** تستطيع أن تجد وبسهولة أرقاما عن عدد فقراء مصر.. وتستطيع أيضا ان تحصل علي عدد اللصوص والمسجلين الخطر والمدمنين كما انه يمكنك ان تعرف عدد العاطلين عن العمل.. في حين أنه لا يمكن ان تصل إلي عدد اغنياء مصر ولا عدد رجال الأعمال المصريين.. وكأن ذلك شيئا من "التابو" لا يمكن الاقتراب منه. لقد بلغ القطاع الخاص المصري سن الرشد وتمام النضج مما أهله للمساهمة بدور كبير في مسيرة التنمية حيث يتمتع حاليا بالعديد من المقومات والعوامل الايجابية ساعدته علي تكوين هيكل تنظيمي وانتاجي كبير.. واستطاع هذا القطاع ان يجمع العديد من الانشطة الاقتصادية والصناعية والزراعية والتجارية والخدمية وان يحقق نجاحات وأرباح واسعة وعريضة.. وذلك كله بفضل الدولة التي ساندته ووفرت له الدعم والحماية والتشجيع وقدمت له الحوافز والتسهيلات التي مكنته من الانطلاق والانتاج عمقا واتساعا وازداد دوره الانمائي وازدادت طموحاته وحقق المزيد من التنوع والتطور خلال السنوات القليلة الماضية. في مقابل ذلك.. ماذا قدم القطاع الخاص للوطن والمجتمع؟.. ما هو نصيب المواطن المصري الفقير من خدمات ومشروعات رجال الأعمال الخيرية والانسانية؟! قبل الاجابة علي هذه التساؤلات يعلق الاستاذ عادل العزبي فيقول: للأسف ان كلمة رجل الأعمال أصبحت تستخدم مثل كلمتي (بك)، و(باشا) وهي الألقاب التي ألغتها ثورة يوليو، ولكنها للأسف مرة أخري لا تزال سارية المفعول، واصبحت لا تعبر عن مضمون حقيقي، وقد يستخدم اسم بعض الجمعيات أو المنظمات للتعريف بها لقب رجال الأعمال ذريعة ضد القوانين الدولية التي تمنع التعصب ضد المرأة.. وفي رأيي ان اللفظ الملائم هو صاحب العمل وهذا عموما ليس مهنة.. وانما المهنة هي صاحب مصنع أو صاحب متجر أو مدير أو رئيس شركة.. والحقيقة ليس عندنا في مصر تعريف واضح للقط رجل الأعمال لانه ليس مهنة تكتب في البطاقة أو جواز السفر. علي كل الأحوال نحن في القطاع الخاص الجاد الملتزم الذي يستثمر أمواله في مشروعات انتاجية توفر فرص عمل حقيقية ويؤدي خدمات اقتصادية وانسانية للمجتمع. نحن نخاطب هذه الفئة لأن هناك خلطا بين الحس الاجتماعي والحس المجتمعي، حيث ان الكثير يعتقد ان مجرد اقامة موائد للرحمن في شهر رمضان أو التبرع ببعض الأموال لاعالة أسرة فقيرة أو بناء مسجد أو المساهمة في اقامته هو كل ما يجب عليه عمله تجاه مجتمعه ولكنها أمور ليست كافية. فالحس المجتمعي الذي يجب ان يتسم به رجال الأعمال او القطاع الخاص الغني هو اقامة مشروع يظل أثره باقيا في المجتمع أي يجب ان يكون أقرب إلي الصدقة الجارية، وتاريخنا يضم أمثلة عظيمة وعلي سبيل المثال لا الحصر الكثير من المستشفيات المعروفة وجامعة القاهرة ومشروعات خيرية وانسانية يظل اثرها مستمرا ومتواصلا. في بلد مثل المملكة العربية السعودية يضرب فيها رجال الأعمال أروع الأمثلة الجميلة في رد الجميل الوطني بالتبرع السخي للجمعيات الخيرية وجمعيات أصدقاء المرضي والأيتام والمعوقين فضلا عن الاستجابة السريعة لطلب أي مشغول للتبرع في اقامة مشروع خيري.. وفي خلال ساعات تكون الشيكات في مكتب المسئول وهناك ايضا اشكال اخري للأعمال الجميلة التي يقوم بها رجال الأعمال السعوديون مثل الاشراف المادي علي عمل (كورسات) في الجامعة.. او الانفاق علي الأبحاث العلمية التي تجريها بعض الجهات المتخصصة وتحمل أسماءهم.. تلك هي المواطنة والانتماء ورد الجميل.. للوطن. ولعل في تبرع المليادرير الأمريكي وارين بافيت بمبلغ ضخم 37 مليار دولار من ثروته للمؤسسات الخيرية أكبر دليل علي معني الاحساس، بالواجب ومعاناة الفقراء.. رجل يتبرع بغالبية ثروته للعمل الخيري ولا يتبقي له ولأسرته سوي بضعة مليارات تكفيه طوال ما بقي له من عمر. ومثال آخر لا يقل نبلا وانسانية أقدم عليه أغني رجل في العالم هو بيل جيتس الأمريكي بأن يترك كل مناصبة التنفيذية في شركاته ويتفرغ لادارة مؤسسته الخيرية. يا رجال الأعمال في مصر اتخذوا من هذه الأمثلة الجميلة قدوة حسنة.. ونحن لا نطلق العنان في كلماتنا علي الجميع ولكن هناك فئة صالحة تعمل لدنياها كأنها تعيش غدا وتعمل لآخرتها كأنها تموت غدا.. بعض من رجال الأعمال الطيبين اقاموا جمعيات خيرية بأسمائهم منهم علي سبيل المثال ايضا محمد فريد خميس ومحمد أبو العينين وساويرس والسلاب وغيرهم كثيرون اقاموا مشروعات خيرية ومشروعات اقتصادية كالصدقة الجارية نهيب بالجميع برد جميل الوطن والاحساس بالفقراء والمحتاجين لأن قرار مساعدتهم والتبرع لعمل الخير لا يحتاج إلي قرار جمهوري أو وزاري وانما هو قرار ينبع من نفس راضية صافية.. والأعمال الخيرية الانسانية تجمل صورة رجل الأعمال عند المواطنين لأنهم - كما يقول واحد منهم هو الاستاذ محمود خميس - مكروهون في مصر كلها ويقول ان المجتمع اعطانا الكثير ورغم ذلك انحاز الكثيرون منا إلي السلطة. ويتساءل محمود خميس: أين أموال الصناع؟ لدينا مدارس فنية ومراكز تدريب خاوية مجرد جدران اقامتها الدولة.. لماذا لا يشعر الكثيرون ان هناك ناساً لا يجدون عشاءهم رغم ان ثمن "عشوة" واحدة بفندق فاخر تكفي لاطعام عشرات اليتامي. جاء ذلك في اجتماع رجال الأعمال في جمعية العاشر من رمضان وقامت الزميلة الاستاذة فاطمة إحسان برصده وتحليله ونشر قبل أيام في هذه الجريدة.. وفي هذا الاجتماع أيضاً فيري أحد رجال الأعمال قائلا: نحن لسنا مؤسسات خيرية وما نسدده من ضرائب يعاد استخدامها مرة أخري لصالح محدودي الدخل.. هذا للأسف مفهوم البعض تجاه أعمال الخير. هذا هو رد البعض علي جميل الوطن ناسيا أن رئيس الجمهورية السيد حسني مبارك يدعو وبشكل مستمر في كل خطاباته علي الدور الاجتماعي لرجال الأعمال. ندعو إلي مجتمع تسوده المودة والرحمة وتكون العلاقات الانسانية قائمة علي التواصل والتراحم بين الناس غنيهم وفقيرهم كبيرهم وصغيرهم.. بدلاً من مجتمع تسوده الفردية وروح الانانية والشر والحقد.. مجتمع آمن مطمئن لا مكان فيه لكراهية أو حقد. اللهم ؤني قد بلغت.. اللهم فاشهد!