تعثرت جميع مساعى وقف الحرب الدائرة حاليَا في قطاع غزة بعد ما يقرب من عام من اندلاعها، وهو ما يفتح الباب أمام العديد من السيناريوهات القاتمة بالنسبة للقضية الفلسطينية التى تعيش أسوأ عهودها منذ سنوات طويلة، الأمر الذى يدفع باتجاه مزيد من الانكماش على مستوى الأراضي التي يحتفظ بها الفلسطينيون على حساب توسع إسرائيل بدأ فى الظهور مع الإفصاح أخيراً عما أطلقت عليه وسائل إعلام إسرائيلية بأنه «خطة الجنرالات». ◄ الاحتلال هدفه تهجير أهالي شمال غزة.. وتوسيع الاستيطان بالضفة ◄ الفرا: لا تغيير في سياسة تل أبيب.. وهدفها ◄ عكاشة: حماس فقدت 90 % من قوتها وتقضى الخطة المزعومة بتهجير السكان المتبقين فى شمالي القطاع وتحويلها إلى منطقة عسكرية مغلقة، ثم تنفيذ عملية التهجير عينها فى بقية أنحاء القطاع، وتقول وسائل إعلام إسرائيلية إن تلك الخطة ستكون فى فترة ما بعد الحرب الحالية على غزة والتى مازالت تتمسك فيها حركة حماس بعدم الاستسلام رغم فقدان قوتها الضاربة، الأمر الذى يشى بأن تكثيف الاستيطان وضم شمالى القطاع حتى محور نتساريم الذى أقامه الجيش الإسرائيلى وسط قطاع غزة، ويفصل شماله عن جنوبه سيكون متوقعًا خلال الأشهر المقبلة. ويتزامن تنفيذ المخطط الإسرائيلى مع استخدام قوى «باعتراف دولى» لسلاح التجويع في قطاع غزة، وهو ما وصفته الأممالمتحدة فى تقرير لها بالأسوأ في التاريخ، مشيرة إلى أن الأشهر الأخيرة شهدت مستويات كارثية فى القطاع من انعدام للأمن الغذائى. وقد حذر الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال مؤتمر صحفى مع الرئيس الألماني، هذا الأسبوع، من خطورة استخدام سلاح الجوع بغزة، مؤكدًا أنه انتهاك صارخ لحقوق الإنسان، ويؤثر على مصداقية وفكرة القيم الخاصة لحقوق الإنسان التى نتحدث عنها لسنوات طويلة. بينما أكد برنامج الغذاء العالمي أن 2 مليون و200 ألف شخص في غزة لا يزالون بحاجة ماسة إلى المساعدات الغذائية والمعيشية، وقال مدير التغذية بمنظمة الأممالمتحدة للطفولة «يونيسيف»، فيكتور أجوايو، إن واحدة من أكثر أزمات نقص الغذاء خطورة فى التاريخ هى التى يشهدها قطاع غزة الآن، متهمًا إسرائيل بشن «حملة جوع» ضد الفلسطينيين فى غزة. وقد صارت صورة الطفلة لوزيان عاطف بشعرها الأشقر، وعينيها الخضراوين، رمزا للواقع الصعب في غزة بعد أن عكست صورتها المؤثرة ودموعها تنهمر في انتظار قطعة بيتزا، تلك الصورة التى انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعى، لم تكن مجرد لحظة عابرة، بل كانت تجسيدا لمعاناة أطفال غزة فى ظل ظروف قاسية ومريرة. وتأتى هذه الخطوات بالتزامن مع عقد اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية - الإسلامية الاستثنائية المشتركة برئاسة وزير الخارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان، للتنسيق بشأن الأوضاع فى غزة وخطوات تنفيذ حل الدولتين، فى العاصمة الإسبانية مدريد، الأسبوع الماضى بمشاركة وزراء خارجية مصر والأردن وتركيا، بالإضافة إلى وزير خارجية الاتحاد الأوروبى جوزيب بوريل، ووزراء خارجية أوروبيين من النرويج وسلوفينيا وأيرلندا. ◄ اقرأ أيضًا | فلسطين وروسيا تبحثان جهود وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة ◄ أمن المنطقة وقد ناقش الاجتماع، أهمية استمرار تقديم جميع سبل الدعم لتفعيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية بما يكفل تلبية حقوق الشعب الفلسطينى ويخدم الأمن والسلم فى المنطقة والعالم، واستعرضوا الجهود الرامية لاتخاذ الخطوات اللازمة لتنفيذ حل الدولتين بإقامة الدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدسالشرقية، ضمن مبادرة السلام العربية، والمبادرات الدولية ذات الصلة، وأكد الاجتماع على ضرورة انسحاب الجيش الإسرائيلى من الجانب الفلسطينى من معبر رفح ومحور فيلادلفيا واستعادة السيطرة الكاملة للسلطة الفلسطينية، بالإضافة إلى وقف «العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة والتصعيد الخطير فى الضفة الغربية». وتُشير الوضعية الراهنة إلى أن الجهود العربية المبذولة لوقف القتال تواجه بتعنت إسرائيلى بدعم من الولاياتالمتحدةالأمريكية التى تقدم كافة أشكال ووسائل التأمين التى تضمن لدولة الاحتلال تنفيذ مخططاتها الخفية من وراء الحرب، لأن حركة حماس التى قالت إن ضمن أهدافها القضاء عليها لم يعد لها وجود قوى الآن على الأرض، وفى حال جرى توقيع اتفاق هدنة بين الطرفين يقضى بتسليم الرهائن ويوقف القتال فإن إسرائيل لن تكون خاسرة كما أن المقاومة لا يمكن وصفها بأنها حققت انتصاراً بفعل الخسائر البشرية الضخمة والتدمير الهائل الذى طال القطاع فى أعقاب عملية طوفان الأقصى فى السابع من أكتوبر الماضي. وتبقى الضغوط الشكلية التى تُمارسها الولاياتالمتحدة على إسرائيل بخاصة من جانب إدارة الرئيس جو بايدن المحسوب على الديمقراطيين لا أثر لها على أرض الواقع ما يعنى أن فوز المرشحة المحسوبة على نفس الحزب كامالا هاريس فى الانتخابات المزمع إجراؤها قبل نهاية هذا العام أو حتى فى حال خسارتها لصالح المرشح الجمهورى دونالد ترامب لن يغير من معادلة الواقع كثيراً بل إن فوز الأخير يمكن أن يسرع وتيرة ضم مزيد من الأراضى الفلسطينية إلى الحدود الإسرائيلية. ◄ حديث الدولتين وبحسب مُعادلة القوة الحالية فإن الحديث عن حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود العام 67 يبقى حلمًا بعيد المنال، وأن أقصى ما يمكن أن تحققه حركة حماس أن تنضوى داخل السلطة الفلسطينية التى من المتوقع أن تصاب بمزيد من الضعف أكثر مما كانت عليه قبل اندلاع الحرب، مع تحكم دولة الاحتلال بشكل أكبر فى تفاصيل السيطرة والهيمنة الأمنية والسياسية على الأرض. وقال السفير بركات الفرا، سفير فلسطين السابق بالقاهرة، إن واقع الحال فى قطاع غزة يشير إلى أنه لا تغيير فى السياسة الإسرائيلية التى تنفذ خطة محددها منذ بداية الحرب تقوم على تهجير أهالى القطاع دون أى رادع، والآن هى تحاول بالفعل إخلاء شمال قطاع غزة من السكان وفى نفس الوقت استقطاع جزء من الشمال لتضمه إليها، إلى جانب إمكانية ضم إجزاء أخرى بحيث تكون مستوطنات غلاف قطاع غزة التى تعرضت للاختراق فى السابع من أكتوبر بعيدة عن أى أخطار. أضاف، أن الاحتلال يستمر أيضَا فى محور فيلادلفيا وكذلك فى محور نتساريم إلى جانب تعزيز تواجده فى شارع هارون الرشيد الذى يقطع القطاع من الشرق إلى الغرب وحتى البحر وتعمل قوات الاحتلال الآن على توسيع الطريق وبناء مستوطنات أو مواقع عسكرية للجيش الإسرائيلى ما يشير إلى تنفيذ سياسة القيادات المتطرفة دون أن يوقفهم أحد وفى وقت تبقى فيه الولاياتالمتحدة معنية بالانتخابات ويبقى كل همها كيفية دعم إسرائيل بكافة السبل. وشدد على أن خطة تفريغ قطاع غزة بشكل كامل من السكان يبقى الهدف الأكبر الذى سوف تسعى إسرائيل لتحقيقه بكافة السبل وتبدأ الآن بتفريغ الشمال وتقوم بالفعل ذاته فى الضفة الغربية التى تسعى لضمها إليها أيضًا، وفى حال استمر الوضع القائم فإن الفلسطينيين سيجدون أنفسهم فى وضع بائس لا يمكن أن يقبله أحد، لافتًا إلى أن إسرائيل تخطط فى الوقت ذاته لتدمير السلطة الفلسطينية من خلال ضم الضفة بسياسات غير معلنة. ◄ عمليات الاستيطان كما شدد على أن الاحتلال يقوم بالمزيد من عمليات الاستيطان الآن فى الضفة الغربية ورغم أن بعض المناطق التى اعترفت إسرائيل بعدم أحقيتها فى بناء المستوطنات فيها فإنها تقوم الآن بإحيائها ضمن مخطط التواجد فى البؤر الاستيطانية غير الشرعية، مشيراً إلى أن الموقف الراهن بحاجة إلى تكاتف كافة الدول العربية والإسلامية للضغط على الولاياتالمتحدة من أجل ممارسة ضغوط مماثلة على دولة الاحتلال وأن الدول العربية بما لديها من علاقات قوية بأمريكا يمكن أن يكون لها دور إيجابي. وتشير خطة السيطرة الكاملة على قطاع غزة إلى أن دولة الاحتلال تسعى لتقسيم القطاع إلى ثلاثة قطاعات فرعية لتبدأ بضمها تدريجيًا إلى السيادة الإسرائيلية»، تقضى الأولى بتهجير السكان المتبقين فى شمال القطاع وتحويلها لمنطقة عسكرية مغلقة، ثم تنفيذ عملية التهجير عينها فى بقية أنحاء القطاع، حسب ما نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت. ◄ فصل الشمال ومن جانبه قال الدكتور سعيد عكاشة الخبير فى الشؤون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن إسرائيل بإمكانها الآن فصل شمال قطاع غزة عن وسطه وجنوبه، وهى تصر على عدم وجود سكان فى الشمال، وتمضى فى تنفيذ هذا المخطط الذى قد يتأثر أو يتأخر فى حال اتخذت قراراً بتوسيع جبهة الشمال مع حزب الله وفى تلك الحالة قد تمنح الأولوية لتلك الجبهة، وفى الوقت ذاته هى تدرك بأن حماس لم تعد قادرة على تنفيذ عمليات عسكرية ضدها إلا فيما ندر، وخلال الشهرين الأخيرين تكتفى الحركة بعدم الاستسلام ولكنها لا تقاتل أيضًا، وأشار إلى أن الوجود الإسرائيلى فى محور فيلادلفيا يرتبط باستمرار وجود حركة حماس فى جنوب قطاع غزة وسوف تتعرض لمزيد من الضغوط المصرية والأمريكية للانسحاب منه ولكنها تشترط أن تكون هناك قوة تراقب الحدود من داخل قطاع غزة وأن بعض الدول العربية قبلت بالفعل ذلك لكنها ربطته بحل القضية الفلسطينية على أساس إحياء حل الدولتين وهو ما يجعل إسرائيل قد تبحث عن دول غربية للقيام بالمهمة ذاتها. وأكد أن أهداف الولاياتالمتحدة تتمثل فى منع توسيع الحرب وقد يتعارض ذلك مع مساعى إسرائيل التى قد تُقدم على أفعال تؤدى إلى اتساعه دون أن تأخذ رأى الولاياتالمتحدة مثلما فعلت ذلك فى السابق، كما أن إدارة بايدين لديها رغبة فى إحياء حل الدولتين وعدم السماح بهزيمة إسرائيل وعدم وجود حماس فى قطاع غزة، وأن الإدارة الحالية تدفع باتجاه العرض على حماس بدخول منظمة التحرير الفلسطينية بمسمى آخر، غير أن الحركة تمضى فى طريق الانتحار مع فقدانها 90% من قوتها.