يضفي توقيع الرئيس عبدالفتاح السيسي، على وثيقة "تقاسم مياه نهر النيل"، مع الجانب الإثيوبي، في السودان، الاثنين القادم، طابعًا شرعيًا على سد النهضة الإثيوبي، بعد اعتراضات في السابق على تشييده خشية تأثر حصة مصر من مياه نهر النيل. ووثيقة "المبادئ" أو ما تعرف بوثيقة تقاسم مياه نهر النيل، حتى الآن لم تظهر ملامحها أو المبادئ التي اعتمدت عليها. لكن مصادر مقربة من الدكتور حسام مغازي، وزير الري أكدت أن الاتفاقية "تنص على عدم اعتراض مصر على بناء سد النهضة، مقابل توقيع كتابي من إثيوبيا تتعهد فيه بعدم المساس بحصة مصر من المياه، بالإضافة إلي إشراك مصر في عملية إدارة سد النهضة". وكشفت المصادر أن "إثيوبيا تتحفظ حتى الآن على طلب مصر بتوقيع الاتفاقية والحصول علي تصريح كتابي بعدم المساس بحصة مصر من المياه، وترى أنه يكفي مصر إشراكها في عملية إدارة السد، معتبرة أن مصر بذلك حصلت على أكثر من حقها". وقال الدكتور نادر نور الدين، الخبير المائي ل "المصريون": "إذ وقع الرئيس عبدالفتاح السيسي على وثيقة التوافق بشأن سد النهضة يوم الاثنين في الخرطوم فسيصبح سد النهضة الإثيوبي سدًا رسميًا وشرعيًا تم بالتوافق والتراضي بين دول النيل الشرقي الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا". وتخوف نور الدين من "عودة التمويلات الأجنبية إلى السد مرة أخرى، وبالتالي يعود التمويل الدولي للسد فورًا، والبالغ 5.5 مليار دولار من بنك الصين الوطني ومليار دولار من إيطاليا ومثلها من كوريا الجنوبية، بالإضافة إلى موافقة البنك الدولي على طرح السندات الإثيوبية للتمويل بضمان السد". وأشار الخبير المائي إلى أن "الأيام القادمة ستشهد تسارع الخطى في بناء السد والانتهاء منه تمامًا قبل صدور التقرير النهائي غير الملزم للمكتب الاستشاري والخبير الدولي بعد 15 شهرًا من توقيع التوافق، وفي المقابل لا ضمان لحصة مصر من مياه النهر لأن إثيوبيا في نيتها الغدر بمصر والاستحواذ على كامل مياه النهر وأن موافقة مصر على سد النهضة هو موافقة على سلسلة مكونة من خمسة سدود". من جانبه، وصف هانى رسلان، رئيس وحدة المياه بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية ب "الأهرام"، مضمون الوثيقة المعتزم التوقيع عليها بأنه "غامض وغير مفهوم". وقال إن "هناك تناقضًا في مضمون الوثيقة"، متسائلاً: "كيف توافق إثيوبيا.. وفي الوقت نفسه لا تريد توقيع أي نص مكتوب"، مشيرًا إلى "استمرار الغموض والارتباك وعدم وضوح الرؤية: هل هناك توقيع أم لا؟". وأضاف رسلان "الصورة ليست وردة كما تراها الحكومة، ولو تدرى الحكومة كم المشاعر السلبية العميقة التي تختزنها إثيوبيا تجاه مصر ستدرك أن المسالة في نهاية الطائف توازن مصالح، وهذا ما تطالب به مصر، ولكن الآخرين يريدونها غير ذلك اعتقادًا بأن مصر في لحظة ضعف، وهذه هي خلاصة الموضوع". وشن رسلان هجومًا عنيفًا على وزير الري، قائلاً: "تصريحاته تنتاقض بعضها البعض، وكل مايقوم بفعله، هو التصفيق والتطبيل، وهذا السلوك وهذه النوعية من الخطاب لا تليق بوزير مسئول عن واحد من أخطر الملفات، خاصة وأن له سوابق في إطلاق سيل هائل من التصريحات والحوارات لا علاقة لها بالواقع، وتدل إما على السذاجة والاندفاع أو النقص المعيب في القدرة". يُذكر أن دول مصر وإثيوبيا والسودان قد اتفقت على توقيع اتفاقية المبادئ التي تحكم دول حوض النيل المتضررة من بناء سد النهضة الإثيوبي. وألزمت إثيوبيا، مصر بالاعتراف أولاً بشرعية السد، قبل الموافقة على الاتفاقية، في حين رأت الأخيرة أن الاعتراف بالسد مقابل إشراكها في إدارته هو الحل الأسلم لها، ولاسيما قبيل دخول السنة الأولي لحكم الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي تعهد بحل عاجل للأزمة في السنة الأولى لحكمه.