تفاقمت مؤخرا أزمة الغذاء العالمي، حتي وصل الأمر إلي خروج مظاهرات صاخبة في عواصم أوروبية كبري تحتج علي اتجاه القوي الصناعية لاستخدام الحبوب الغذائية وعلي رأسها القمح في إنتاج الوقود الحيوي. الأزمة أخذت أبعادا خطيرة في دول العالم الثالث وصلت حد المجاعة في بعضها، المتخصصون في مجال الغذاء أكدوا أن السبب الرئيسي في الأزمة يرجع إلي زيادة معدلات الفاقد من الإنتاج الكلي للغذاء، فعلي الصعيد المصري أكدت دراسة د. إيمان محمد حسن مدرس الاقتصاد بالمركز القومي لبحوث وتكنولوجيا الاشعاع أن الفاقد السنوي من الغذاء المصري يمثل 25% من الإنتاج الكلي وهذا الفاقد يعود لعدة أسباب يأتي علي رأسها سوء تخزين الحبوب مع بدائية وسائل النقل إضافة إلي ما يتم فقده أثناء الزراعة ومواسم الحصاد. ويقول محمد شكري عضو غرفة الصناعات الغذائية إن صور وأشكال فقد الغذاء تتوزع علي أكثر من مرحلة بداية من زراعة المحاصيل وتداولها وصناعتها. مشيرا إلي أن نسبة الفاقد الأكبر تكون في مرحلة الزراعة حيث نجد أن عملية الزراعة في مصر تتم بشكل تقليدي لا يواكب التطورات الحديثة ولذلك فإن فاقد الغذاء في مرحلة الزراعة يتعدي المعدلات الدولية المتعارف عليها. وهناك فاقد في المحاصيل وعملية حصدها ويؤكد شكري علي أن فاقد الغذاء في المحاصيل الزراعية تجاوز 40% في بعض الخضراوات مثل الطماطم. ويضيف أن المرحلة الثانية هي التداول حيث تزيد فيها نسبة الفاقد لجميع أنواع المنتجات الزراعية نظرا لغياب وسائل النقل المجهزة والمهيأة لنقل هذه المنتجات سواء حبوب مثل القمح والذرة وغيرهما والتي تحتاج إلي سيارات معدة خصيصا لذلك أو خضراوات وفاكهة تستلزم وجود سيارات بها ثلاجات ومبردات خاصة لتحمي هذه المنتجات من التلف والحفاظ عليها لأطول فترة ممكنة. ويضيف شكري أن جميع دول العالم تطور وتحدث من أساليبها الزراعية للحفاظ علي منتجاتها وتعظيم حجم الإنتاج ويستطرد قائلا إن المرحلة الثالثة وهي الصناعة وفاقد المصانع هو أقل نسب الفاقد في الغذاء حيث لا تتجاوز 2،1% حيث إن المصانع المصرية بدأت تساير التطورات التكنولوجية الحديثة في العالم والتي تهدف لاستغلال جميع امكانياتها بشكل جيد. وأكد شكري علي أن زيادة نسب الفاقد بالغذاء في مصر تؤثر بشكل سلبي علي الاقتصاد الوطني وتزيد من الأعباء علي المواطنين وخاصة مع أزمة الغذاء العالمية التي تفجرت مؤخرا وفي فترات الأزمات لابد من وضع حلول لعملية تتواقف مع الظروف حيث إن امكانياتنا الزراعية والمساحة المزروعة لا تسمح بمواجهة الأزمة بشكل جيد. الأعمال اللوجيستية ومن جهته يؤكد هاني برزي رئيس المجلس التصديري للصناعات الغذائية علي أن زيادة نسبة فاقد الغذاء تعود إلي عدة أسباب جوهرية أهمها سوء وسائل النقل المستخدمة في تداول المنتجات الغذائية بالإضافة إلي سوء سلوكيات المواطن المصري في شراء وتخزين احتياجاته من المواد الغذائية وكذلك غياب الوعي لدي التجار في طريقة عرض وتخزين المواد الغذائية وعدم توفر الاشتراطات الصحية والمواصفات المطلوبة في المحال التجارية مما يؤدي لزيادة سرعة تلف المتنجات الغذائية. ويقول سامي طه رئيس شركة مطاحن وادي الملوك. إن فاقد محصول القمح يمر بعدة مراحل بداية من زراعته وحصاده ونقله للمطاحن وتخزينه وتشهد كل هذه المراحل نسبة فاقد وتبلغ نسبة فاقد القمح أثناء زراعته وحصاده 3% وتصل إلي 10% في مرحلة تداوله ونقله نتيجة لعدم توافر سيارات النقل الكافية والمجهزة لذلك. وأضاف أنه نظرا لاتجاه الدولة والمسئولين لتخفيض نسبة الفاقد فهناك خطة لإنشاء 50 "صومعة" جديدة لتخزين القمح وتم تنفيذ المشروع وبدأ العمل ب 5 صوامع جديدة تابعة للشركة القابضة للصوامع والتخزين وذلك لتفادي عملية تخزين القمح في "شون وجوالات" تزيد من نسبة الفاقد كما كان يحدث في الماضي. وأضاف أن هناك اتجاها لاستخدام الحصاد الآلي بدلا من عملية الحصاد التقليدية والتي تزيد من نسبة الفاقد في محصول القمح. وأكد سامي طه علي أن فاقد الدقيق يختلف عن القمح حيث إن فاقد الدقيق نسبة ضئيلة جدا لأنه يتم تخزينه في صوامع خاصة بالمطاحن وأيضا نسبة فاقد القمح المستورد منخفضة لأن دورة تداوله لا تسمح بوجود فاقد كبير ويتم نقل القمح من خلال سيارات نقل مجهزة تسمي "سيارات صب" ويتم تخزينها أو شحنها إلي المطاحن.