اقتصاد نفسي في زمن صرنا ندمن فيه نقد كل شئ وعدم الاعجاب بأي شيء ومحاولة يومية لتسجيل موقف ننتصر فيه نحن حملة الاقلام والكاميرات علي اي كائن في اي موقع من المسئولية.. في هذا الزمن صار من الصعب ان تبدي اعجابا بشخص او تجربة او ان تقول: فلان موفق في عمله وذلك حتي تتحاشي ان يشاع عنك انك اما قابض من الشخص او مستفيد منه بشكل او بآخر واما انك تريد منه خدمة ما. والحقيقة الواضحة التي يعرفها كل من يعرفني علي مدي سبعة واربعين عاما هي عمر عملي كصحفي هي انه لم يفلح اي كائن ان يضعني في جيبه الصغير ليملأ فمي او سطوري بما يرغب هو ولذلك فعندما اقرر هنا اني معجب بقدرات اسماعيل سراج الدين التي ادارت مكتبة الاسكندرية بإبداع يليق بالمكان والمكانة فأنا اقرر حقيقة نابعة من ضميري ولعل هناك عشرات المئات من الاسباب التي تجعلني اكتب ذلك. ولعلنا نذكر جيدا ان المكتبة قد تم افتتاحها منذ خمس سنوات ايام بدء ما سمي الصدام بين الحضارات وجاءت المكتبة كاجراء متحضر قديم الجذور في مصر ومنطقة البحر المتوسط حيث كانت مكتبة الاسكندرية القديمة هي بيت الحوار بين الحضارات وفي ميلادها المعاصر جاءت كبيت للحكمة وفي نفس الوقت تدير الحوار بين الحضارات بل واستطاعت المكتبة بمؤتمر الاصلاح الذي عقد منذ اربعة اعوام ان تصد عن البلاد العربية جزا كبيرا من الغباء الذي لامثيل له، واعني به غباء المحافظين الجدد ورمزهم بوش بل ان وثيقة الاصلاح العربي المسماة بوثيقة الاسكندرية والتي ولدت منذ اربع سنوات اصبحت جزءا من اجراءات خلخلة مخ الغبي بوش كي يعلم ان دهم ودهس المنطقة العربية ليس سهلا ولم تكن هناك وسيلة كي يسحب تهديداته الغبية سوي حشد ثقافي يليق وهكذا جاء مؤتمر الاصلاح الاول ليأتي من بعده ثلاثة مؤتمرات. ولعل ذاكرتي تحمل فكرة تلح دائما علي خاطري في ايامنا هذه فنحن الذين نعبر عما يجري لنا وحولنا صرنا مدمنين لحالة التقليل من قيمة انفسنا ولذلك وقفت في مؤتمر الاصلاح الثاني لاطلب رصد التجارب الناجحة في عالمنا العربي وبصراحة شديدة كنت اخفي حلما اشد بساطة وصعوبة في آن واحد، هو ان ندرس من بعد التجارب الناجحة فكرة انتاج وتوزيع رغيف خبز عربي محترم من المحيط الي الخليج. المهم ان فكرة التجارب الناجحة لم يستوعبها احد قدر استيعاب اسماعيل سراج الدين لها فرصد لتلك التجارب فرصة كي تتجمع لا كي ننافق انفسنا ولكن لنتعرف علي بعض من قدراتنا وصارت التجارب الناجحة كتابا واضح الملامح. اما فكرة انتاج رغيف خبز عربي من المحيط الي الخليج فقد رحب بها عمرو موسي ويقدمها للرؤساءولكن الظروف العربية لم تسمع بذلك خلال ثلاثة مؤتمرات قمة عربية سبقت وحين ناقشت فيها الجليل د.احمد جويلي قال لي: ما تقترحه امر يستدعي دراسات مكثفة وحقيقة وتأخذ وقتا طويلا. المهم فرحت بصدور كتاب التجارب الناجحة في عالمنا العربي ومن المؤكد ان قلبي يمتلئ بالامتنان لاسماعيل سراج الدين الذي سمع فكرة ورآها تستحق الدراسة فأفرد لها الوقت والجهد وفرص التنفيذ. اما سبب الشكر فهو ان كثيرا من الافكار تأتي علي اخيلة المصريين والعرب ولكنها لا تجد من يسمعها او يدرسها. شكرا اسماعيل سراج الدين لانك تسمع وتختبر وتفسح الطريق امام اي امل قادم.