تواصل «المصرى اليوم» دعوتها لإخلاء المبانى السكنية فى القاهرة من الوحدات الإدارية لإنقاذ الثروة العقارية واستعادة ملايين الوحدات السكنية والإسهام فى حل الأزمة المرورية وزيادة معدلات الأمان فى العقارات، والتى تستلزم إنشاء مناطق خاصة للأعمال والشركات بعيداً عن المبانى السكنية، واليوم نرصد كيف صار شارع جامعة الدول العربية، الأشهر بين شوارع القاهرة ضحية غزو الوحدات الإدارية للمبانى السكنية، وما تبعه من حوادث سرقة وتحرش وزحام مرورى حتى «تصلب» شريان منطقة المهندسين، وأصبح يمثل أزمة بالنسبة لسكانه الذين لا تنتهى معاناتهم، كما ينتقد رئيس جهاز التنسيق الحضارى غياب الرؤية حول تخصيص حى للمال والأعمال مثلما يحدث فى الدول المتقدمة. «سرقات.. تحرش.. انقطاع كهرباء.. مشاجرات.. تكدس السيارات» مشاكل يعانى منها سكان وشوارع المهندسين بشكل يومى، بسبب تحول عدد كبير من الوحدات السكنية إلى مكاتب إدارية، وعندما ييأس السكان يضطرون إلى الرحيل والفرار إلى المدن الجديدة، باحثين عن الأمن والاطمئنان. لافتات تتصدر كل جدار، تعلن ألوانها المتنافرة، عن قبح مجانى، وتعلن كلماتها الملونة عن وجود مكاتب إدارية، تتعدد مهماتها، هذه شركة «استيراد وتصدير». وهذا مكتب «استشارات قانونية» وبين الإثنين، يقبع باب وحدة سكنية وحيدا، مقموعا، يواربه طفل صغير يقطنه أثناء الدخول والخروج، متبعا تعليمات والده، للحفاظ على «حرمة البيت» زوار المكاتب الإدارية المجاورة، تفصيلة تتكرر بطول شارع «جامعة الدول العربية» أحد أهم شوارع الجيزة، والذى تحول فى أغلبه إلى شارع للوحدات الإدارية، فلا يخلو أى عقار سكنى من وجود وحدة إدارية، الأمر الذى تسبب فى تشوه المبانى وانتشار الفوضى فى عقارات ذلك الشارع العريق، رغم إعلان المهندس سيد عبدالعزيز، محافظ الجيزة، تطويره وتحويله إلى شارع مشابه للشانزليزيه. عشوائية فى الحركة يمينا ويسارا، خطوات متثاقلة لامرأة عجوز تخطت الستين بعامين تستند على ابنتها للصعود على السلالم والوصول إلى شقتها التى شاء القدر أن يسكن بجوارها أحد المحامين فباتت طرقاتها عبارة عن ترانزيت لأصحاب القضايا وأرباب السجون، مشهد يتكرر يوميا وهو ما جعل تلك العجوز تدخل فى حوارات جدلية مع ذلك المحامى الذى نصحها بأن تقبل بالأمر الواقع أو البحث عن سكن بديل، لأنه لن يتخلى عن مقره الإدارى داخل ذلك العقار. «صرخة فتاة تقترب من العشرين أنقذتها من الوقوع فى حادث اغتصاب داخل أحد المصاعد «هذا ما ذكره محمد حسين»، حارس عقار بالمهندسين، وتابع قائلا: فوجئت الأسبوع الماضى بصراخ فتاة من الدور الثامن فأسرعت قفزا على سلالم العقار، ووجدت فتاة فى الثامنة عشرة من عمرها فى حالة يرثى لها ملقاة على الأرض بعد محاولة أحد الشباب الاعتداء عليها، ثم قام بدفعها خارج المصعد ونزل مهرولا ولم أتمكن من اللحاق به. يوضح حسين: «إن تعدد الوحدات الإدارية بالعقار من مكاتب محامين، وأطباء وشركات للاستيراد والتصدير يزيد من توافد العشرات من المواطنين يوميا وهو ما يصعب مهمة حارس العقار فى حماية الوحدات السكنية لأنه لا يستطيع التحقق من شخصية جميع المترددين على العقار الأمر الذى يجعله مكتوف الأيدى». «غلق أبواب المصعد الكهربائى وإسناد حراسة العقار إلى أكثر من حارس» هى الوسيلة الوحيدة التى اتبعتها العشرات من العقارات السكنية بالمهندسين منعا لوقوع السرقات، أحمد رجب، حارس عقار، أكد وقوع العشرات من السرقات داخل العقارات السكنية لتوافد العشرات من المواطنين بشكل يومى على الوحدات الإدارية الكائنة داخل العقارات السكنية، الأمر الذى دفع العشرات من حارسى العقارات إلى غلق أبواب المصعد الكهربائى، وفتح أبوابها لسكان العقار فقط للحد من وقوع السرقات. تنتقد نادية السيد، إحدى سكان شارع جامعة الدول العربية بالمهندسين، وجود الوحدات الإدارية داخل العقارات السكنية التى تتسبب فى تكدس السيارات فى الشارع وحدوث مشاجرات يومية بين المواطنين بسبب التسابق على حجز أماكن لركن السيارات فى مساحة محدودة التى صُممت فى حيز لا يكفى لتلبية احتياجات سكان العقار فقط، وطالبت بنقل جميع الوحدات السكنية خارج العقارات للحد من تكدس السيارات، خاصة فى الشوارع الرئيسية المكتظة بالسكان. يذكر أيمن السيد أن انقطاع الكهرباء وعدم وصول المياه إلى الأدوار العليا إلا فى الساعات المتأخرة من الليل من المشاكل التى يتعرض لها سكان المهندسين نتيجة لزيادة الضغط على شبكة الكهرباء والمياه، لأن المنطقة كانت مخصصة من أجل المبانى السكنية فقط ولكن تحويل العشرات من الوحدات السكنية إلى وحدات إدارية تسبب فى زيادة الضغط وهو ما لم تتحمله الشبكات ودفع الثمن السكان فقط. وأشار محمد السيد أحد السكان بشارع أحمد عرابى بالمهندسين إلى قيام العشرات من السكان بتحويل شققهم السكنية إلى وحدات إدارية من أجل الربح المادى، الأمر الذى حول العقارات السكنية إلى وحدات إدارية، ولا نستطيع الشكوى أو تحرير محضر ضد صاحب الشقة لأنه لا يوجد نص فى القانون يمنع تحويل الشقة السكنية إلى مكتب تجارى .