تحليل يكتبه محمد النجار القاعدة التي تقول "إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب"، قد لا تصلح في جميع الأحوال فأحيانا أيضا يكون الكلام من ذهب، إذا كان به اجتهادات صادقة ومحايدة لحدث ما، وهناك ضرورة الآن لتفسير ما يحدث في البورصة، بعد ان تلقيت اتصالات ورسائل الكترونية من العديد من المتعاملين والمستثمرين تطلب تفسيرا لما يحدث في السوق، وبالتالي لابد من الاجتهاد ومحاولة التفسير. وسنبدأ أولا بتساؤل بسيط: هل كان متوقعا ان تحدث تحركات عرضية وبعض جني الارباح أم أن الأمر جاء بمثابة المفاجأة؟، اعتقد ان ما حدث حتي الآن كان متوقعا، فالبعض سأل نهاية العام الماضي وبداية يناير: هل تستمر البورصة في الصعود؟ وكان ردي: قد تحدث عمليات جني ارباح مع يوم 20 يناير وكان السؤال: لماذا هذا التاريخ تحديداً؟ والإجابة هي: التأثير النفسي والسيكولوجي، ودعونا نوضح الإجابة أكثر، فأحداث فبراير 2006 ستظل عالقة في أذهان المستثمرين لبعض الوقت، وبالتالي الخوف من فبراير 2007 قد يدفع المستثمرين للبيع قبل بداية فبراير، وبالتالي حدثت عمليات البيع. والمشكلة في التأثير النفسي ان المستثمرين والمتعاملين والسماسرة قد يخلقون شائعة ويدفعون السوق لتصديقها، وبالتالي يتحرك السوق في اتجاهها، مثلا انتشرت شائعة ان سهم المنتجعات يتحرك في اتجاه 200 جنيه، وكانت النتيجة ان كل المستثمرين غير المحترفين الذين اشتروا السهم راهنوا علي وصوله إلي 200 جنيه، ولم يدرس أي منهم ما هي الأسباب التي تدفع مثل هذا السهم للوصول إلي 200 جنيه؟ وهل هذا منطقي.. انه التأثير النفسي الذي يتحول إلي تحرك جماعي قابل للتصديق!! ولكن هل اسعار الأسهم عالية ومبالغ فيها مثل فبراير 2007؟، الإجابة القاطعة هي: النفي فالأرباح المتوقعة سترتفع بنسب تتراوح بين 10% و60% في المتوسط، وأسعار الأسهم انخفضت حوالي 20% عن مستواها في فبراير 2007 وبالتالي حدوث انهيارات فبراير الماضي يجب ألا يتكرر هذا بالمنطق، أما العوامل النفسية فإنها قد تضخم من التأثير، رغم عدم وجود أسباب لهبوط الأسعار. ولكن هل هناك أسباب أخري ساهمت في دفع السوق للهبوط؟.. نعم هناك أسباب أخري ويجب ان توضع في حجمها الطبيعي. مثلا رئيس هيئة سوق المال نفي خروج استثمارات لإحدي الجماعات المحظورة من البورصة تصل إلي 2 مليار جنيه نفيا قاطعا، ولكن أحد الوزراء صرح لصحيفة يومية ان هذه الجماعة المحظورة تمتلك استثمارات بمئات الملايين من الدولارات التي تحركها في السوق، وكان استنتاج المستثمرين قد يكون خروج استثمارات الجماعة المحظورة من البورصة صحيحا، وهناك محاولة لإخفائه، رغم انه أمر غير منطقي فأعضاء هذه الجماعة التي لا اتفق مع رؤيتها من قريب أو بعيد ونرفض المتاجرة بالدين في السياسة، ولكن هم في النهاية مصريون واعتقد ان مسألة ضرب اقتصاد مصر عن طريقهم غير واردة، ولكن تصريحات السيد الوزير مؤثرة بالطبع. هناك عوامل أخري أثرت بالطبع علي السوق منها التراجع الكبير للبورصة السعودية لتصل إلي أدني مستوي لها منذ أكتوبر ،2004 وتأثير ذلك علي المستثمرين العرب في البورصة المصرية، ولكن ما هو حجم مبيعات العرب رغم هبوط بورصاتهم؟ اعتقد ان احصائيات البورصة تشير إلي توازن تعاملات العرب، وبالتالي يجب ان توضع الأمور في نطاقها الطبيعي فالعرب كانوا مشترين فلماذا تتراجع البورصة؟ وهناك عوامل أخري منها بعض المخاطر السياسية الإقليمية، ولكنها ليست مؤثرة علي مصر بقدر تأثيرها علي دول أخري فالملف الإيراني قد يكون مزعجا لأسواق الخليج وما يحدث في لبنان وفلسطين قد يكون مؤثرا أكثر علي بورصتي بيروت وعمان، أما بورصة القاهرة فهي بعيدة كثيرا عن هذه التأثيرات، ونسأل: لماذا تصعد بورصة الأردن الأقرب للتوترات 5.1% وتهبط البورصة في القاهرة؟ يجب ان نضع الأمور في حجمها الطبيعي وان ندرس تأثيراتها علي الاقتصاد المصري وارباح الشركات، قبل ان نطلق شائعات ونصدقها. هناك أمر آخر: الشائعات التي أصبحت البورصة مرتعا خصبا لها مع وجود مئات الآلاف من المستثمرين غير المحترفين، والذين صعدوا بأسهم لا تستحق بنسب زادت علي 100% في كثير من الشركات وتركوا الأسهم الجيدة، ونصل في النهاية إلي ان البورصة تنقسم إلي نوعين من الأسهم: اسهم التجزئة والتقسيم وأغلبها يحتاج إلي تصحيح باستثناء أوراسكوم تليكوم وسيدي كرير. أما باقي الشركات فمازالت أقل كثيرا من قيمتها الحقيقية، وهناك العشرات من هذه الشركات وبشكل محايد وبدون مصالح أذكر منها هيرمس وشركات الاتصالات والبنوك بشكل خاص، وبعض شركات الأسمنت. الأرباح نمت ومؤشرات الأسعار انخفضت حوالي 1300 نقطة عن مستوي فبراير ،2006 وبالتالي المنطق يشير إلي أن الأسعار تستحق أعلي من مستوياتها الحالية بالطبع ليس كل الشركات ولكن الشراء الانتقائي الذي يعتمد علي المؤشرات المالية للشركات وتوسعاتها وأرباحها. [email protected]