الجدل الدائر حاليا حول الدستور الجديد الذى تضعه "التأسيسية"، لم تشهده مصر فى المراحل التى سبقت الدساتير السابقة، والفضل يرجع للتطور الذى طرأ على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، فلم يبق أى مطلب أو قول أو اقتراح حبيسا للغرف المغلقة القاصرة على الأعضاء، وسيكون لهذا الجدل الدور الأكبر فى تحديد نعم أو لا، التى سيقولها الشعب فى الاستفتاء على الدستور. لكن بعض الإعلاميين يتصرف مع الأمر متحللا من الموضوعية والمهنية انطلاقا من الأغراض والنوايا السيئة والمواقف المخاصمة للآخر إذا كان من التيار الإسلامى أو قريبا منه، وقد أعجبنى رد الدكتور السيد البدوى رئيس حزب الوفد فى إجابته على سؤال تحريضى من وائل الإبراشى فى عاشرة منى الشاذلي. وهنا وقفة استدراكية من الضرورى أن تبلغ وائل، فهو لم يخرج بعد من جلباب برنامجه "الحقيقة" فاشتبك مع جلباب "العاشرة مساء" وأسفر الاشتباك عن ثوب مرتق مليء بالبقع، مضافاً إلى ديكور رديء سيقارنه المشاهد حتما بديكورات منى الشاذلى الفاخرة. مشكلة وائل الإبراشى أنه لا يسأل كصحفى ولكنه لا يلتزم الحياد ويقوم بدور المحرض عندما يتعلق الأمر بالتيار الآخر، وقد رأينا ذلك فى أكثر من موقف. البدوى رد على تحريض وائل بالانسحاب من "التأسيسية" ولم يرضخ لقوله إن التاريخ لن يغفر له. التاريخ لا يغفر للذين يجرجرون الوطن إلى هاوية سحيقة من الانقسامات وتضييع الوقت بناء على أكاذيب وافتراءات لا وجود لها على أرض الواقع. لقد فوجئت بما كشفه رئيس حزب الوفد عن الاتصال الهاتفى الذى تلقاه من عضو مرموق فى المجلس العسكرى السابق يطالبه بالانسحاب لإفشال تأسيسية الدستور، وهو التحريض نفسه الذى ألح عليه الإبراشى وكان يعيد إليه البدوى كلما حاول الخروج منه. أدهشنا الإبراشى نفسه بالحديث عن مادة زواج القاصرات رغم ثبوت أنها افتراء كذبه عضو التأسيسية الذى قيل إنه اقترحه، ثم تكرر الأمر مع محمود سعد فى برنامجه "آخر النهار" وبواسطة العضو نفسه. يخلق الإعلام المؤدلج أجواء سلبية بإثارة جدل حول مواد لا وجود لها، رغبة في التهييج والإثارة لتعطيل الدستور أو تأخيره لترك البلاد غارقة فى فوضى مؤسساتية. [email protected]