الاجتماع الذى جمع الفريق سامى عنان مع عدد من أساتذة القانون وعمداء كليات الحقوق، اتسم بالرصانة وبالوعى بقيمة "التراث" الدستورى فى مصر، وهو ما اتضح بشكل كبير فيما قُدم من اقتراحات لتجاوز أزمة "التأسيسية". اتضح أيضًا.. أن "الشوشرة" وزرع العبوات الناسفة فى مسار التحول الديمقراطى.. كان صناعة إعلام "الفلول" وبضعة "مشاغبين" ممن يتاجرون ب"الدولة المدنية".. وهم فى واقع الحال لا يملكون أية مؤهلات إلا "الصوت الزاعق" والقابلية للاستئجار على فضائيات مبارك لقطع الطريق على أية محاولة لإنجاز مطالب الثورة. عندما استعانت الإدارة العسكرية ببعض "القوى الناعمة" والتى ظلت مهمشة فى نظام أمن الدولة السابق، وظلت مهمشة بعد الثورة على يد "المتحولين" الذين اختطفوا الإعلام وأحالوه إلى مِنصَّات "قناصة" لاصطياد كل هدف متحرك نحو التحول الديمقراطى.. عندما استُعِين بتلك القوى ظهرت "شمعة" مضيئة وسط كل أعمدة الإنارة المطفأة. أجمع فقهاء القانون الدستورى فى لقائهم الذى أشرت إليه فيما تقدم، إلى أن كتابة الدستور الجديد، لن يبدأ من فراغ، وأشاروا إلى الخبرات السابقة: دستور 23، ودستور 54، ودستور 71.. وهى فى مجملها تعتبر مستودعًا ثريًا بالمواد التى يمكن أن الاستفادة منها فى إنجاز دستور "الثورة" فى فترة وجيزة وقبل الاستحقاق الرئاسى. لأول مرة.. يتصدَّر "العقلاء" المشهد، ولو ليوم واحد.. وهو المشهد الذى لا يزال تحت وصاية "مارينز" إعلام مبارك، وفى حماية مِظلة مالية ضخمة من ثروات مصر المنهوبة على أيدى رجال أعماله الفاسدين. مصر الآن تحتاج إلى عمليات إنقاذ سريعة وعاجلة، من خلال اكتشاف "قواها الناعمة".. فهى بالتأكيد أكبر وأهم وأزكى وأطهر، من تلك الوجوه التى تطل علينا فى قعدات "السواريه" الليلية على قنوات أموال البنوك المنهوبة.. وإنها لازالت هنااااااك.. على هامش المشهد بعيدًا عن متنه "الفاسد"!.. والذى يحتاج إلى تطهير حقيقى، بإعادة غسله سبع مرات، إحداهن بالتراب. مصر التى أحالها مبارك إلى "قزم" إقليمى.. بسبب تسليمها للتافهين وأنصاف المتعلمين وأرباع الموهوبين.. لا زالت تحت سيطرة ذات الشلل الطفيلية التى سُمنت بالأكل على موائد مبارك قبل سقوطه.. وانتفخت جيوبها وكروشها وحساباتها البنكية بالمتاجرة بالثورة، وبدماء الشهداء، من بعدها. إنجاز الدستور وانتخاب رئيس وتشكيل حكومة منتخبة.. بات مطلبًا ملحًا وبشكل عاجل مهما كانت الظروف.. كأهم شرط من شروط حماية الثورة وإنجاز مطالبها.. إذ تظل عملية "التطهير الكنس" مرهونة بوجود رئيس منتخب وحكومة منتخبة، معهما الشرعية والتفويض من الشعب.. ولن تنتصر الثورة إلا بتخطى هذا التحدى.. وعساه أن يكون قريبًا إن شاء الله تعالى. [email protected]