كما كان متوقعا من لقاء القمة الثلاثية التي جمعت بين كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية وايهود أولمرت رئيس الوزراء الاسرائيلي ومحمود عباس الرئيس الفلسطيني فقد اضيف هذا اللقاء إلي مجمل اللقاءات التي سبقته وأصبحت قمة تضاف إلي قمم أخري لم تحدث السلام المرجو لا التقدم في المفاوضات المطلوب انجازه. لقد استبق اولمرت اللقاء باعلان أنه سيقاطع الحكومة الفلسطينية إذا لم تقبل بشروط اللجنة الرباعية الدولية وتأكيده بأن الموقف الأمريكي يتطابق مع الموقف الاسرائيلي في هذا الصدد اغلق سقف التوقعات في امكانية التوصل إلي صيغة لاستئناف المفاوضات المجمدة بين الطرفين منذ فترة طويلة. زيارة رايس لم تكن سوي زيارة استكشافية لآفاق السلام التي ترجوها وتبحث عنها الادارة الأمريكية ولو بشكل مؤقت بهدف صرف النظر عن خطة بوش التي تنفذ الآن في العراق بالاضافة إلي محاولة مستميتة لتغطية فشل هذه الادارة في العراق وعلي الرغم من تأكيد الادارة الأمريكية قبيل زيارة رايس للقدس بأن جميع القضايا ستكون علي طاولة النقاش عندما تجتمع وزيرة الخارجية الأمريكية مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ورئيس السلطة الفلسطينية فإن أياً من ذلك لم يحدث وبدا اللقاء منذ انعقاده باهتا باردا واستبعدت قضايا الصراع الملحة كاللاجئين والقدس والحدود بتعمد واضح وما تم طرحه هو اشتراكات الرباعية الدولية وكيفية تطبيقها فلم يتمخض عن اللقاء سوي رفض مستمر للتعامل مع حكومة لا تعترف بالاشتراكات الثلاثة الشهيرة. وفي الوقت الذي يتحدث فيه الفلسطينيون عن مفاوضات حديثة مع إسرائيل وبينما يعلن أبو مازن عن نيته طرح القضايا المتعلقة بالتسوية الدائمة ورفضه للحدود المؤقتة وفك الحصار والتعامل مع الحكومة التي تم الاتفاق عليها في مكة، جاء الجانب الاسرائيلي ليحبط كل ذلك ويتحدث عن محادثات نظرية فقط ويستبقون أي حديث بفرض شروط الاعتراف باسرائيل الأمر الذي لن يتحقق أبدا علي يدي حكومة تترأسها حماس. وكان واضحا أن أولمرت الذي أعلن رسميا في إسرائيل قبيل انعقاد القمة الثلاثية بعدم اعترافه بالحكومة الفلسطينية الجديدة وعدم التعامل معها بأنه استمر التشجيع في تصلبه من مضمون المحادثة الهاتفية التي تمت يوم الجمعة الماضي بينه وبين الرئيس جورج بوش الذي طمأنه إلي أن واشنطن لن تعترف بالحكومة الفلسطينية الجديدة ما لم تعلن صراحة قبولها شروط الرباعية الدولية وقد حسمت هذه التصريحات لبوش تضارب تصريحات لمسئولين أمريكيين عديدة بشأن تعامل الادارة الأمريكية مع حكومة الوحدة بأن الادارة الأمريكية تنظر إلي اتفاق مكة وتشكيل الحكومة بترقب وتدرس هذا الاتفاق بما يعني امكانية تعاطي الادارة الأمريكية ولو جزئيا مع هذه الحكومة خاصة أنه ما كان لهذا الاتفاق أن يخرج للنور بعد الدعوة السعودية للفرقاء الفلسطينيين دون التنسيق مع الولاياتالمتحدة وهذا ما أكده العديد من السياسيين والمحللين. ويبدو أن الضوء الأخضر الذي تلقاه أولمرت من بوش هو ما اتاح اضافة شروط أخري للتعاطي مع الحكومة الفلسطينية إذ قال إنه في حال أعلنت الحكومة الفلسطينية قبولها شروط الرباعية فسنصر أيضا علي أن تنفذ الالتزامات الأخري بما فيها اطلاق الجندي جلعاد شاليط قبل تحريك عجلة التفاوض. وأضاف أن إسرائيل لن تسلم بوضع لن يتم فيه تنفيذ كل الالتزامات. لقد توقع العديد من الخبراء فشل هذه القمة ورأت مصادر سياسية إسرائيلية رفيعة المستتوي أنه لا جدوي من عقد القمة لجهة كسر الجمود في العلاقات واطلاق حوار حقيقي في شأن الآفاق السياسية المستقبلية واستئناف الحوار السياسي وهاجم العديد من الكتاب الاسرائيليين أولمرت فيما لو ضيع فرصة اللقاء وتحويلها إلي لقاء عابر ووصفت ضياع هذه الفرصة علي يد إسرائيل بأنها ستكون بمثابة وضع لضم قاس في دواليب فرصة جديدة سانحة واعتبرت هذه الأوساط أنه بعد اتفاق مكة والاتفاق المبدئي حول حكومة الوحدة الفلسطينية فإن فشل القمة سيكون تآمرا علي فرصة سانحة استئنائية وليس أقل من ذلك إذا واصل أولمرت السير وفق الخط الاسرائيلي علي أنغام اللحن القديم. وما يبدو واضحا بعد خروج هذه القمة بهذا الشكل البارد أن المحادثة الهاتفية التي دارت بين أولمرت وبوش نجحت في تحصيل الأخير لموقف أمريكي متطابق مع الموقف الاسرائيلي الرسمي الذي يعاني من انكسارات داخلية عديدة وهجوم من المتشددين اليهود ازاء محاولات جهات دولية دق اسفين بين إسرائيل والولاياتالمتحدة في اشارة إلي روسيا وايطاليا اللتين وفقا لتقارير وصلت إلي تل أبيب تحاولان تشكيل جبهة جديدة تعترف بالحكومة الفلسطينية الجديدة لذا فإن ما أنجزه أولمرت من تفاهم مع بوش حدد سقفا واضحا لهذه القمة وبعث برسالة واضحة للرئيس عباس تقول إن أمام الحكومة الجديدة أحد خيارين: قبول الشروط الثلاثة أو مواصلة مقاطعتها!!