قبل أيام قليلة أعلن المستشار ماهر عبدالواحد النائب العام عن عدد من التيسيرات الجديدة لرجال الأعمال المتعثرين والهاربين خارج البلاد.. كما أعلن د.محمود محيي الدين وزير الاستثمار خلال لقائه الاثنين الماضي بمستثمري مدينة 6 أكتوبر ان هناك تيسيرات أخري في الطريق سوف يعلنها البنك المركزي خلال أيام. وقد أثارت التيسيرات الجديدة النقاش داخل البنوك ومجتمع الأعمال ففي الوقت الذي رحبت فيه قيادات البنوك بهذا التدخل واعتبرته سيساعد في انهاء مشكلة المتعثرين بعد فشل كل المحاولات السابقة ووصول قضية التعثر إلي نفق مظلم نجد أن مجتمع رجال الأعمال انقسم علي نفسه حيث وصف البعض هذه الخطوة من جانب النائب العام بأنها بمثابة مصالحة وإعطاء الفرصة للجميع لإثبات حسن النوايا، في حين تحفظ آخرون علي هذا التدخل مؤكدين أن ذلك من اختصاص البنك المركزي. في البداية يؤكد حسام ناصر نائب رئيس بنك التنمية الصناعية ان الاجراءات الأخيرة التي كشف عنها النائب العام والمتعلقة بعودة رجال الأعمال المتعثرين تعد أحد الأساليب الفعالة لحل قضية المتعثرين. ويضيف ان هناك عدداً كبيراً من المتعثرين لديهم رغبة حقيقية في الوصول إلي تسويات مع البنوك الدائنة ولكنهم يتخوفون من الأحكام الصادرة ضدهم، مؤكداً أن قيام النائب العام بالإعلان عن هذه التيسيرات سوف يشجع العملاء الجادين علي تسوية مديونياتهم. ويوضح حسام ناصر ان البنوك تبحث في المقام الأول عن الحصول علي مستحقاتها المالية ومن ثم يمكن التجاوز عن بعض المسائل الفرعية ولكن بشرط التأكد من أن العميل استخدم القرض في الغرض المخصص له. ويذكر ان هذا التدخل من جانب النائب العام والجهات المسئولة جاء في الوقت المناسب وبعد اعطاء الفرصة كاملة للبنوك للتفاوض مع عملائها المتعثرين ولكن عندما وصلت بعض المفاوضات إلي طريق مسدود كان لابد من تدخل طرف ثالث. ويؤكد حسام ناصر ان تلك القرارات ستجعل عدداً كبيراً من المتعثرين يعيد حساباته ويفكر جدياً في العودة وجدولة أو تسوية مديونيته مع البنوك الدائنة وذلك لأن الدولة لا يمكن أن تتراجع في تعهداتها. ومن جانبه يقول ماجد فهمي المدير العام لإدارة المخاطر ببنك قناة السويس ان التيسيرات الجديدة لرجال الأعمال المتعثرين والتي أعلن عنها النائب العام تعتبر نقطة تحول مهمة في كيفية التعامل مع المتعثرين خاصة الجادين منهم. ويستطرد قائلاً: ان مثل هذه الاجراءات بالتأكيد ستترتب عليها عودة عدد كبير من رجال الأعمال المتعثرين لأن أغلبهم اضطر للهرب خارج البلاد خوفاً من السجن والملاحقات القانونية. ويوضح فهمي ان كل التيسيرات التي أقرها النائب العام مؤخراً تعتبر منطقية خاصة بعد وصول قضية الديون إلي منعطف خطير، مؤكداً أن هذه الاجراءات تحمل في طياتها اعطاء المتعثرين فرصة جديدة للعودة إلي البلاد والدخول في تسويات جادة مع البنوك. ويتساءل ماجد فهمي قائلاً: لماذا لم يتم التعامل بهذا المنطق وتلك الطريقة مع المتعثرين منذ البداية؟، موضحاً أنه لو تم تدارك الأمر والتعامل مع هذا الملف بنوع من الحكمة والتروي منذ الوهلة الأول لاختلفت الصورة تماماً ولم تطف ظاهرة الأيدي المرتعشة علي سطح الساحة المصرفية. ويذكر فهمي ان الفترة الماضية أثرت كثيراً بالسلب علي الاقتصاد المصري وسمعته مما ساهم بدرجة كبيرة في تراجع حجم الاستثمارات وهروب جزء كبير منها ومن ثم كان لابد من وقفة يتم فيها تقييم الأمور واعادة النظر في التعامل مع ملف المتعثرين. ويتفق رمضان أنور نائب المدير الاقليمي لبنك أبوظبي الوطني مصر مع الآراء السابقة مؤكداً علي أهمية الخطوة التي اتخذها النائب العام والتي من شأنها خلق مناخ جيد للتفاهم بين البنوك والمتعثرين المتوقفين عن السداد من فترات طويلة. ويضيف ان التيسيرات التي سيتم منحها لرجال الأعمال الهاربين ومن بينها عدم القاء القبض عليهم عند عودتهم سوف تلغي حاجز الخوف وتشجع المتعثرين علي العودة والبدء في التسويات مع البنوك. ويوضح رمضان أنور ان هذا الأمر كان مطلباً ضرورياً لأنه يستحيل الوصول إلي حلول حقيقية أو تسويات في ظل وجود ملاحقة قانونية أو أحكام بالسجن لهؤلاء المتعثرين. ويؤكد ان هذه التيسيرات سيكون لها دور كبير في عودة بعض المتعثرين وابداء رغبتهم في جدولة المديونيات أو تسويتها. ويتوقع أنور ان السوق المصرفية ستشهد خلال الأيام المقبلة طلبات من بعض المتعثرين خاصة الذين تعثروا لظروف السوق لإبداء استعدادهم علي التسوية وذلك بإعلانهم عن أصولهم وممتلكاتهم التي يمكن أن تستخدم كأدوات فعالة في التسويات.