منذ ما يزيد عن شهر أثارت تصريحات الفريق سامي عنان بشأن "الدولة المدنية" جدلا كبيرا في وسط التيار العروبي والإسلامي المصري.. على الرغم من أنه لا توجد في التاريخ "حاجة" اسمها "الدولة المدنية". استاذ جامعي مرموق في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية د. مصطفى كامل السيد، قال ذات مرة أنه تأخر في إعداد رسالة الدكتوراة الخاصة به، لأن الأستاذ المشرف طالبه بأن يكون موضوعها عن "الدولة المدنية".. فيما لم يجد الباحث شيئا في الدنيا اسمه "الدولة المدنية". وتمشيا مع تصريحات عنان المثيرة للجدل، وافتراضا بوجود مثل هذه الدولة، فإنه من المتخيل أن يكون أحد اهم دعائمها احترام الدستور.. باعتبارها دولة مؤسسات دستورية.. واستنادا إلى هذه الفرضية، فإنه لا يمكن بحال اعتبار تصريحات المشير طنطاوي الأخيرة بشأن قانون الطوارئ، تتسق ومفهوم "الدولة المدنية" التي دافع عنها نائب رئيس المجلس العسكري. المشير طنطاوي رهن تجميد قانون الطوارئ بما وصفه ب"تحسن الوضع الأمني".. متجاوزا الاعلان الدستوري الذي يعتبر القانون ملغيا لا وجود له إلا إذا عرض على استفتاء شعبي جديد وأجاز المصوتون تجديد العمل به. المرجعية القانونية للمجلس العسكري، عقب الأزمة التي خلفها اعلان الأول تفعيل الطوارئ، قال في تفسيره إنه يستقي شرعية التفعيل من قرار الرئيس المخلوع.. ومجلس شعب 2010 المنحل.. وهو تفسير بالقياس إليه، فيكمن وضع شرعية المجلس العسكري موضع التساؤل مجددا. غير أن رئيس المجلس المشير طنطاوي كان له رأي آخر.. واعتبر الطوارئ مسألة تقديرية، ترجع لتقدير ورؤية صانع القرار.. وكأن البلد بلا دستور مؤقت ينظم مثل هذه المسألة. قانون الطوارئ مسألة قانونية ودستورية، وليس مسألة مزاجية أو تقديرية.. والاحتكام إلى ما يسمى بتحسن الوضع الأمني، يعتبر مرجعية "استك" يمكن مطها وفردها واللعب بها، والابقاء على هذا القانون إلى أجل غير مسمى. ويبقى أن نشدد مجددا.. إذا كنا حريصين فعلا على الدولة المدنية أو الديمقراطية فينبغي احترام الدستور.. ولا يجوز مطلقا أن يحل "شخص الرئيس" محل المنظومة القانونية التي يعتبر الدستور مهيمنا وقيما عليها.. ولا يفوتنا التأكيد على ان كلام المشير أعادنا إلى المربع الأول.. أي إلى مرحلة ما قبل 25 يناير. [email protected]