هل صار الهزل والضجيج هو ما بقي لنا نحن الغلابة سكان العالم العربي من المحيط الي الخليج؟ هذا ما يمكن ان تهمس به لنفسك بعد ان تسمع الحقائق العلمية الصارخة وهي تنساب علي لسان اسماعيل سراج الدين في مقدمة افتتاح مؤتمر الاصلاح العربي بمكتبة الاسكندرية، فعلي الرغم من الثروات المالية والبشرية الهائلة لهذا العالم العربي، الا ان قياس التقدم العلمي والتكنولوجي في عالمنا العربي يمكن ان يثير الضحك بعد السباحة في محيط من الدموع. واذا كنا في بداية مارس وهو الشهر الذي سيشهد الاجتماع السنوي للقادة العرب، الا ان الحقائق المزعجة تكشف عن حالات التربص المتبادل بين اغلب الدول العربية، تحسبهم اسرائيل والولاياتالمتحدة جمعا واحدا، بينما تعيش كل دولة في قوقعة من مخاوفها. يسرع العالم حولنا الي التجمع والتآزر وندمن الصراخ الارعن، نغلق ابواب المستقبل امام اجيالنا الشابة علي الرغم من ان الاغاني والانشايد تترنح بالغناء عن الجيل العربي الصاعد.. تبحث بعيونك عن فرصة تري فيها اجيال تضيف الي الواقع ما يمكن ان يغيره لندفعه الي الامام، ولكنها لا تري الا قربا من دماء تترنح علي المقاعد الاساسية وتتبادل الاتهامات، بينما تتآزر اوروبا ولتكون قوة ذات اقتصاد متماسك، وتتسابق معها الصين، بينما تمسك الولاياتالمتحدة بزمام قيادة العالم بيد عجوز مرتعشة، تبحث عن مقويات عبر حروب تدعي القداسة، ولكنها تكلفها الكثير مما يجعلها عاجزة عن رؤية الهوة التي تنزل اليها، وطبعا تأخد من مقدرات العالم العربي قدرا من المقويات الهائلة لاقتصادها، وما لم يقله اسماعيل سراج الدين وأحسست انا اثناء استعراض حالات التقدم العلمي، ان الثروة العربية تلعب دور الفياجرا والسيالس واللافيثرا للولايات المتحدة، بينما لا نلتفت نحن الي حقيقة قديمة قالها ادم سيمث منذ اكثر من مئتي عام، حين اكد في كتاب ثروة الامم الضخم ان اهم قوة الدول لا تقاس بالثروات المكدسة، ولكن حين يتم استغلال الثروات في الانتاج. وكأن الضمير البشري صار مدهوسا بجنون الانتاج العسكري والتسلح فصار يصرف ستة عشر ضعفا علي التسليح قياسا لما يصرفه علي تنمية البشر. يعبث الكبار بمناخ الكرة الارضية فينتشر الجوع والفقر، بينما يعاني القادة بعدم رؤية الكوارث التي تحيق بهم، لا يلتفت اهل البحث عن التخلف الي ان قضية دخول المرأة الي منصة القضاء في مجلس الدولة ليست هي مفتاح الدخول الي الجنة. انتبهوا ايها السادة الي ما نحن فيه من تخلف، فالصاعقة التي توقظون بها يوم القيامة في ايديكم وانتم تسرعون اليها، ولا يبقي للكتاب والمثقفين الا ان يصرخوا في آذانكم "افيقوا يرحمكم الله"