استبعدت مصادر سياسية رفيعة المستوى أن يكون طريق جمال مبارك لتأسيس حزب جديد والخروج من الحزب الوطني الحاكم وتركه للحرس القديم مفروشا بالورود خصوصا أن القيادة السياسية تتحفظ على مساعيه لمغادرة الحزب الوطني والانضواء تحت راية حزب مستقل حيث لازالت القيادة تراهن على استمراره في الحزب الحاكم وعدم تعريض الاستقرار السياسي في البلاد للخطر. أوضحت المصادر أن خبرة مبارك الابن لم تصل حتى الآن إلى حالة النضج السياسي التي تسمح بخوض مثل هذه التجربة حيث أن لجنة السياسات التي يرأسها فشلت في تقديم نفسها كخيار إصلاحي ولم تبدو في كثير من المواضع إلا تحالفا بين رأس المال والسلطة وكثيرا ما لاقت انتقادات من عديد من الجهات ومن شخصيات من داخلها وعلى رأسهم الدكتور أسامة الغزالي حرب والدكتورة هالة مصطفى والدكتور محمد السعدني والمستشار السابق لوزير التخطيط إبراهيم صالح. كما أن اللجنة شهدت استقالة عدد من أعضائها اعتراضا على انفراد مبارك الابن بكافة شئونها. ونبهت المصادر إلى أن مبارك الابن لم يستطع تقديم نفسه كواجهة إصلاحية أو ليبرالية حيث حكمت الممارسات الشمولية أسلوب إدارته للأوضاع داخل لجنة السياسات كما أنه كثيرا ما يضيق صدره بأي انتقادات لدرجة أنه قام بفصل الدكتور محمد السعدني من لجنة السياسات بسبب اعتراضه على بعض القوانين التي تخدم رجال الأعمال ضد الأغلبية الفقيرة. وكما أن الفشل الذريع لما يطلق عليه الفكر الجديد سواء في فرض مرشحيه على قوائم الحزب الحاكم أو تحقيق الحزب لأي نتائج إيجابية تخالف ما حدث عام 2000 يضعف من مهمة مبارك الابن خصوصا أن هناك صعوبة في تكرار سيناريو حزب مصر العربي الاشتراكي الذي غادره السادات في نهاية السبعينات خصوصا أن الحرس القديم سيدرك أن مغادرته الحزب الوطني إلى حزب المستقبل يعني رضاه بالأمر الواقع وتهميش وضعهم السياسي وهو ما لن يقبلوه بسهولة. وعلمت المصريون أن القيادة السياسية قد تفكر في بديل للجم طموحات جمال مبارك وإقناعه بعدم مغادرة الحزب الحاكم مثل إجراء تغييرات دراماتيكية داخل الحزب والانحياز التام لتيار لجنة السياسات في صراعه مع الحرس القديم وتعيين مبارك الابن أمينا عاما للحزب والاكتفاء باحتفاظ صفوت الشريف بمقعده كرئيس لمجلس الشورى فقط غير أن هذا الخيار لازال محل دراسة من مستشاري الرئيس المكلفين ببحث الحلول المثلى لإنقاذ الحزب الحاكم من المأزق الذي يعاني منه منذ سنوات وفشل الحرس القديم وتيار السياسات في اتخاذ الوصفة المناسبة لإنقاذ الحزب من النفق المظلم الذي يسير فيه. ويعلق الدكتور أحمد ثابت أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة بالتأكيد على أن مبارك الابن قد فشل في اكتساب عطف الجماهير وفي تقديم نفسه كوجه إصلاحي حيث التف حوله جوقة من أصحاب المصالح الذين حولوا لجنة السياسات إلى إطار لخدمة رجال الأعمال وعدم مراعاة ظروف الأغلبية الفقيرة في مصر مشددا على أن الفشل الذريع للحزب الحاكم أو ما يطلق عليه الفكر الجديد يعد دليلا على أن مجموعة السياسات فشلت فشلا ذريعا في الظهور بمظهر الإصلاحي. وأوضح الدكتور ثابت أن سعي جمال مبارك لتأسيس حزب المستقبل ما هو إلا أداة ضغط على القيادة السياسية للإطاحة بالحرس القديم في الحزب الحاكم الذين فشل مبارك الابن في ترويضهم أو تقليل قبضتهم الحديدية على الحزب ناهيك عن أن رجال مبارك الابن لم يستطيعوا إقناع الرأي العام بوصولهم إلى حالة النضج السياسي حيث لم يتجاوز حتى الآن مرحلة الطفولة السياسية وإن حاولوا إثبات عكس ذلك.