كشفت مصادر سياسية مطلعة أن الحزب الوطني الحاكم دخل مرحلة جديدة من الصراع أو ما يطلق عليه حرب طحن العظام وأن هذه الحرب قد أخذت شكلاً جديداً فلم يعد الصراع بين الحرس القديم وتيار لجنة السياسات فقط بل أن هناك حربا ضروسا تدور الآن داخل كل تيار كل علي حدة. وأشارت المصادر إلى أن الدكتور زكريا عزمي أمين اللجنة المالية بالحزب قد أبرم تحالفاً مع الدكتور علي الدين هلال وزير الشباب السابق وأمين التثقيف بدعم من جمال مبارك لسحب البساط من تحت أقدام الثلاثي سرور والشاذلي والشريف الذين يدركون أن المحاولات المتتالية لإبعادهم عن دائرة صنع القرار في الحزب والنظام ستتخذ بعداً شرساً بعد الانتخابات البرلمانية ، خاصة في حالة تحقيق الحزب نتيجة سيئة في الانتخابات . ويحاول كل من عزمي وهلال إبعاد هذا الثلاثي عن مناصب الأمين العام للحزب وأمين التنظيم ورئاسة مجلس الشعب حيث إن الساحة السياسية لم تعد مهيأة لقبول استمرارهم خصوصاً بعد أن أمضوا في مناصبهم سنوات بل عقود. ويعاني الحزب أيضا من حرب ضروس بين أثنين من كبار رجال الأعمال هما أحمد عز ومحمد أبو العينين حيث يتنافس الاثنان علي التقرب من القيادة السياسية مع وجود أفضلية لعز الذي شن حملة شعواء علي أبو العينين وحاول استغلال نفوذه لإبعاده عن دائرة صنع القرار ناهيك عن محاولات مستميتة يبذلها عز لدعم المرشح المنافس لأبو العينين في دائرة الجيزة لإنهاء مستقبله السياسي. وقد تنبه أبو العينين لهذه المحاولات المتعددة لإبعاده خصوصاً أنه لا يحظي بدعم من لجنة السياسات كونه محسوباً علي الحرس القديم ولعل هذا ما يفسر إنفاق أبو العينين لملايين الجنيهات لتأمين فوزه بالمقعد البرلماني كعامل حاسم في طريق استمرار المواجهة مع عز. من جانب أخر ، تواجه لجنة السياسات التي يرأسها جمال مبارك مأزقاً شديداً حيث شهدت الأيام القليلة الماضية استقالة اثنين من أبرز أعضائها وهما هشام مصطفي خليل نجل رئيس الوزراء الأسبق الذي أنسحب من اللجنة والحزب اعتراضاَ علي تجاهل الحزب له في الترشيح علي مقعد الفئات بدائرة قصر النيل وتفضيل حسام بدراوي عليه وكذلك استقالة الصحفي رفعت رشاد عضو مجلس نقابة الصحفيين من اللجنة والحزب وانضمامه لحزب الغد اعتراضاً علي عدم وضعه علي لوائح الحزب في الانتخابات البرلمانية القادمة ومن قبلهم الدكتور إبراهيم صالح الخبير الاقتصادي ومستشار وزير التخطيط . ويري الدكتور محمد السيد سعيد نائب مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام أن الحزب الحاكم سيدخل منعطفا جديداً في المرحلة القادمة خصوصاً أن جمال مبارك يدرك انه كان ولجنته الخاسر الأكبر في الانتخابات البرلمانية الحالية حيث نجح الحرس القديم في فرض نفوذه والحفاظ علي رجاله ضمن لوائح الحزب رغم وجود تيار يدعو إلي التغيير وعدم الاعتماد علي الأسماء القديمة. وأضاف أن مبارك الابن سيستعين في المرحلة القادمة بوجوه من الحرس القديم ليضرب بها هذا التيار واسع النفوذ في الحزب كخيار تكتيكي ليستطيع إلحاق الهزيمة به بعد أن أدرك أن رجال مجموعة السياسات لم يصلوا إلي مرحلة النضج السياسي التي يجعل النظام يجازف بهم في هذه الظروف الصعبة. ويعتقد سعيد أن تيار السياسات سيحدد محاولاته لضمان الهيمنة علي الساحة السياسية من جديد ولن يقبل الهزيمة أمام الحرس القديم وسيعتبر ما حدث هزيمة في جولة ليس خسارة المعركة.