هل هذا العنف الذي نشاهده في الشارع الآن والتخريب والحرق وتعطيل المصالح وإتلاف ممتلكات الدولة وممتلكات الأفراد...هل هو عقاب تنزله جبهة الإنقاذ بالشعب المصري الذي جاء اختياره برئيس على غير الهوى الأيديولوجي لأحزاب الجبهة ؟؟ أم هو عقاب للشعب المصري على موافقته على الدستور الذي ترفضه الجبهة ؟؟ أم هو عقاب للشعب على عدم استجابته لها في دعوتها للتظاهر لإسقاط النظام والدستور؟؟ هل الشعب مسؤول عن فشل أحزاب الجبهة في التواصل معه وعدم نجاحها في اقناع الشارع بمطالبها السياسية وبرامجها الحزبية التي تروج لها دائما وأبدا على أنها مطالب الشعب وصوت الشعب بينما تثبت الاستفتاءات والانتخابات والمليونيات أنها عكس ذلك ، وأنها مطالب أقلية جماهيرية لا أغلبية شعبية ؟؟ إن أحزاب الجبهة التي تطلق على نفسها القوى المدنية اختارت الابتعاد عن الشارع ونبضه، وعن الاحتكاك بالناس ومعايشة مشاكلهم وتقديم المساعدة لهم، وقنعت من ذلك كله بالحضور الطاغي على الفضائيات ليلا ونهارا صباحا ومساء وحسبت أن هذا يقوم بدور ذاك، مع أنه حتى حضورها الفضائي تحول إلى وصلات سب وتسفيه دائم للخصوم وانتاج متتابع للشائعات والأكاذيب التي لا تلبث أن تنفضح وينفضح معها مروجوها ؛ ما يهدم الثقة في كل ما تقوله تلك القوى وما تطرحه. لقد استمع الشعب إلى تلك القوى وهي تنادي بأن الديمقراطية هي الحل وأن من حق المواطنين أن يختاروا الأشخاص والمؤسسات التي تمثلهم ، وأن قواعد الديمقراطية تقتضي الأخذ برأي الأغلبية في الاستفتاءات والانتخابات، وأن تعتبر تلك النتائج هي رأي الشعب وإرادته التي ينبغي للجميع احترامها ، أقلية قبل أغلبية . ولكن الشعب فوجئ بتلك القوى ورموزها الذين يعلمون الناس الديمقراطية والمدنية يصرحون بأن الرئيس المنتخب غير شرعي ، ويدعون إلى إسقاطه بآلية البلطجة والفتونة، كما فوجئوا بأن تلك القوى تزعم أن الدستور باطل وغير شرعي حتى وإن وافقت عليه الأغلبية ، بل فوجئوا بأن أولئك الرموز صار ديدنهم الآن أن الديمقراطية ليست هي الاحتكام إلى الصندوق ، وأن افرازات الصندوق غير شرعية ولا مقبولة ، وأن إسناد تكوين المؤسسات إلى التعيين ونحوه من الاجراءات هو الحل الأمثل، وأنه ينبغي منع الأميين من المشاركة في الاستفتاءات ، أو أن يكون صوت النخبوي يقابل صوتين من أصوات عموم الناس ...إلخ تلك الآراء الفاشية التي هي تنكب صراح عما كانت يدعون إليه من قبل الثورة . كما قد صدم الناس في تلك القوى المدنية- التي كانت تعتبر نفسها المتحدث الرسمي باسم الثورة وتجعل من سواها قافزا عليها – تضع يدها في أيدي رجال الحزب الوطني، وتدافع عن الفلول في مؤسسات الدولة الذين كانت بالأمس تنادي بتطهيرها منهم ، بل وتستعين بأولئك الفلول في معركتها السياسية مع النظام . ثم كانت الطامة الكبرى بانتشار العنف والفوضى والتخريب في المظاهرات التي دعت إليها الجبهة في ذكرى الثورة وجعلت من مطالبها إسقاط النظام وإسقاط الدستور ، فهل رأت الجبهة وفلول الحزب الوطني أن الحل الان هو الانتقام من الشعب المصري الذي قام بالثورة ضد مبارك ونظامه مما أضر بالفلول ، واختار رئيسا إسلاميا تبغضه القوى المدنية ووافق على الدستور الذي لا ترتضيه تلك القوى مما أضر بتلك القوى المدنية، وألجأها هي والفلول إلى إعلان الحرب على الشعب وإشاعة الفوضى في الشارع وتخريب المؤسسات وتعطيل المرافق وإحراق الممتلكات لتأديب هذا الشعب الذي لم يرضخ لإرادة الفلول بالأمس ولا لإرادة العلمانيين اليوم؟؟ هل حان الآن وقت إنزال العقاب بأغلبية هذا الشعب على أيدي الفلول والقوى العلمانية التي تزعم أنها مدنية ؟؟ وهل يدفع الشعب فاتورة اختياراته السياسية التي يرى الفلول والعلمانيون أنها خاطئة ؟؟ لقد عرفنا معركة الفلول المستمرة منذ قيام الثورة إلى اليوم مع الشعب والتي كانت لا تتوقف على إثارة الأزمات الاقتصادية والأمنية في الفترة الانتقالية ، لكن لم نكن نتوقع مطلقا أن تدخل القوى العلمانية لاعبا جديدا في المعركة وتتحد مع الفلول وتخوض المعركة بإثارة الفوضى وترويع الناس وسرقة الممتلكات وإحراقها. أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]