القناة التي يملكها نجيب ساويرس خصصت برنامجها "صباح أون" يوم أمس للتحريض على ثورة ثانية وتنوعت مقابلاتها ما بين صحفي صغير قالت إنه عضو في حزب الدستور، والأمين العام لما يسمى الحزب الشيوعي، وعضو في الحزب الديمقراطي الاجتماعي وهو حزب لا يزيد على فقاعة صابون. ظلت المذيعة -لا أعرف اسمها- تنتزع إجابات تحريضية. وبأسلوب مبتدئ هاجمت عناوين "الأهرام" وأوحت للصحفي الصغير أن يقيمها على أساس أن رئيس المؤسسة الكبرى ورئيس تحرير الصحيفة ينتميان إلى الإخوان، ثم استدارت إلى بيان لحزب صابوني آخر يدعي حزب المصريين الأحرار يدعو لحل جماعة الإخوان المسلمين ويتهم الرئيس مرسي بأنه يؤسس دولة دينية فاشية. هذا الحزب لو طرح اسمه على الناس في اختبار للمعلومات العامة، فأنا متأكد أن نسبة قليلة للغاية ستعرفه، ربما فقط من خلال قنوات التحريض! أكرر أن مشكلة مصر تتمثل في الهاموش الإعلامي الذي يحرق البلد عبر منصات تلك البرامج، فلا مهنية ولا موضوعية ولا علاقة البتة بأصول العمل الصحفي المحترم. ابحثوا عن مثيل لبرامج الفضائيات الخاصة المصرية لن تجدوا لها مثيلاً في أي مكان بالعالم، فهي لا تتورع عن الشتم والإهانة للمؤسسات والإيحاء بأن أسطورة الإسلام السياسي قد تحطمت أمس في ميدان التحرير كما تحطمت الشرطة في 28 يناير، وهذا ما تروج له قناة ساويرس في الوقت الراهن. بدون إجراءات فعالة تطارد الهاموش الإعلامي فلا فائدة لأي جهود للإنقاذ الاقتصادي ولن يتحقق استقرار. كيف تبدأ مصر طريقها الجديد فيما الصوت الأعلى تسيطر عليه منشورات التحريض الصحفية والتليفزيونية. يا حكومة.. الديمقراطية لا تعني أن تتركي الهاموش يشعلها نارًا وحربًا أهلية. ولا تعني ترك أي بقعة من الوطن تحت سيطرة الشيوعيين واليساريين والناصريين والطائفيين يفتتون من خلالها الشعب الواحد إلى فئات متقاتلة. الهاموش يدعي أن الفرصة متاحة بعد نتائج موقعة الجمعة لمكاسب كبيرة يحققها التيار الشعبي وحزب المصريين الأحرار والدستور والحزب الشيوعي بعد هزيمة أسطورة "التيار الإسلامي"! يعنون أنها فرصة الانتصار في مواجهة حرب تدمر السلام الاجتماعي وتجعل الشعب أسيرًا لمن يغلب، وهذه قمة الثورة المضادة في أشرس محاولاتها لاستنزاف ما تبقى من ثورة يناير. أيتها الديمقراطية لا تتركي منابر التحريض تشعل النار الحارقة. قرار شجاع لا يقيم وزنًا سوى لسلامة الوطن سيطفئ كرات اللهب المتساقطة من الفضاء والمنشورات الصحفية. [email protected]