المشهد نفسه يتكرر كل جمعة.. المظاهرات تبدأ سلمية وتستمر حتى المساء ثم تتحول إلى عنف وحرائق ومولوتوف موجه ضد قصر الاتحادية أو قصر الحكم الذي لم نره في تاريخ مصر بهذا الضعف والاستهانة والخذلان. يوم الجمعة السابقة ونش يحاول اقتلاع بوابته، ثم الجمعة التالية، أول أمس، حبال وقطع حديد تقتلع الأسلاك الشائكة، وشباب يتسلق أسواره، ومحاولات لاقتحام البوابة 5 التي يدخل منها الرئيس مرسي، ثم إعلان من قائد الحرس الجمهوري بأن الحرائق تشتعل داخل القصر بتأثير قنابل المولوتوف التي يلقيها الشباب. ننتقل إلى ميدان التحرير حيث يغلق المتظاهرون مجمع الخدمات الشهير المعروف بمجمع التحرير احتجاجًا على التعرض للمتظاهرين في عدد من المحافظات. في الإسكندرية المتظاهرون يحاولون باستماتة اقتحام قسم سيدي جابر وحرب عنيفة في الشوارع الجانبية. وفي الغربية المحاولات متكررة لاقتحام مديرية الأمن، وفي كفر الشيخ لا يقل الأمر سوءًا. أما في محيط منزل الرئيس بالزقازيق فجرت عمليات كر وفر بين المتظاهرين الذين يحاولون اقتحامه وبين الأمن الذي يواجههم بالغازات المسيلة للدموع. لكن الأمر اختلف كلية في بورسعيد التي رفعت علمًا مختلفًا عن علم الدولة المصرية، علم ألوانه خضراء وبيضاء وسوداء، وفي المنتصف منه كتب بالخط العريض "دولة بورسعيد".. كناية عن ولادة دولة مستقلة وإلغاء علم الدولة الأم. أدري أن هذا هزل، لكنه أيضًا كناية واضحة عن غياب الدولة التي تلطش في عقر دارها ورمز سيادتها – قصر الحكم – فيما تقابل ذلك باستسلام مدهش يدفع إلى التساؤل: هل فعلًا لا تستطيع أن تدافع عن نفسها سوى بكلام لا يسمن ولا يغني من جوع يكتبه هشام قنديل على صفحته بالفيسبوك؟! هل مشهد العبث المتكرر أمام قصر الاتحادية يريح الرئيس مرسي وحكومته فيتركانه ثم يأتيان بسلاح المهندسين في الجيش في وسط الأسبوع ليصلح ما أفسده المتظاهرون يوم الجمعة، على النحو الذي جرى به لحم البوابة التي خلعها أو حطمها الونش في جمعة الأسبوع الماضي؟! وهل الاغتصاب الوحشي لعشرات النساء في ميدان التحرير يجري في دولة أخرى أو في بلاد الواق واق فلا تهتم به الدولة ولا تعيره اهتمامًا باعتبار أن الميدان خارج عن سيادتها. شهدنا وسمعنا الفتاة التي تحدثت عن اغتصاب العشرات لها بعنف شديد في محيط محل كنتاكي بميدان التحرير، وكيف كان الهدف فض غشاء بكارتها فحسب وليس ممارسة الجنس معها. أظن أن الرئاسة ليست في حاجة لتوجيه من البيت الأبيض لتحقق في تلك الاغتصابات التي تبدو ممنهجة والكشف عن مرتكبيها، لأنها بالفعل عاجزة عن إدارة دولة تحولت إلى كانتونات شبه مستقلة ذات سيادة، ولم تعد الرئاسة بحرسها تسيطر سوى على داخل القصرالجمهوري فقط! ليس عذرًا أن تلقي بمسئولية ذلك على المعارضة.. فما معنى أن تكون هناك حكومة ورئيس للدولة وأجهزة أمنية وقيادات سياسية؟ لكن الدولة أصبحت في ذمة الله والتاريخ.. اقرأوا لها "الفاتحة"! [email protected]