تفاعلت قضية النائب السلفى (أنور البلكيمى) على نحو مفاجئ فى الأسابيع الأخيرة، وأحدثت لغطاً كبيراً فى مختلف الأوساط السياسية والإعلامية فى مصر، بل لقد حظيت بشىء من اهتمام عدد من وسائل الإعلام والصحف الغربية كصحيفتى: لوس أنجلوس الأمريكية، والجارديان البريطانية، لاسيما أن الليبراليين وجدوا فيها فرصة كبيرة للتشهير بالسلفيين وتشويه الإسلاميين عمومًا والنيل منهم!! وبدا حزب النور حساساً جداً وعصبياً ومتسرعاً فى موقفه من النائب بطل هذه القضية، وهو ما يعكس حال قلة الخبرة السياسية التى تشوب الحزب بسبب حداثة عهده بالسياسة، ولعل هذا يفسر لنا تخبط الحزب أحيانًا ووقوعه فى أخطاء متكررة. ورغم أن تعامل حزب النور مع هذه القضية يبدو جيدًا وشفافًا وموضوعيًا فى الظاهر، ومع ذلك فهناك من يرى غير ذلك، خاصة أن تعاطى الحزب مع هذه القضية لا يسقط مسئوليته عن اختيار نوابه لمجلس الشعب، وللجميع الحق فى أن يتساءل عن معايير هذا الاختيار، ويعتقد الكثيرون أن حزب النور لا يتوانى عن تقديم الأدلة الدامغة والمتكررة على الاندفاع والتهور وقلة الخبرة والافتقار إلى النضج الكافى فى المجال السياسى!! وليست الزاوية السياسية فقط هى البعد الوحيد لقضية النائب السلفى "أنور البلكيمى" فهناك البعد الإنسانى الذى أغفله الجميع تقريبًا ولم يتحدثوا عنه وهو موقف الرجل أمام نفسه وأمام أسرته وأولاده وأصدقائه ومحبيه، فلمصلحة من تشويه الرجل بهذا الشكل؟! لمصلحة من استغلال لحظة ضعف بشرى عادية وقع فيها إنسان كما يقع غيره من ملايين البشر للتشنيع عليه بهذا الشكل الحاد والشرس؟ أكل هذا من أجل التشهير بالإسلاميين من خلال تشويه سمعة حزب النور؟! وأى عيب فى أن يجرى شخصٌ ما جراحة تجميل فى أنفه؟ وأى بأس فى أن يطلب هذا الشخص من طبيبه عدم إخبار أى أحد بإجرائه لهذه العملية نظراً لأية إحراجات اجتماعية يتخوف منها؟ أو ليس من حق كل إنسان حفظ أسراره الخاصة وحماية مصالحه الشخصية؟! نعم أخطأ البلكيمى عندما ادعى أن البلطجية قد هاجموه واعتدوا عليه وسرقوا منه مائة ألف جنيه، ولحزب النور كل الحق فى محاسبة الرجل عن ذلك بالطريقة المناسبة، وبما يتناسب مع حجم الخطأ الذى ارتكبه، لكن أهذا الأمر الفردى والسلوك الشخصى الخاطئ يستحق كل هذا اللغط؟ ومن قال إن الإسلاميين ملائكة مقربون أو رسل معصومون؟ أو ليسوا بشرًا كسائر البشر ويُتوقع منهم أن يقعوا فى حبائل الشيطان كغيرهم؟! علامَ إذن كل هذه الضجة وكل هذه المبالغة فى ردة الفعل من جانب حزب النور؟! أفلا يدل هذا الموقف المبالغ فيه على اهتزاز ثقة الحزب بنفسه وبرجاله؟! ثم ما الذى حدا بمدير مستشفى التجميل الذى أجرى فيه الرجل العملية أن يفشى أسرار مريضه على هذا النحو المخجل؟! ألم يخالف بذلك آداب وقوانين مهنة الطب؟! أفيأمن أحد على نفسه وأسراره الطبية بعد ذلك؟! ألم يكن بمقدور هذا الطبيب أن يوضح الحقيقة لرجال الشرطة على نحو يكفل معالجة الموضوع على نطاق ضيق دون شوشرة أو تشويش؟ وما الذى جذب وسائل الإعلام وهيجها حول هذه القضية بهذا الشكل الغريب والمثير للشك؟!! هل نسينا قضايا نواب الكيف، ونواب القروض، ونواب أكياس الدم الملوثة فى مجالس شعب الحزب الوطنى السابقة؟! وهل ترقى قصة تجميل أنف (البلكيمى) لتكون كهذه الجرائم التى ارتكبت بحق الشعب المصرى دون حسيب أو رقيب؟ حقاً ما أضعف ذاكرتنا!! أترانا نسينا عبارة الدكتور فتحى سرور الشهيرة "المجلس سيد قراره" للتغطية على هذه الجرائم البشعة؟! لكن أين كذب شخص من أجل إخفاء تجميل أنفه من جرائم منظمة استهدفت نهب أموال الشعب المصرى وقتل أبنائه؟!! وبقى أن أذكِّر أحبابَنا فى حزب النور وغيرهم بهذا الحديث النبوى الشريف فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: "أُتِى النبى صلى الله عليه وسلم برجلٍ قد شرب الخمر فقال: "اضربوه" (أى اضربوه حد شرب الخمر) فمنا الضارب بيده، والضارب بنعله، والضارب بثوبه، فلما انصرف قال بعض القوم: "أخزاك الله" قال صلى الله عليه وسلم: "لا تقولوا هكذا لا تعينوا عليه الشيطان" (رواه البخارى). [email protected]