الإخوان ظاهرة إنسانية، يعتريها ما يعتري البشر من "نجاحات" أو "فشل".. وفي العمل السياسي، فإن للفشل فاتورة ينبغي أن يسددها الفاشلون.. هذه بديهية من بديهيات التقاليد الحاكمة لأي جماعة سياسية، تحترم نفسها، وتحترم الرأي العام داخلها أو خارجها. والجماعة فشلت في "سنة أولى" حكم.. هذه حقيقة لن تغيرها، التفاصيل الأخرى، قد يتحدث أنصارها عن المؤامرات وعن "الانقلاب".. وعن الفلول والأقباط وأطفال الشوارع.. وهي في مجملها قد تكون "مشجبًا" لتعليق الفشل عليه.. ومع افتراض وجودها وأنا لا أنكر أن جانبًَا منها قد يكون صحيحًا فإن ذلك لا يعني منح "الفاشل" جائزة على فشله. الجماعة لم تدرك أن السياسة هي "إدارة المتناقضات"، وليس الصدام بها، إلا أنها تحولت إلى "قوة نقيضة" لكل مؤسسات الدولة، فانتهى بها الأمر، على هذا النحو الذي شاهدناه على خلفية الصورة التي ظهر فيها الفريق عبد الفتاح السيسي، وهو يتلو قرار عزل د.مرسي. صخب الميادين في رابعة وفي النهضة، يخفي "سؤال الفشل"، لأنه ربما يفسر، سبب علو كعب الأصوات المنادية بالتصعيد، واختفاء الأصوات التي تميل إلى التهدئة.. لأن الاعتراف بالفشل، يقتضي محاسبة "الفاشلين" وهم معروفون بالاسم، يتحصنون في الحشود المقيمة في رابعة منذ أسبوعين تقريبًا. قبل عزل د.مرسي، قرأت أدبيات شابة، من داخل الجماعة، وعرفت منها أن اتجاهات جديدة، لم تعد تخفي تذمرها، من الأداء السياسي السيئ للقيادات العجوزة والمسنة والمهيمنة على أوعية وقنوات تمرير القرارات السيادية داخل التنظيم. تلك الأصوات كانت مقموعة، في ظل الصعود السياسي للجماعة، بوجود قيادي منها على رأس السلطة في مصر.. غير أنها باتت محررة الآن، بعد خروجه من قصور السلطة، وعودة الجماعة مجددًا إلى صفوف المعارضة. قادة الجماعة، تحشد اليوم في الميادين "فداء للشرعية"، فيما لم يسأل أحد: ومن أضاع هذه الشرعية بعد أن كانت بين يديه؟! هذا هو السؤال الذي ما انفك يتحسس عن موضع قدم له، وسط تلك الحشود التي يتخفى خلفها المسئولون عن "نكسة" الجماعة، وعن "محنة" الرئيس السابق. في تقديري أن الوقت قد حان، لشباب الحركة، ليتولى القبض على زمام الأمور، وأن يحيل كل قادة "الفشل" إلى التقاعد.. إذ لا يمكن بحال أن يكافأ "أمراء النكسة" بتركهم يعتلون منصة "رابعة العدوية" ورقاب الناس.. ليمارسوا عليهم دور "القادة المنتصرين". ينبغي أن يحاسبوا على دورهم في إضاعة "الحلم" الذي قدمت من أجله الإخوان تضحيات كبيرة على مدى 80 عامًا من المحن والملاحقات الأمنية والقضائية. لقد ضاع حلم مائة عام.. في ثلاثة أيام.. فكيف يفلت الجناة من الحساب.. إن الكلام عن عودة الشرعية عبث، والتصعيد لن يخدم، إلا الهاربين من احتمال فتح "جردة حساب".. فعودة مرسي لن تحل المشكلة.. وإنما عودة العقل المستلب وإفاقته من تلك الغيبوبة التي يريدها الفاشلون أن تطول إلى أجل غير مسمى. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.