اتفق خبيران عسكريان وآخر سياسي على أن التفجيرات وأعمال العنف التي تشهدها مصر تفرض على رئيسها القادم طرح حل سياسي للأزمة بين السلطات الحالية وبين جماعة الإخوان المسلمين، المتزايدة حدتها منذ الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي في 3 يوليو الماضي. والحل السياسي، يقدره هؤلاء الخبراء بأنه سيكون اختبارًا صعبًا للرئيس المقبل (يتم تنصيبه 5 يونيو المقبل)، لكنه في ذات الوقت سبيله للحفاظ على استقرار البلاد، وإحكام السيطرة على الأمن الداخلي، معتبرين الحل الأمني وحده لن يسهم في حسم المواجهة مع الجماعات المسلحة في العاصمة القاهرة وشبه جزيرة سيناء (شمال شرق). وصباح اليوم شهدت مصر 3 انفجارات، اثنان منهما بسيناء، والثالث بالقاهرة، ما أسفر عن مقتل 4 وإصابة 12 آخرين بحسب حصيلة وزارة الصحة المصرية. ويعول مراقبون على أحد المرشحين الوحيدين، في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها يومي 26، و27 مايو الجاري وهما وزير الدفاع السابق عبد الفتاح السيسي، ورئيس التيار الشعبي حمدين صباحي، في تبني طرح حل سياسي للأزمة الراهنة. وفي ذات الاتجاه، يقول يسري قنديل، الخبير الاستراتيجي والعسكري في أكاديمية ناصر العسكرية، إن "استهداف قوات الأمن والجيش وإحداث القلائل سيتصاعد خلال فترة الانتخابات الرئاسية، وهو ما يعكس ضرورة الحل السياسي جنباً إلى جنب مع الحل الأمني". واستطرد قنديل أن "دافع الانتقام لدى كثير من الجماعات المسلحة يتسع يومًا بعد يوم، وبالتالي فوجود بيئة ملائمة للاستقرار السياسي سيضعف من قدرتهم على إثارة هذه القلائل". والحل السياسي كما يقول قنديل لوكالة "الأناضول" "يتعلق بالسماح لجماعة الإخوان المسلمين، وتحديدًا غير المتورطين في أعمال عنف، بالمشاركة في الحياة السياسية، والإفراج عن المعتقلين ممن لم يثبت ارتكابهم لعمليات جرائم". وفعليًا، وعد المرشحان الرئيسان الوحيدان بالإفراج عن المعتقلين السياسيين حال فوزهما برئاسة مصر. وقال السيسي، عند إعلانه الترشح، في مارس الماضي "أي مصري لم تتم إدانته بالقانون، شريك فاعل في المستقبل بغير حدود أو قيود"، بينما قال صباحي الأسبوع الماضي إنه "لن يستخدم سلطة التشريع (حال فوزه بالرئاسة) لحين انتخاب البرلمان، ولكنه سيستخدمها فقط فى إسقاط قانون التظاهر والإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين". وقال علاء عز الدين، الخبير العسكري والرئيس الأسبق لمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالجيش، إن "أعمال العنف والتفجيرات التي تشهدها مصر ستزيد وتستمر وتيرتها خلال الفترة القادمة وخاصة عقب الانتخابات الرئاسية، وهو ما يعجل بضرورة وجود حل سياسي للأزمة، وتبني رئيس مصر القادم لهذا الحل جنباً إلى جنب مع الحل الأمني". وفسّر عز الدين السبب في تزايد وتيرة أعمال العنف بأن "القائمين على تلك الأعمال يهدفون إلى دفع الدولة لمرحلة الانهيار أو عدم الاستقرار، والتأثير سلباً على الاقتصاد والسياحة، وبالتالي فلا يوجد سوى حلين، الأول طرح مبادرة للمصالحة مع من لم تتلوث أيديهم بالدماء، والثاني البدء في محاكمات عسكرية عاجلة وتنفيذ عقوبات رادعة لمن يثبت تورطهم في هذه الأعمال". وتفجيرات اليوم، اعتبرها مختار غباشي نائب رئيس "المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية" في مصر (غير حكومي)، "دليل على انسداد المشهد السياسي، وأن الحل الأمني ليس الوحيد، بل يجب على الرئيس القادم طرح حل سياسي موازي للأمن، بهدف الوصول إلى تهدئة في الشارع المصري". ورأى غباشي أن "وجود رئيس قادم وحده لن ينهي تطورات الأوضاع الأمنية الداخلية، ولكن طرحه لمبادرة مصالحة واضحة المعالم مع جميع القوى السياسية سيلعب دوراً كبيراً في تهدئة الأجواء، ومعرفة المسؤولين عن هذه العمليات، وضبطهم من خلال تكاتف حكومي ومجتمعي وسياسي". وقال مجدي قرقر، المتحدث باسم "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب" المؤيد لمرسي في تصريح سابق اليوم، إن "الأزمة في مصر سياسية، ولا يفلح معها الحلول الأمنية"، مطالبًا بحل سياسي للأزمة الحالية.