الكنيسة: القضية حبيسة الأدراج وأجهزة أمنية متورطة في الأحداث أربعة أعوام مرت على أهالي 26 قتيلاً وأكثر من 100 مصاب فى أحداث كنيسة القديسين بالإسكندرية عشية احتفالات رأس السنة الميلادية، بين أب فقد عائلته أو عائلة فقدت أباها ومصدر رزقها، ألم وحسرة وقهر لازمهم أربع سنوات كاملة، ربما كانت ثورة 25 يناير أحد أهم الأحداث التى جسدت ملامح الأمل فى نفوس ذوى الضحايا والمصابين؛ فالأمل كان يكمن فى أن تقتص الثورة من قلوب لم تعرف معنى الرحمة إلا أن الثورة لم تكمل الحلم بعد، فربما تكتمل الأعوام 5 أو 6 أو 10 وقاتل الضحايا لا يزال مجهولاً.. جانٍ ليس بين يدي العدالة، ومجني عليه ربما لا شيء لديه سوى أن ينتظر عدالة السماء، فهي وحدها التى لا تجاهل بالحقوق والقصاص. بعد الثورة المصرية ظهرت على صفحات الجرائد مستندات لم تداول مرة أخرى أكدت ضلوع وزير الداخلية المصرى آنذاك حبيب العادلى فى التفجير وتكليفه القيادة رقم 77 ببحث القيام بعمل من شأنه تكتيف الأقباط وإخماد احتجاجاتهم وتهدئة نبرة البابا شنودة اتجاه القيادة السياسية، وأن التفجير جرى بالتعاون بين الداخلية وأحد المعتقلين النافذين فى الجماعات المتطرفة ويدعى أحمد محمد خالد. تفجير كنيسة القديسين، سبقه استهداف كنيسة سيدة النجاة ببغداد سابقًا وكان تنظيم القاعدة فى بلاد الرافدين قد أعلن عن تهديده الكنيسة القبطية فى مصر بنفس المصير إن لم تطلق سراح كاميليا شحاتة ووفاء قسطنطين، وقتها أعلنت جماعة أنصار بيت المقدس مسئوليتها عن الحادثة إلا أن الاتهامات بدأت تتجه صوب تنفيذ جهاز أمن الدولة آنذاك بقيادة حبيب العادلى، وزير الداخلية الأسبق للحادثة، لكن الاتهامات لم تدم طويلاً فسرعان ما وقعت حوادث أخرى مشابهة للقديسين إبان ثورة 25 يناير جعلت القضايا جميعها مهمشة ربما لتزايدها فى وقت شهد ارتباك فى المؤسسات الأمنية للدولة وهو توقيت ثورة 25 يناير. ورأى عدد من القيادات الكنسية والأقباط فى مصر أن حادثة القديسين على الرغم من مرور 4 أعوام على وقوعها إلا أنها كانت الشرارة الأولى لبدء ثورة 25 يناير، لكنهم أكدوا أن الثورة كانت أملاً فى حد ذاته لمعرفة الجناة. بدوره قال رمسيس النجار، مستشار الكنيسة الأرثوذكسية، إن أحداث كنيسة القديسين التى وقعت فى أوائل 2011 أدت إلى انفجار ثورة 25 يناير، لكنه أشار إلى أن التعتيم يدور حول كونها مفتعلة بأيادٍ خارجية بتقصير من الداخلية وقوات الأمن والمخابرات فى معرفتها قبل حدوثها، مؤكدًا أن التاريخ سوف يظهر الحق والحقيقة إن لم يكن اليوم فالغد قريب؟ وأكد "النجار" فى تصريحات ل"المصريون" أن قضية القديسين لا تزال حبيسة الأدراج وقيد التحقيقات، لكنه استبعد ما أثير من اتهامات إبان ثورة 25 يناير تؤكد ضلوع حبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق فى تلك الأحداث وكونه مخطط العملية ومنفذها؛ مشيرا إلى أن القضية لم يكشف فيها عن المتهمين؛ كما أنه أشار أن الاتهامات توجه فى إطار تورط جماعات متطرفة رفض أن يسمها. وقال إن تفجير القديسين كانت مدبرة؛ حيث كانت تسير بخطى من أشخاص خارجين، ساعدهم على ذلك التقصير الأمني، من الداخلية والأمن الوطنى والمخابرات وكان يجب أن تكشف وقتها الحقيقة، مضيفًا أن الدولة بدأت فى استعادة سيطرتها الأمنية على البلاد بعد أن حاولت الشرطة بقدر الإمكان إعادة التهيئة لقواتها وعناصرها. من جانبه، اعتبر الناشط القبطي، هانى سوريال، أن النظام الحالى هو نفس نظام مبارك، وستتكرر فى عهده نفس سيناريوهات الماضى من حرق كنائس وقتل أقباط، وإلصاق كل هذه التهم بالإخوان فيما بعد، وهكذا تعيش وتستمر الكنيسة ويعيش النظام أيضًا. وتابع: "لقد قصرت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى متابعة حادث القديسين عندما قال الأنبا بولا فى حديث تليفزيوني: "إنه يرغب فى طي الماضى وفتح صفحة جديدة.. لن يقدم أحد للمحاكمة بأمر الكنيسة القبطية الأرثوذوكسية". على جانب آخر، قالت الناشطة الحقوقية نيفين ملك، القيادية بحزب الوسط، أن سبب عدم الإعلان عن الجناة الحقيقيين فى تفجير كنيسة القديسين يعود لغياب الدليل وعدم وجودة إرادة سياسية لدعم استقلالية القضاء ليقوم بدوره فى تحقيق عادل كاشف. واتهمت "ملك" النظام الحالى باتباع سياسة التقسيم، موضحة: "هى سياسة قديمة وتستخدمها الأنظمة المتعاقبة لضمان السيطرة، والطائفية إحدى الأدوات المجربة والتى تستخدمها تلك الأنظمة المتوالية بنجاح كبير وتستغل فيها تعميق التقسيم والاستقطاب الحاد لإضعاف المجتمع المدني الحي الذي يشكل تماسكه ووحدته خطرًا محدق لموازين القوى. وأضافت: "محاربة الطائفية والتقسيم والاستقطاب تكون بمزيد من العمل على تقوية الوعى الشعبى والنضوج المجتمعى الذى يؤمن بالحقوق والحريات ويحترم حق الآخر فى الخلاف وفى وحدة الهدف لبناء دولة مواطنة تحترم اختلاف الجميع وتقوى بمجتمع مدني حي". فى المقابل وصف الخبير الأمني العميد طارق الجوهري، النظام الحالى بالمستنسخ من نظام مبارك مع تغيير فى أسماء الرءوس ونهج قمعي أشد وتنحية حقوق الإنسان تمامًا بتأييد وتواطؤ دولي، بحسب كلامه. وأضاف: "النظام السابق كان يعتمد فى بقائه على تأجيج الصراعات على كل الأصعدة ويرهن بقاءه باشتعال الفتن بصفة مستمرة، والنظام الحالى بعد سقوط مبارك اكتشف أن هذا الرهان لم يستطع من خلاله البقاء على النظام، فغير بعض محاوره ورفع من شأن الكنيسة وكل التيارات المعادية للتيارات الإسلامية". وتابع: "نظام 3 يوليو غيّر من معادلة رهانه على البقاء من إشعال الفتن إلى محاربة الإرهاب بمفهوم أوسع يغرى المجتمع الدولى للاضطرار لمساندته، بعد أن اكتشف أن الرهان على إشعال الفتن فقط ليس كافيًا وأنه لابد من تغيير منهج الصراع ليصبح صراعًا بين العلمانية ومؤيديها ضد الإسلام السياسى ومرادفه الإرهاب". مجدى صابر المتحدث باسم اتحاد شباب ماسبيرو أشار إلى أن الإخوان المتهم الوحيد فى تلك القضية، قائلا إن هناك علاقة وثيقة بين منفذي حادث القديسين وبين جماعة الإخوان المسلمين. وقال "صابر" فى تصريحات ل"المصريون" إن أنصار بيت المقدس نفذت الحادث بتوجيهات من جماعة الإخوان بهدف حدوث فتنة وفوضى فى البلاد ساعدهم عليه التنظيم الدولى للجماعة. وتابع أن الاتهامات الموجهة وقتها للعادلي وغيرها كانت مثلها مثل الاتهامات الموجهة لمبارك والشرطة بالضلوع فى قتل المتظاهرين إلا أن المحكمة برأت مبارك والعادلي والشرطة من تلك القضايا، متابعًا: "الشعب المصرى عرف مَن كان يريد إحداث الفوضى فى البلاد ، وأضاف: "الإخوان لهم علاقة بكل الأحداث التى حدثت منذ حادث كنيسة القديسين. من جهته، اعتبر الناشط القبطي مايكل سيدهم، أن الأصل في الأمور أنه لا توجد احتفالات دينية مسيحية لدى الكنائس في ليلة رأس السنة؛ لأنها لا تمثل قيمة دينية خاصة، مبينًا أن تقويم الكنائس القبطية يختلف عن التقويم الميلادي الذي تستخدمه معظم كنائس العالم ولكن مع ارتفاع دور وأنشطة الكنيسة الاجتماعية داخل المجتمع المسيحي. وأضاف "سيدهم" أن المجتمع المسيحي انغلق على ذاته وزادت الاجتماعات والأنشطة والرحلات والمنتجات والأموال وهو الدور والحجم الذي أخذته الكنيسة فجعلت جهاز أمن الدولة والمخابرات يقترحان مخطط ليلة رأس السنة، كما تسرب لاحقًا بهدف تقويض وتحجيم نشاط الكنيسة والضغط على قيادتها المتمثلة في البابا شنودة الراحل الذي لم يرحب بزوار الكاتدرائية في ليلة العيد التالي للحادث بأيام قليلة في عظته كالمعتاد بالرغم من حضور كل من جمال وعلاء وزوجتيهما على غير المألوف، وذلك في 2010\2011 قبيل ثورة يناير بوقت قصير. وأشار: "لقد اختاروا تلك الكنيسة في الإسكندرية تحديدًا كونها واقعة في منطقة سبق أن شهدت حالة من الاحتقان الطائفي نتيجة لأحداث سابقة وبالرغم من كل هذه الوقائع التي باتت معلنة وظاهرة اليوم لم نجد أي محاسبة لأي أحد ولو على سبيل كبش الفداء حتى. وأكد أن الأمر جعل الغرب يستغل تلك الأمور للمتاجرة بدماء مسيحيي الشرق الأوسط الذين يلعب بهم بينما ينافق قادتهم ويكذبون ويضللون على عكس ما يعلمون وتعلمهم المسيحية حتى وجدنا أخيراً البابا الذي يطلق التصريحات السياسية والتحليلات أكثر من العظات أو الكتابات الدينية أو الاعتكاف باعتباره راهبًا في الأساس هو وكل أساقفة الكنيسة الذين يزداد نفوذهم وثرواتهم بمرور الوقت دون حساب أو رقابة شعبية نجدهم يتاجرون بتلك الأحداث والمواقف، وأشار إلى أنه على الرغم من أننا نقول هذا الكلام على مدى سنوات فلقد أصبح مملاً لدى الناس، فالأمر كله في يد الشعب وبالأخص لدى المسيحيين في هذه الحالة تحديداً فإما أن يتخذوا موقفًا حاسمًا من تلك الأمور أو يبقوا كالهباء الذي تزريه الريح عن وجه الأرض.