اختار الرئيس الأمريكي الجديد القاهرة لتكون منبرا له ليوجه خطابا للعالم الإسلامي. هذا الاختيار لم يعجب بعض الناس داخل مصر.. وخارجها. مفهوم أن يشعر البعض خارج مصر ب"الغيرة" من تفضيل الرئيس الأمريكي للقاهرة لكي يلقي منها خطابه للعالم الإسلامي.. بعضهم يري أن أوباما بهذا الاختيار يؤكد ان القاهرة هي مركز الثقل في العالم الإسلامي، وهذا التوجه لا يروق لهم. بعض الناس يقولون ان اختيار القاهرة يعطي لها دورا أكبر مما تستحق وكان الأولي بالرئيس الأمريكي ان يخاطب العالم الإسلامي من مكان تجمع بشري أكبر للمسلمين كاندونيسيا مثلا. أما في الداخل فبعض القوي السياسية تري أن أوباما بهذا الاختيار للقاهرة يقدم دعما مجانيا للحكومة القائمة ونظام الحكم الدستوري في البلاد.. وأن هذه الزيارة تشجع الحكومة علي التمادي في "حجب" قوي المعارضة التي تستهدف الحكم الحالي وتسعي لازاحته لكي تحل محله.. ولكنها لا تستطيع. تستند القوي الخارجية التي لا تروق لها زيارة أوباما لمصر واختياره لها لكي يوجه خطابه للعالم الإسلامي إلي فترة من الفتور في العلاقات المصرية الأمريكية امتدت تقريبا طوال حكم الرئيس السابق جورج بوش الابن.. في تلك الفترة ساد نوع من عدم التفاهم حول سياسات أمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط واتهمت القاهرة الإدارة الأمريكية بانصرافها عن مسئوليتها الأساسية لحل مشكلة الشرق الأوسط والضغط بقوة لفض الاشتباك بين اسرائيل وبين الفلسطينيين. بدلا من ذلك اتجهت واشنطن إلي التدخل في الشئون الداخلية لدول الشرق الأوسط ومن بينها مصر بزعم تصدير الديمقراطية.. وأصبحت المنطقة مستهدفة لمصدري الايدلوجيات، وهكذا وضعت الولاياتالمتحدة نفسها علي خط واحد مع طهران. طهران تسعي إلي تصدير الثورة الايرانية وتتدخل في الشئون الداخلية لدول المنطقة. وواشنطن تسابقها لتصدير النموذج الأمريكي للديمقراطية إلي العواصم العربية وغيرها وتؤكد استراتيجية الفوضي الخلاقة. سياسة الولاياتالمتحدة التي انصرفت عن حل مشكلة الشرق الأوسط كانت تعني اطلاق يد إسرائيل وبالتالي تنمية روح العداء للولايات المتحدة وزيادة السخط عليها في العالمين العربي والإسلامي. حينما تبدي الولاياتالمتحدة رغبتها في تصحيح سياستها، فإن القاهرة ترحب. ولأن الولاياتالمتحدة دولة كبري مؤثرة فلا بأس من الترحيب باختيار القاهرة منبرا للرئيس الأمريكي ليوجه خطابه.