقيع الكتابي أم لا". وهاجم الدكتور رضا الجمال، استشاري الأبحاث الجيولوجية بشركة التعدين المصرية، وزير الري الدكتور حسام مغازي، قائلاً إنه يخدع الرئيس عن وعى أو مغيب أو جاهل أو مفعول به. وأضاف: الوزير "يغامر بمصير أمة وهو لا يساوى قطرة مياه من النيل"، متسائلاً: "هل هو منفذ لسياسات خارجية محددة"؟، مضيفًا: "غير مشفوع له أو مسموح له إن كان يعلم ولا ينبه المسئول الكبير". وأكد الدكتور نادر نور الدين، الخبير المائي، أن "وزير الري لا ينطق إلا كذبًا ويخدع مؤسسة الرئاسة وسيطيح بالأمن المائي المصري من أجل أن يحتفظ بالمنصب، مستشهدًا بما قاله وزير الري الإثيوبي، وتكذيبه للوزير المصري، حينما قال إن إثيوبيا لم تناقش مع مصر مواصفات السد ولا سعة تخزينه وما قاله الوزير المصري كاذب تمامًا. يُذكر أن مصر ستوقع غدًا على اتفاقية المبادئ بعد زيارة يقوم بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى السودان ومنها إلي إثيوبيا، في الوقت الذي يحتدم فيه الصراع بين المؤيدين لتوقيع الاتفاقية والمعارضين لها.