لا شك أن الإعلان الدستورى الأخير أبدى مرونة شديدة من الرئيس وفضح الهولوكستاوى وأبو الفلول وواحد خمنا وصاحب القفا الشهير وشركاءهم من مقاولى علمنة وهدم الدولة المصرية ووضعهم جميعًا فى مأزق أمام الرأى العام، وأوجد مخرجًا من مؤامرة كادت أن تتسبب فى لبننة مصر لو لم يتم تداركها. كما وضع الإعلان الدستورى حدًا لما أثير من تخوفات بشأن بيان القوات المسلحة الذى بدا فضفاضًا وهلاميًا يترك لمن يفسره العنان أن يفسره حسب الأهواء حتى أن البعض ذهب إلى أن الجيش سينحاز للشعب ضد الرئيس، وذهب البعض إلى أن الجيش سينحاز للرئيس باعتباره اختيار الشعب الذى تم من خلال الصناديق بما يذكرنا ببيان الجيش قبل خلع مبارك ويضعنا فى حيرة. ولاشك أن ما حدث من حرب شوارع وفوضى وحرق وتدمير الممتلكات الخاصة وقتل الأبرياء هو من فعل الفلول ونخبة الندامة والإعلام القذر كآخر ورقة يلعبون بها حتى لا يتم الاستفتاء، ويطبق العزل السياسى محاولين ركوب موجة الحشود الرافضة، والادعاء بأنهم يحركون تلك الحشود، وهم أضعف من ذلك بكثير، وأعتقد أن تعديل الإعلان الدستورى جاء استجابةً لرغبة المتظاهرين السلميين وليس لرغبة البيض الفاسد الذى تجمع فى سلة واحدة سميت بجبهة الإنقاذ الوطنى التى لا تدخر جهدًا لإطلاق البلطجية بين المتظاهرين السلميين وتحويل الخلافات السياسية إلى أعمال بلطجة لإسقاط هيبة الدولة وإسقاط شرعية الرئيس المنتخب تمهيدًا لعلمنة الدولة. وعلينا أن ندرك أيضًا أننا ندفع الآن ثمن إسقاط نظام مبارك دون أن نسقط معه أدواته وإعلامه الفاسد ومعارضته الكرتونية بقياداتها المستأنسة وندفع أيضًا ثمن وقوعنا فى فخ تفويض المخلوع للعسكر الذين ساهموا فى إدخال مصر فى دوامة من المجازر والكوارث وافتعال الأزمة تلو الأخرى للضغط على المواطن المصرى البسيط وتجويعه وتهديد أمنه وأمن عائلته ليكفر بالثورة ويترحم على أيام مبارك. ويجب أيضًا أن نعترف بأن تيار الإسلام السياسى أيضًا له تصرفات تحتاج لمراجعات وبعض الأخطاء الفردية التى تسهل لسلة البيض الفاسد والفقاقيع النخبوية الحاقدة على الإسلام أن تستغلها لخلط الأوراق وتزوير الحقائق لتشويه الإسلام وخداع البسطاء لتمويت العصب الإسلامى فى مصر. وستكون القشة التى ستقسم ظهر البعير هى أن يتدفق المصريون على صناديق الاقتراع بأعداد كبيرة بغض النظر عن نتيجة التصويت ليؤكد الشعب المصرى أنه صاحب الكلمة الأولى والأخيرة ومصدر السلطات وأن أى خلافات سياسية لا يحلها البلطجة وإنما الحوار الموضوعى والحلول الديمقراطية. والواجب الآن على كل مصرى أن يستغل الأيام الثلاث المتبقية فى قراءة الدستور قراءة متأنية متجردًا من انتماءاته الحزبية والأيدلوجية، وألا ينساق وراء الإعلام الأسود وأن يقرر موقفه من التصويت بعد أن يحصى المميزات والمكتسبات الجديدة، ويضع أمامها ما لم يرضى طموحه فى وضع مقارنة، وأن يكون التغليب فقط للمصلحة العامة وليس لمصالح خاصة. فمصر الآن تنتظر عهدًا جديدًا تتشكل ملامحه من رحم الفتن والمؤامرات التى ألمت بها على مدار ما يقرب من سنتين ونحتاج فقط لقليل من الصبر وكثير من الإيمان وثلاثة أيام تمر بسلام لتكتمل مؤسسات الدولة وتدق ساعة العمل التى توقفت طويلًا. [email protected]