بعد حلقة الجزيرة مباشر يوم أمس الأول، حول العلاقات الإيرانية المصرية، جرى بيني وبين الصديق العزيز الدكتور وحيد عبد المجيد، حوارا سريعا بساقية الصاوي، بشأن عمليات التحول الكبيرة التي ستشهدها مصر قريبا.. وألح عبد المجيد على ضرورة الكتابة في اتجاه التقريب بين التيارات الوطنية المصرية، التي تتسم بالنقاء والشفافية، خاصة أنه التيار الأساسي والكبير، فيما تظل "قوى الشوشرة" التي تنتشر في إعلام رجال الأعمال الفاسدين، هي الأقلية المهمشة والتي تعيش على هامش النضال الوطني، ولا تملك غير ممارسة "البلطجة" الإعلامية وقطع الطرق و"نشل" مكتسبات الثورة أو على الأقل العمل على اجهاضها. وهو الرأي الذي أميل إليه فعلا، وكتبت عنه هنا في "المصريون" عدة مقالات، تكلمت فيها عن التباين والتمايز داخل الحركات الأيديولوجية في مصر، وأنها ليست واحدة، وأن بعضها يمثل امتدادا للمدرسة الوطنية التي تأسست على أرضية التحرر والاستقلال الوطني، والتي تعلق دائما آمالها على طاقات الابداع من الداخل، وبعضها الآخر، يعتبر امتدادا للمدرسة الانتهازية السياسية والتي تنشط في مصر وعيونها على الخارج تنتظر المكافأة او من قبيل المساومة لرفع قيمة "الفيزيتا". ويبدو لي أن جزءا من المشكلة، يرتبط بزواج المال بالإعلام، على النحو الذي أوجد آلية تزوير جديدة، تعتمد على "الصوت والصورة" ليس من واقع المشهد المصري على حقيقته، وإنما كتعبير عن مصالح مالية تحاول صناعة "نخبة" تسند إليها تخوض حروبها بالوكالة، حتى باتت الصورة التي يصنعها إعلام الطبقات الاقتصادية الطفيلية الجديدة، توحي وكأن في مصر نحو 25 شخصا فقط هم الذين يحكمون البلد عبر شاشات الفضائيات. فإذا كان مبارك قد صغّر مصر وقزمها.. فإن هذه النخبة، تنقل ذات صورة التقزيم التي كانت عليها البلد في عهد الرئيس السابق، فهي مجموعة شديدة التواضع على المستوى المهني أو على صعيد الوعي أو الوزن الفكري والثقافي، ما يترك انطباعا عن "خفة" مجموعة الأدوات التي عادة ما تستخدمها الدول ذات الثقل الإقليمي الكبير كجزء من آليات صناعة الريادة الإقليمية أو ما يطلق عليها ب"القوة الناعمة" للدولة. وإذا كان النموذج المصري بعد الثورة وكما أشار الدكتور وحيد عبد المجيد، يعتبر نموذجا "مشعا" في ذاته، وقد بات فعلا مصدر إلهام لكل شعوب المنطقة، فإن قوى الشغب الإعلامي حاليا، تجتهد في أن تجعل منه "نموذجا للفوضى" وذلك في سياق سعيها الدؤوب لتعطيل المضى قدما نحو الاستحقاقات الانتخابية في موعدها المقرر. وفي تقديري الشخصي، وكما سمعت أيضا من الدكتور وحيد، وهو يجادل بعض الشباب بعد أن فرغنا من مناظرة "الجزيرة مباشر".. فإن مرحلة ما بعد الانتخابات المقررة في سبتمبر المقبل ستكون مختلفة جذريا عن مرحلة ما قبلها.. حيث سيكون لدينا دولة مؤسسات ديمقراطية حقيقية، اختيرت عبر آليات فرز نزيهة وشفافة، ومفوضة ديمقراطيا من الشعب المصري، وهي البيئة السياسية الجديدة النقية والتي ستطرد بطبيعة الحال وتلقائيا هذه العصابة التي تتناوب الآن منفردة كراسي "الفتنة" على فضائيات أموال مصر المنهوبة. [email protected]