أولياء الله هم أهل الإيمان والتقوى، الذين يراقبون الله تعالى في جميع أمورهم، فيلتزمون أوامره، ويجتنبون نواهيه. قال الله تعالى في سورة يونس: ( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ،الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ،لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) فكل من كان تقيا كان لله وليا و أن جزاؤهم ( لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ) فيما يستقبلون من أهوال القيامة ، ( وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) على ما وراءهم في الدنيا. وقال عبد الله بن مسعود، وابن عباس: أولياء الله الذين إذا رُؤوا ذُكِر الله. و تتفاوت الولاية بحسب إيمان العبد و تقواه ، و كل مؤمن له نصيبه من ولاية الله بحسب أعماله الصالحة العملية و القلبية التي يتقرب بها إلى الله ، و قد قسمها الله في سورة فاطر فقال عز وجل " ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ" ، فالظالم لنفسه و هو المؤمن العاصي له قدر من الولاية يتناسب مع إيمانه و أعماله الصالحة ، و المقتصد أعلى درجة منه ، و أما الدرجات العلى من الولاية فهي للسابق بالخيرات ، و الناس أيضا في تلك الأقسام تحت مظلة الإيمان متفاوتون. فولاية الله إذن ليست حكرا على طائفة من الناس دون أخرى و كل له حظه منها. و من أسباب اكتساب ولاية الله التي يرجوها العبد ما يسمى بالهدي الظاهر الذي حث عليه الشرع و أمر به و من ذلك ما كان عليه النبي صلى الله عليه و سلم من سمت ظاهر كاللحية و الثوب ، كما روى البخاري و غيره قول النبي صلى الله عليه و سلم " وفروا اللحى و أحفوا الشوارب " و ورد بألفاظ متعددة ، أعفوا ، أوفوا ، أرخوا و كلها روايات صحيحة ثابتة ، و كذا الثياب كما ورد في الحديث الصحيح " إِزرةُ المؤمنِ إلى أنصافِ ساقيْهِ لا جناحَ عليْهِ ما بينَهُ وبينَ الْكعبينِ وما أسفلَ منَ الْكعبينِ في النَّار . يقولُ ثلاثًا لا ينظرُ اللَّهُ إلى من جرَّ إزارَهُ بطرًا" ، و أما المرأة فقد اجمع العلماء على وجوب حجاب المرأة المسلمة بشروطه المعروفة في الكتاب و السنة و كونه فضفاضا لا يصف و لا يشف و اختلفوا في جواز كشف وجه المرأة من عدمه و هي مسألة علمية شهيرة ، و أقل ما يقال في شأن النقاب أنه مشروع ، و أن أزواج النبي صلى الله عليه و سلم كنّ على هذه الهيئة من الستر. و ليس المقصد تناول أمر الهدي الظاهر بدراسة أحكامه الفقهية من حيث الوجوب أو الاستحباب أو خلافه ، إنما بيان مشروعية هذا الأمر و أنه كان سمت النبي صلى الله عليه و سلم و أصحابه و أزواجه. لا يدعي الملتحون و المنتقبات أنهم قد احتكروا الولاية أو أنهم طائفة من دون الناس و لكن حسبهم أنهم امتثلوا هدي النبي صلى الله عليه و سلم الذي حث عليه و حذر من مخالفته دون الدخول في التفصيلات الفقهية ، و قد علمنا الاسلام أن نحكم على الناس بظاهر ما بدا لنا منهم لا نشق عن صدورهم و ضمائرهم ، فقلوبهم جميعا بيد الله تبارك و تعالى " يعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور " و عطفا على ما سبق نتساءل كيف يصل الأمر بكثير من المسلمين المصريين أن يعادوا أهل هذا السمت و يسعوا في إيذائهم و لا يراعون لبعضهم حرمة بل يتطور الأمر من بعض المعتدين أن لو اعتصم أحد هؤلاء بمسجد فرارا من بطشهم و عدوانهم لا يتورعون عن انتهاك حرمة المسجد - و هو على أي حال ليست حرمته كحرمة دم المرء المسلم- حتى انتهكت حرمات بعض المسلمين و سفكت دماؤهم لمجرد مظهرهم الذي يوحي بتدينهم و اعتدي على المساجد بل و أطلقت فيها النيران و سالت فيها الدماء و حرقت و خرب بنيانها ... يا لهول ما يحدث و إنه لنذير شؤم قد يعم الناس شره والعياذ بالله ، قال تعالى في سورة الأنفال "وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ". إن وعيد الله شديد لمن عادى المسلمين و آذاهم فقال تعالى في سورة الأحزاب " وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا" و حذر النبي صلى الله عليه و سلم من ايذاء المسلمين و معاداتهم فقال فيما يرويه عن ربه " من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب " و لأن لكل مؤمن حظه من الولاية كما ذكرنا فمن عادى أي مسلم بغير جريرة و لا ذنب و لا بينة اللهم إلا ترهات الاعلام و كذبهم و و جرأتهم على الباطل و رمي الناس و اتهامهم بالإفك و البهتان فقد دخل في هذا الوعيد الشديد ، فمن يجرؤ على منابذة الله بالحرب. و من عجيب استدراج الله لأهل العدوان و البغي هو حلمه سبحانه بمن عصى و تعدى ، فقد جرب هؤلاء القتل و الاعتداء و انتهاك بيوت الله و حرمات الناس ، ثم لم يروا صاعقة من السماء أو زلزالا من الأرض أو خسفا أو مسخا ، فظنوا أنهم على شيء فتمادوا ، و ما علم هؤلاء المساكين قوله صلى الله عليه و سلم " إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يُملي للظَّالمِ . فإذا أخذه لم يُفلِتْه . ثمَّ قرأ : {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}. فليغتر الظالمون و ليتمادوا في طغيانهم ، فقد يكون إنزال العقوبة بهم في الدنيا أرحم لهم مما ينتظرهم من أليم عقاب الله تعالى في الآخرة ، و عند الله تجتمع الخصوم.