غلق مجمع التحرير ثلاثة أيام من قبل مجموعة قليلة العدد يمثل علامة استفهام كبيرة بشأن قدرة حكومة قنديل على أداء واجباتها نحو أمن المواطن ومصالحه. يظهر فيديو بثه أحد المواقع الشهيرة اثنين أو ثلاثة يقفون على حاجز حديدي أمام المجمع لمنع الموظفين والمواطنين من الدخول. بالطبع تضرر الكثيرون الذين كانوا في حاجة إلى تجديد جوازات سفرهم، ومنهم من حجز تذاكر السفرة للعمرة أو لمكان عمله في الخارج وضاع عليه الحجز، ولم تفلح توسلاته مع السادة الذين قالت عنهم جريدة الجمهورية في عنوانها الرئيسي صباح ذكرى تنحي مبارك "مجمع التحرير مغلق لليوم الثاني على التوالي بأمر الثوار". ومع أن الصحيفة الحكومية قصدت في الواقع تشويه صورة الثوار في ذكرى التنحي، إلا أنها أعطت انطباعا بأن الثوار قوة ثانية تقود البلد وتتحكم في مصالح العباد، فيما لا تتجاوز سلطة مرسي وحكومته قصر الاتحادية الذي تحصن داخله بأسوار عالية شيدها الحرس الجمهوري لمنع المتظاهرين من اقتحامه.. أي مهانة ومذلة لمنصب الرئيس أكثر من ذلك؟! وحتى بعد أن انفض المتظاهرون، يعجز الحرس الجمهوري والأمن المركزي عن طرد الباعة الجائلين من أمام القصر، كأنهم يبيعون الفول والطعمية لموظفيه وأولهم رئيس الجمهورية! نعم.. إغلاق مجمع التحرير فزورة كبرى، لأن الدولة موافقة عليه أو صاغرة له، علمًا بأن أعداد المعتصمين في ميدان التحرير لا تزيد على عشرات ينامون في خيام قليلة وينظمون دورة لكرة القدم. ثم زادت الفزورة تعقيدًا بتصريح اللواء سيف الإسلام عبد الباري رئيس مجلس إدارة المجمع في مداخلة هاتفية مع برنامج "هنا العاصمة" الذي تقدمه لميس الحديدي على شاشة cbc معلنًا فتحه ابتداءً من يوم الأربعاء، وأن شباب الثورة ساهموا في فك الحصار، ومن أقدموا على إغلاقه شباب غير معروفين، ولكن تم التعرف على بياناتهم، وهم مجموعة قادمة من منطقة بشتيل في إمبابة. ألم تكن الأجهزة الأمنية تعرف ذلك، وعلى افتراض أنهم مجموعة قادمة من بشتيل، فكيف تم التعرف على بياناتهم إذا كانت الأجهزة المنوط بها ذلك مشغولة عن مصالح الناس وما يهدد أمنهم، وإلى متى ستظل الدولة تحبس نفسها مذعورة في القصر، وتخشى الاقتراب من ميدان التحرير لمنع أي تجاوزات للقانون في تلك المنطقة الصغيرة التي لا تزيد على كيلو متر واحد؟! يغضب البعض عندما نسأل عن مدى فهم الدكتور مرسي لدوره كرئيس للجمهورية، وعدم تقديم ما يبرهن على نجاحه في إدارة الدولة والدفاع عن حقوق مواطنيه، فماذا علينا أن نقول ونحن نرى بلدًا في عهده لا يستطيع أن يتنفس بسبب أمن غائب وفوضى عارمة؟! مرسي هو رئيس شرعي للبلاد، لا عاقل يجادل في ذلك، لكنه يحتاج إلى مساندة من كفاءات حقيقية وليس مستشارين على سبيل المجاملة كما فعل عقب انتخابه. إنه يحتاج إلى حكومة كفاءات مستقلة وقوية تتمتع بالصلاحيات التي يمنحها الدستور الجديد وتشرف على انتخابات برلمانية خلال مدة لا تزيد على 6 شهور. ترك مجمع التحرير مغلقًا ثلاثة أيام من مجموعة شباب من بشتيل أكبر دليل على مستوى أداء الدكتور مرسي وقدرات رئيس حكومته الذي يبدو أنه وجد في الدعوة لنظافة صدور المرضعات ساحة مأمونة العواقب بدلًا من المغامرة بفتح أبواب المجمع الذي يضم 28 هيئة حكومية. [email protected]