غداً الاحد 11سبتمبر، وأمام محكمة جنايات القاهرة، يدلي المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة الحاكم بشهادته في قضية قتل المتظاهرين، والمتهم فيها الرئيس المخلوع حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي وكبار مساعديه. لقاء المشير والمخلوع يعد الصدام الأكبر بين أقوي رجلين في مصر، حتي فترة قريبة، أو بالأحري بين حاكم مصر السابق وبين حاكمها الحالي، بل إن رقبة المخلوع مبارك معلقة الآن بين يدي المشير طنطاوي، فهو من خلال شهادته سيحدد أشياء مهمة وخطيرة تحسم قضية التحريض والمشاركة في قتل المتظاهرين أثناء ثورة يناير، وهل مبارك أعطي اوامره للجيش، أي للمشير طنطاوي بفض المظاهرات بالقوة علي الطريقة السورية أو الليبية، أم لا؟ بعد انسحاب الشرطة المفاجئ والمريب، وبالتالي كان عصيان المشير لأمر القائد الأعلي للقوات المسلحة ورئيس الجمهورية، وانحياز الجيش للمتظاهرين وتأييده للمطالب المشروعة للمتظاهرين بل وحمايتهم، هو بداية سقوط نظام مبارك ونجاح ثورة 25 يناير. بالتأكيد سيكون هناك صدام تاريخي بين المشير والمخلوع، لايقل خطورة بالنسبة لمصر عن صدام الطائرتين ببرج التجارة العالمي في أمريكا خلال أحداث 11 سبتمبر منذ 10 سنوات بالتمام والكمال، ولكن ستكون شهادة المشير طنطاوي في المحكمة اليوم هي بمثابة أحداث 11 سبتمبر علي الطريقة المصرية، والتي ستكون لها تداعيات خطيرة علي مستقبل مصر في المرحلة القادمة، وفي نفس الوقت ستكشف بجلاء عن منظومة الحكم في عهد مبارك، وكيف كانت تحكم مصر قبل الثورة. المشير بالطبع سيقول شهادة للتاريخ ومن أجل مصر وأرواح الشهداء، ولن يضع في حساباته أبدا تاريخ مبارك العسكري، أو أنه كان وزيرا لدفاعه في السابق، لأن من الواضح أن المشير طنطاوي كان له دور كبير في إنجاح ثورة يناير والانحياز لمطالب الشعب في التغيير، ولم يكن في نيته أو من أخلاقه الانقلاب علي مبارك ونظامه. وقد كانت هناك محاولات لتوريط الجيش بجريمة قطع الاتصالات أثناء جمعة الغضب، ولكن المشير طنطاوي نفي تلك الاتهامات وقال في أحد اللقاءت، إنه طلب منه إصدار قرار بعودة منظومة الاتصالات، ولكنه أجاب وقتئذ بقوله: "من قطع الاتصالات عليه أن يعيدها" بل استطرد قائلا: إن الجيش انحاز إلي مطالب الشعب المشروعة، ولم يقبل أن يطلق رصاصة واحدة علي متظاهر مصري، والتزم الحياد وأقصي درجات ضبط النفس في أحلك الظروف وأصعبها. وكلام المشير بمفهوم المخالفة يدل علي أنه كانت هناك محاولات لتوريط الجيش من أجل حماية عرش مبارك وتجهيز الكرسي للوريث، ولكن المشير ومعه أعضاء المجلس العسكري، خاصة الفريق سامي عنان انحازوا لمطالب المتظاهرين ورفض إطلاق النار علي المتظاهرين السلميين الذين كانوا يطالبون بالتغيير والحرية والعدالة والكرامة الإنسانية. ليس مطلوبا من المشير سوي شهادة الحق لكي يدخل التاريخ من أوسع أبوابه، فهو من أبطال حرب أكتوبر وقائد موقعة المزرعة الصينية التي كانت وراء حسم معركة أكتوبر، وفي نفس الوقت تسلم حكم مصر في أحلك فترات تاريخها وقاد هو ورفاقه أعضاء المجلس العسكري السفينة إلي بر الأمان حتي الأن، وسوف يكمل الطريق رغم الصعوبات الكثيرة ومؤامرات الفلول والمظاهرات غير المجدية والتي كانت ستسفر عن كارثة أمس السبت بعد اقتحام السفرة الإسرائيلية، وسيسلم السلطة إلي حكومة منتخبة ورئيس مدني منتخب، وبالتالي سيدخل المشير طنطاوي التاريخ من أوسع أبوابه بعد شهادته، بعد أن يدلي بشهادته العادلة يوم 11 سبتمبر المصري. حمدي البصير [email protected]