ثلاث وزارات في وقت واحد، أعلنت من "التحرير".. ومن على صحف ساويرس وعائلة صفوت الشريف.. من التحرير نصب ممدوح حمزة نفسه رئيسا للوزراء وألقى بالفتات على البسطويسي والخضيري وجورج اسحاق.. ولم ينس ال"ميك اب" باسناد حقيبتين للإخوان : خيرت الشاطر وعصام العريان.! هذا.. كان ليل الإثنين 11 /7/2011.. الدنيا بعدها هاجت وماجت في الطرف الآخر.. وفي الصباح "الثلاثاء".. ظهرت وزارة أخرى من "التحرير" أيضا.. يرأسها محمد البرادعي.. وهدد اتباعه ب"مليونية" تتجه إلى مجلس الوزراء لاقتحامه واحتلاله، والإعلان عن تلبيس البرادعي "السلطانية" من على عرش عصام الشرف بعد طرده مذموما مدحورا. صحيفة اليوم السابع.. شاءت أن "تلحق" بمولد "الوزارات" التي توزع بالمجان وبعضها "دليفيري" بين المتظاهرين في التحرير.. غير أنها كانت أقل طمعا، حيث روجت ل ابو الغار وزيرا للصحة ولطبيب الأسنان علاء الأسواني، وزيرا للثقافة خلفا لأبو غازي وذلك في التعديل الوزاري المرتقب.! لا أدري كيف لم يفهم الشباب الطيب في التحرير، حقيقة هذا التوظيف الرخيص لحماسهم لصالح شوية طامحين في السلطة؟! النيات الحسنة لا تكفي وحدها في العمل السياسي، وإذا دخل التغرير المالي على الخط، فإن الفقراء من المفترض أن يتحصنوا بالعفة كما هي عادة الشرفاء والنبلاء.. وقديما قالوا تموت الحرة ولا تأكل من عرق فخذيها. أعلم أن كثيرا من المتحمسين هم شرفاء ونبلاء فعلا، غير أن هذا النبل والشرف، يجري الآن توظيفه لصالح أحلام سياسية للقوى المالية الطفيلية والفاسدة والتي انتفخت جيوبها وكروشها بحماية خاصة من مؤسسات مبارك السياسية وأجهزته الأمنية. البيان الذي أصدرته الجمعية الوطنية للتغير صباح أمس، وهي الجهة التي تقوم بعمليات الحشد والتعبئة والتحريض لصالح "اللصوص" الكبار الراغبين في "نشل" السلطة.. أكد البيان ضمنيا بأن الاعتصام تحول إلى أعمال بلطجة وخروج على الشرعية وحذر الشباب من الإساءة إلى الثورة بتحولهم إلى مليشيات مدنية تثير الرعب في نفوس المصريين باسم الثورة. توجد مطالب مشروعة بالتأكيد ما زالت عالقة.. وكلنا يعلم بأن الثورة لم تكتمل بعد، ولكن لا يجوز التحرك من خلال بؤر الفساد المالي والإعلامي المعروفة للجميع.. وإنما من خلال توافق وطني، كما حدث يوم 8 يوليو الماضي. لقد وقفنا وأيدنا تلك المليونية، لأنها جاءت وفق اجماع وطني على مطالب محددة ومعروفة واستبعدت كل الشعارات التي استهدفت الالتفاف على الشرعية الدستورية التي أسسس لها استفتاء 19 مارس الماضي.. وكان ضرب وطرد ممدوح حمزة من الميدان والتصدي للهتافات المسيئة للجيش إحدى تجليات الوعي الوطني في صيغته النقية غير الملوثة بالمال الحرام الطامع في سرقة البلد كلها من خلال فرد "الحرامية" زعماءا للبلاد في الفترة الانتقالية. الثورة لن تكتمل.. بفرض وصاية اللصوص الكبار على الشارع المصري.. وإنما ستكتمل عندما تتشكل قوى ضغط شعبية قوامها الأساسي الاجماع الوطني.. وليست قوة مالية فاسدة تستهدف تسليم البلد إلى اللصوص والحواة الذين خُلّقوا في رحم عهد مبارك البائد. [email protected]