شن الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، وحكومته، هجوما ضاريا على أوروبا، قبل الاستفتاء على التعديلات الدستورية، وأشار أردوغان إلى أن العديد من الدول الأوروبية يزعجها التقدم الذى تحرزه تركيا، وأنها تبذل كل ما فى وسعها كى لا تكون نتيجة الاستفتاء «نعم» لعلمها أن النظام الجديد سيساعد على تقدم وازدهار تركيا، متهماً ألمانياوهولندا ودولاً أخرى فى الاتحاد الأوروبى بأنها «نازية وفاشية». وعكس تصريح أردوغان- بعد منع الدول الأوروبية الحملات الترويجية للتعديلات، وبعد طرد هولندا وزيرة تركية وإلغاء هبوط طائرة وزير الخارجية التركية للمشاركة فى مسيرات تروج للدستور- استغلاله لملف السياسة الخارجية المتأزم، خلال حشده للتعديلات. وشهدت علاقات تركيا بالعالم، خلال الأعوام الأخيرة تقلبات عنيفة، فمن الهجوم المتكرر على إسرائيل وروسيا إلى إجراء مصالحة مع الدولتين، ومن السعى للفوز بعضوية للاتحاد الأوروبى منذ 2005 بضمانة العضوية فى حلف «ناتو»، وإبرام اتفاق يمنع وصول اللاجئين إلى الدول الأوروبية إلى وصف القارة العجوز بأنها «الرجل المريض»، وهو التعبير الذى استخدمه الأوروبيون فى القرن التاسع عشر للإشارة إلى السلطنة العثمانية فى آخر أيامها، والذى يواجه أردوغان انتقادات بأنه يسعى لأن يكون سلطانا عثمانيا فى القرن ال21. وتعتبر العلاقات مع أوروبا أكثر ملفات السياسة الخارجية التى ظهرت خلال الفترة التى تسبق الاستفتاء بسبب سخونة أحداثها، حيث يتهم أردوغان الغرب بدعم خصمه الحالى فتح الله جولن فى تدبير المحاولة الانقلابية فى يوليو العام الماضى، والتى وجهت دول أوروبية له انتقادات حادة فى مجال حقوق الإنسان بسبب اعتقاله وفصله الآلاف ممن اتهمهم بالتورط فى الانقلاب. واعتبر أن الجالية التركية فى أوروبا تعيش فى حالة «اضطهاد وإهانة»، واتهم أردوغان الغرب بالتعامل بمعايير مزدوجة، ومعاداة الإسلام والمسلمين، كما اتهم أوروبا بدعم قيادات فى «حزب العمال الكردستانى» المصنف كتنظيم «إرهابى» فى تركيا، وفى إطار تصعيده، هدّد مجدداً بإعادة العمل بعقوبة الإعدام بعد الاستفتاء، والذى يعنى إقرار هذا القانون عملياً نهاية فرص أنقرة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبى، الذى يعتبر إقرار القانون بمثابة نهاية العملية التفاوضية حول انضمام تركيا. وقال أردوغان إن بلاده ستعيد تقييم عملية انضمامها إلى الاتحاد الأوروبى بعد الاستفتاء. وشهدت الفترة التى تلت محاولة الانقلاب الفاشلة، اتجاه أردوغان للتحالف مع روسيا بالتوازى مع هجوم على القوى الغربية مثل الولاياتالمتحدة بسبب دعمها للقوات الكردية المحاربة فى سوريا ضد «داعش» وهو ما تراه أنقرة تهديدا لأمنها القومى لأنه قد يمهد لقيام دولة كردية على حدودها مع سوريا. ورغم تباين وجهات النظر بين موسكووأنقرة حول النظام السورى، حيث تدعمه روسيا بينما تطالب تركيا برحيل رأس النظام بشار الأسد، فإن المصالح الاقتصادية بين البلدين وكذلك الموقف الغربى من الانقلاب وما تبعه من انتقادات جعل أردوغان يحتاج إلى أن يغير من تحالفاته السابقة. وفى مقابل الهجوم، استبعد مسؤولون فى الاتحاد الاوروبى أن يؤدى الاستفتاء إلى تخفيف حدة التوتر فى علاقات تركيا مع الاتحاد، كما أنه يمثل مجازفة بالقضاء على سعى أنقرة للانضمام إلى عضويته، وأكدوا أن التصويت ب«نعم» سيلحق ضرراً بالديمقراطية والنظام القضائى فى تركيا.