كلما شاهدت إعلانات العقارات ورأيت جملة "سكنى إدارى تجارى" تذكرت المقولة الشهيرة التى تصف أى شىء معكوك بأنه "سمك لبن تمرهندى". وهذا ينطبق بالفعل على الأبراج التى تضم السكن والشركة والمحل التجارى والبنك والمقهى والمطعم وغيرهم. فبالرغم من كل أزمات المرور وزيادة ضياع وقت المواطن ومجهوده وطاقته فى الزحام والتكدس، وبالتالى قلة إنتاجيته والعائد الاقتصادى على الدولة، مازالت شركات العقارات مصرة على بناء الأبراج المختلطة بين السكن والتجارة والأعمال لتزيد الطين بلة. لقد أثبت ذلك فشلا ذريعا، ليس بالطبع فيما يدخل جيوب أصحاب الشركات العقارية من أرباح، ولكن فيما يحدث جراء هذا التفكير التجارى البحت، الذى يجعل أزمة المرور والزحام تتفاقم يوما بعد يوم. إن السكن لابد أن يكون للسكن فقط لأن السكن هو الراحة والهدوء. هل فكر أصحاب الشركات العقارية والمسئولون الذين يمنحوهم التراخيص أن القاهرة لا تتحمل هذا أصلا، ولم تعد تتحمل أكثر من هذا أبدا. هل فكروا أن مهما تم إنشاء جراجات أسفل هذه الإبراج فإنها لن تتحمل سيارات السكان وسيارات ضيوفهم وسيارات أصحاب الشركات وسيارات زوارهم وسيارات اصحاب المحلات وسيارات المشترينا؟ هل فكر اصحاب هذه الأبراج والمسئولين الذين يمنحوهم التراخيص لو حدث حريق فى الدور العشرين كيف سيتم السيطرة عليه وما حجم الكارثة التى من الممكن أن تحدث فى منطقة مكتظة بالسكان والمبانى الملتصقة فى بعضها البعض. أن أزمة المرور والزحام تحتاج إلى قرار جرىء بمنع تراخيص هذه الأبراج. ونأمل فى بناء مبانى إدارية فقط على أطراف القاهرة يتم نقل كافة الشركات التجارية لها، حيث إن وجود الشركة داخل المناطق السكنية لا يخدم أهل المنطقة اما عميل الشركة فسوف يذهب لها اينما تكون. أما البنوك والأسواق والمحلات التجارية فنحن فى حاجة إلى أن تكون فروعها قريبة من المواطن للتيسير عليه، ولكن بعيدا عن العمارات السكنية وبعيدا عن الشوارع الضيقة. لذلك نحن نريد مجمعات خدمية تجمع هذه الانشطة ولها جراجات متعددة الطوابق تسع العدد الفعلى للزوار وليس جراجا شكليا لا يتسع إلا لبضعة سيارات.
