حول إصلاح نظام المعاشات والاختيارات المتاحة وتداعياتها باعتباره يهدف إلي الحماية الاجتماعية وتوفير الأمان للمواطنين في المستقبل أكدت الدكتورة جنات السمالوطي استاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ان النظام الحالي للمعاشات يحتاج إلي اصلاحات أساسية تتعلق بالتنظيم والتمويل والإدارة خاصة أن النظام الحالي رغم شموله وارتفاع معدلات الاشتراكات يعاني من انخفاض الحصيلة الفعلية للاشتراكات مقارنة بقيمة المعاشات والتعويضات المنصرفة حيث تشير البيانات عن الفترة من 98/1999 - 06/2007 الي ارتفاع صافي الاشتراكات من 11.2 مليار جنيه الي 19.5 مليار جنيه بمعدل نمو متوسط بلغ 9.3% سنويا في حين ارتفعت قيمة المعاشات المنصرفة عن نفس الفترة من 11.3 مليار جنيه الي 28.4 مليار جنيه بمعدل نمو متوسط بلغ 19% وهو ما يعكس عدم التوازن بين الاشتراكات والمزايا التأمينية وهو ما يلقي شكوكا قوية حول مدي توافر مقومات التوازن الذاتي لنظام المعاشات في مصر حاليا وعلي الأجل الطويل وحول انعكاسات ذلك علي اتجاهات الانفاق العام والعجز المالي والدين العام. وتضيف علاقات التشابك المالي بين صناديق المعاشات وبنك الاستثمار القومي والموازنة العامة للدولة أعباء وأبعادا جديدة إلي مشكلات نظام التأمين الاجتماعي. وحددت الدراسة بديلين أمام اصلاح نظام المعاشات مع تباين أثارهما الاجتماعية والاقتصادية.. الأول وهو التحول إلي نظام الموازنة السنوية بحيث تتضمن الموازنة العامة حقوق أصحاب المعاشات والمستحقين عنهم "الحالية والمستقبلية" مقابل ان تؤول اليها أصول وخصوم صندوقي التأمين الاجتماعي وفي إطار هذا البديل اختفت بدءا من 06/2007 مساهمات الحكومة في صناديق المعاشات كأحد مكونات الاعتمادات المخصصة للدعم والمنح والمزايا الاجتماعية في الباب الرابع وحلت محلها فوائد قروض تمويل الاستثمارات كأحد مكونات الفوائد محلية وخارجية في الباب الثالث من الموازنة العامة وتساءلت الدكتورة جنات السمالوطي في هذا البديل حول مدي اتساق هذا التوجه من جانب الحكومة مع الاتجاهات الاصلاحية الجارية في الاقتصاد نحو التحرير الاقتصادي والمالي ونحو خفض الدور المباشر للحكومة في النشاط الاقتصادي. أما البديل الثاني هو بناء نظام تأميني متعدد الركائز بحيث تقوم الركيزة الأساسية لنظام المعاشات علي نظام حكومي اجباري تديره الدولة والركيزة الثانية تقوم علي انظمة معاشات إلزامية مكملة للنظام الحكومي تعتمد علي الحسابات الشخصية والمساهمات المحددة وتدار بواسطة القطاع الخاص تحت إشراف حكومي والركيزة الثالثة تعرف ب"الركيزة الصفرية" وتشمل برامج لضمان حد أدني من المساعدات الاجتماعية التي لا تعتمد علي الاشتراكات ولكن تمول من موارد الموازنة العامة وتمثل "الملاذ الأخير" للضمان الاجتماعي وتمثل تدعيم هذه الركيزة الثالثة توجها مطلوبا للفصل بين نظام المعاشات ونظام المساعدات الاجتماعية. وأكدت الدكتورة جنات السمالوطي ان نظام المساعدات الاجتماعية الموجه لمكافحة الفقر والممول من خلال موارد الموازنة يظل أضعف أركان نظام الحماية الاجتماعية في مصر ويجب بذل جهد حقيقي لدعمه وتقويته لارتباطه بأحد أهم وظائف الدولة في كل زمان ومكان نظرا لأهميته في تحقيق الشمول المنشود لنظام الحماية الاجتماعية لجميع الشرائح المهمشة في المجتمع مشيرة إلي أن النظام التأميني السائد رغم تطوره يحمل سمات نظام الاقتصاد الآمر الذي ساد في الستينيات واعتمد علي تعبئة المدخرات الخاصة بشكل اجباري لتمويل خطط التنمية أما وقد اتجه الاقتصاد نحو التحرير واعمال قواعد السوق والمنافسة فيجب النظر لاصلاح المعاشات باعتباره جزءا من منظومة اصلاحية أشمل تستند إلي توزيع جديد للأدوار والموارد بين الدولة والقطاع الخاص بشكل حقيقي.