كتبت: رقية عبد الشافي عقدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان ثانية فعالياتها على هامش الدورة 39 لمجلس حقوق الإنسان في الأممالمتحدة في جنيف، والتي تناولت استعراض تداعيات النزاعات المسلحة على أوضاع حقوق الإنسان في المنطقة العربية. وأدار الفعالية الدكتور "حافظ أبو سعدة" عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة العربية لحقوق الإنسان ورئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، وتحدث خلالها كل من الأستاذ "علاء شلبي" الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، والمهندس "نبيل عبد الحفيظ" وكيل وزارة حقوق الإنسان اليمنية والمدير السابق لبرنامج اليمن في المنظمة العربية لحقوق الإنسان. وأشار "أبو سعدة" إلى تقويض النزاعات المسلحة لحقوق الإنسان، ومخاطرها على السلم الاجتماعي، والطبيعة الجسيمة للانتهاكات التي ترافق النزاعات، داعيا لتكثيف الجهد في المنطقة العربية للتسوية السلمية لهذه الأوضاع الدامية. وتناول "علاء شلبي" الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، تأثير الاحتلال الإسرائيلي طويل الأمد لفلسطين الراضي عربية على الاستقرار والأمن في المنطقة، والتي تداعت آثاره بفعل فشل المجتمع الدولي في تنفيذ قرارته وتحقيق العدالة الدولية، كما تفاقمت آثاره عقب الغزو الأمريكي للعراق واحتلاله في العام 2003، وتفجير الاحتلال للنزاع المذهبي في العراق لتخفيف المقاومة المشروعة للاحتلال، وما تلاه ذلك من انفجار الصراع المذهبي في المشرق العربي، وهي المقدمات التي قادت المنطقة لاحقا لجحيم اتساع رقعة النزاعات المسلحة والإرهاب. وأضاف "شلبي"، أن الثورات الشعبية العربية في العام 2011 لم تكن بذاتها السبب في تقويض السلم والاستقرار بقدر ما كانت التدخلات الأجنبية غير الحميدة، والتي وفرت دعمًا الإرهاب كما وفرت له فضاءات للنشاط عبر ساحات النزاع المسلح. وحذر "شلبي"، من إنزلاق نظام الأممالمتحدة إلى الفشل الكامل عبر العجز عن التفاعل إيجابًا مع أوضاع ساحات النزاع المسلح، منبهًا في الوقت ذاته لأهمية التراجع عن الأفكار المشوهة بأهمية بناء قدرات الجماعات المسلحة غير الشرعية في مجال القانون الإنساني الدولي، والذي أكد أن من شأنه منح تلك التنظيمات غير الشرعية دعمًا لوجودها واستمراريتها. وختم "شلبي" بأنه من المؤسف أن تشهد الآليات الأممية والدولية لحقوق الإنسان طفرة في النمو الكمي والكيفية مقابل التراجع في القدرة على التأثير، وخاصة في أوضاع الاضطرابات الإستثنائية مثل النزاعات المسلحة، وخاصة من خلال تدني القدرة على توثيق وتدقيق المعلومات حول جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، مدللًا بنماذج للإخفاقات في سورياالعراق واليمن وليبيا. وحول تطورات الوضع في اليمن كقضية حالة، عرض "عبد الحفيظ" لمساري التفاعل السياسي والحقوقي للامم المتحدة من التدهور الكبير في اليمن منذ سبتمبر2014، منوهًا بعدم امكانية تحويل النزاع الجاري في اليمن إلى مساواة بين الحكومة الشرعية والرئيس المنتخب وبين جماعة مسلحة خارجة على الشرعية، وأنه من المدهش أن تقرير المفوض السامي لحقوق الإنسان الصادر مؤخرًا لم يأتي ملبيا لقرارات مجلس حقوق الإنسان بالأممالمتحدة خلال السنوات الماضية ومتجاوزًا لقرارات مجلس الأمن الدولي. وأشار "عبد الحفيظ" إلى إخفاق تقرير المفوضية المثير للجدل في الإلتزام بالصياغات المهنية غير المنحازة، واتباع أصول العمل الفنية في مجال جمع وتوثيق المعلومات وتقصي الحقائق، فضلًا عن عدم إجراء تحقيقات في إطار الفترة الزمنية التي يتناولها قرار مجلس حقوق الإنسان بالأممالمتحدة بالعودة إلى الأحداث منذ سبتمبر 2014. وختم "عبد الحفيظ" بأن التقرير تعامل باستخفاف كبير مع أوضاع حقوق الإنسان في بلده، وبينما لا ينكر وقوع انتهاكات غير عمدية على يد حكومة بلاده الشرعية والتحالف العربي المؤيد لها، فإن اجتزاء الحقائق بين التضخيم والتبسيط قدم صورة غير منصفة لا يمكن الإعتماد عليها ولا التسليم بالنتائج التي خلص إليها. وانصبت تفاعلات المشاركين في الفاعلية، على أهمية استعادة جامعة الدول العربية لدور فاعل بما قد يوفر مدخلًا لحل النزاعات المسلحة في المنطقة العربية بصورة مناسبة لواقع البلدان العربية، وتطرقت بعض المداخلات لإنتهاكات محددة خارج سياق النزاعات.