هناك اتفاق واسع النطاق بين معظم القوى السياسية حول ضرورة التحول الديمقراطي للمجتمع المصري ويشارك في هذا الاتفاق مؤسسات المجتمع المدني والمثقفون وأساتذة الجامعات والباحثون الديمقراطيون وبهذا فإن جبهة القوى الديمقراطية تمتد من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار وهناك العديد من المؤتمرات التي عقدت من أجل التطور الديمقراطي والعديد من الوثائق التي صدرت في هذا الإطار تطرح برنامجا متكاملا للإصلاح الديمقراطي تتضمن المتطلبات الأساسية لهذا الإصلاح. وهناك من يرى بوجود أفاق حقيقية للتحول الديمقراطي في مصر لأنها تملك الدعائم والمقومات الأساسية لهذا التحول فعلى الصعيد الثقافي يعد التسامح السياسي من القيم المقبولة أو المتبعة وعلى الصعيد المؤسسي بنية مؤسسية غنية ومتطورة وقابلة للممارسة الديمقراطية ومن أهم محفزات الدعم في طريق التحول الديمقراطي هناك ملمحان هامان هما مجتمع مدني فاعل قابل للنمو من جهة، واضطلاع الدستور والقضاء بدور فاعل لصيانة الحقوق والحريات من جهة أخرى متطلبات التحول الديمقراطي: وفي قراءة تحليلية للأدبيات الصادرة في الفترة من 1981 إلى 2005 حول التحول الديمقراطي والمجتمع المدني تبين أن هذه الأدبيات تطرح العناصر الأساسية التالية لبرنامج ومجالات الإصلاح الديمقراطي في مصر: 1- الإصلاح الدستوري والقانون. 2- تجديد النخبة السياسية. 3- إصلاح النظام الحزبي. 4- إصلاح النظام الانتخابي. 5- تدعيم دور المجتمع المدني. 6- تحرير أجهزة الإعلام من السيطرة الحكومية. 7- إصلاح أجهزة الدولة وإعادة الاعتبار لدورها. 8- تطوير عملية صنع القرار وتنفيذ السياسات العامة. 9- تكريس اللامركزية ماليا وإداريا وسياسيا. 10- نشر ثقافة الديمقراطية. 11- إصلاح السياسات الاقتصادية وتفعيل الإصلاح الاجتماعي ومن الواضح أن هذه العناصر تشكل في مجملها أهم متطلبات التحول الديمقراطي في مصر وتتحمل القوى الديمقراطية مسئولة العمل من أجل انجازها الأمر الذي لا يمكن تحقيقه بدون تنظيم نضالها المشترك في إطار جبهة للقوى الديمقراطية تحشد قطاعات جماهيرية واسعة خلف برنامج محدد يترجم هذه المتطلبات في أولويات نضالية محددة يربط بينها وبين مصالح هذه الجماهير ويوضح لها كيف أن التحول الديمقراطي وإقامة نظام حكم ديمقراطي بديلا عن النظام القائم هو الكفيل بحل مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية وإتاحة الفرصة أمامها للمشاركة بفعالية في تحديد السياسات العامة وأولوياتها وتمكينها من اختيار حكامها وتغيرهم دوريا من خلال انتخابات حرة ونزيهة.. لم تثبت القوى المطالبة بالديمقراطية في مصر حتى الآن أنها جادة في خوض معركة الديمقراطية في تنسيق يجمعها معا، ولم تثبت أيضا أنها مستعدة لدفع الثمن. وسيطول الأمر بمصر في ظل السلطوية وستظل الديمقراطية بعيدة المنال ما لم تحسم القوى الديمقراطية أمرها وتعمل بكل جدية من أجل بناء جبهة القوى الديمقراطية وتثبت في الواقع الفعلي أنها مستعد لدفع ثمن الديمقراطية في مصر.