نجحت سوريا بامتياز في الخروج من طوق العزلة الذي حاولت أمريكا فرضه عليها. غدا جدول الأعمال في دمشق مزدحما بالزيارات العربية والدولية.. العنوان الرئيس يقول إن سوريا تمثل دورا محوريا ومهما في المنطقة ونافذة لحل قضاياها وبذلك غدت سوريا البوابة نحو شرق أوسط جديد يختلف مفهومه بالقطع عن المفهوم الذي حاولت أمريكا بالتماهي مع الكيان الصهيوني فرضه ليجعل لإسرائيل الهيمنة علي المنطقة. * *هل هي حرب جديدة؟ جملة قضايا اليوم تشغل دمشق تتصدرها تهديدات إسرائيل لها وللبنان في ظل المناورات العسكرية التي اختتمت في 27 من الشهر الماضي والتي استمرت خمسة أيام وجرت تحت عنوان "نقطة تحول 4"، وظهرت وكأنها بروفة لعملية عسكرية تستهدف الدولتين معا لاسيما وأن إسرائيل سبق ولوحت أكثر من مرة بشن حرب ضد سوريا ومن ثم فإن دمشق تتحسب لأي احتمال علي أساس أنها لابد وأن تدافع عن نفسها إن جد أي طاريء ولاشك أن سوريا تشعر بخيبة أمل حيال الواقع العربي ولسان حالها يقول: لو أن هناك تضامنا عربيا لأمكن عندئذ وضع الأمور علي الطاولة أمام كل العرب ليتصرفوا بمسئولية واحدة لمواجهة أي عدوان إسرائيلي. ** من المستهدف؟ كان من الطبيعي ألا تستبعد الدوائر السياسية قيام إسرائيل بعدوان مباغت قياسا علي ما حدث من قبل عندما شنت إسرائيل عدوانا علي لبنان أكثر من مرة، كعدوان سنة ،82 ،96 سنة 2006 وعندما شنت عدوانا علي غزة نهاية سنة ،2008 وعدوانا علي سوريا في 6 سبتمبر سنة 2007 في اغارتها علي موقع "الكبر" بالقرب من دير الزور لقد استبق وزير خارجية سوريا بالمناورات العسكرية الاسرائيلية الأخيرة وصرح بأن علي إسرائيل أن تعلم بأن الحرب إذا نشبت ستكون حربا شاملة وكأنما أراد أن يبعث برسالة استباقية إلي "إسرائيل" مفادها أنها إذا شنت عدوانا علي لبنان أو أي طرف من أطراف الممانعة "إيران، سوريا، حزب الله، حماس" فإن كل الأطراف ستدخل علي خط المواجهة وهو الأمر الذي حاولت الأطراف الأربعة تثبيته عمليا علي أرض الواقع في الاجتماع الذي عقد بدمشق في 25 فبراير الماضي وضم بشار ونجاد وحسن نصر الله وخالد مشعل والذي أطلقت إسرائيل عليه في حينه مجلس حرب والحقيقة تقول إنه لم يكن مجلس حرب وإنما أريد به أخذ الحيطة لأي حرب إسرائيلية مفاجئة علي أي طرف أي أنه التأم تحسبا لأي عدوان إسرائيلي محتمل علي حزب الله أو سوريا. * التضامن بين أطراف الممانعة ولكن هل سوريا علي يقين من أن هذه الأطراف ستدعمها في مواجهة سوريا فيما لو قامت بالعدوان عليها؟ الدوائر العليمة علي يقين بأن الأطراف الأربعة لم تكن في أي يوم أكثر تماسكا وتضامنا مما هي عليه اليوم هذا بالاضافة إلي التحول الاستراتيجي المهم في العلاقة السوريا التركية، والتركية الايرانية وليت الدول العربية وفي مقدمتها مصر والسعودية والدول الخليجية الأخري يكون لها دور أساسي في أي انعطافة استراتيجية والتي يجب أن توجه من أجل أمن واستقرار المنطقة وليس لتوتير وتصعيد الأجواء فيها كما أنها بذلك تشكل عامل ردع لإسرائيل لكي تحسب ألف حساب قبل أن تشن أي عدوان علي أي طرف في المنطقة. ** الحرب خدعة علي حين رأينا الرئيس أحمدي نجاد يشكك في امكانية قيام إسرائيل بأي عدوان علي إيران علي أساس أن دولة صهيون تعيش اليوم حالة قلق بالغ فإن سوريا تعتقد أن إسرائيل قد لا تتورع عن القيام بأي عملية عسكرية للخروج من دهاليز القلق الذي يساورها لاسيما وأن إسرائيل هي التي شنت كل الحروب ماعدا حرب التحرير في 6 أكتوبر سنة 1973 فإسرائيل هي التي شنت حروب سنة ،1948 سنة ،56 ،67 سنة ،82 سنة ،96 سنة ،2006 سنة 2008/2009 بالاضافة إلي عربدتها ضد سوريا وتحديدا قذفها لموقع الكبر في سبتمبر سنة 2007 هذا بالاضافة إلي ما قامت به من تشريد ملايين الفلسطينيين سنة 1948 ومن ثم فإن إسرائيل بذلك لابد أنها تواجه مأزقا خطيرا يزيد من حدته موقفها من الفلسطينيين وتضييق الخناق عليهم من خلال حصار تجويعي ضار ترفض حتي الآن رفعه أو التخفيف من حدته علي الأقل هذا بالاضافة إلي أنها تسقط حق العودة بالنسبة للفلسطينيين ولن ينسي لها أحد الهجوم الوحشي الذي قامت به ضد غزة أمام أناس عزل من السلاح فهو جريمة حرب بامتياز استمرت علي مدي 23 يوما وجرمها تقرير القاضي جولد ستون.