شكلت فترة الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي ذروة فترات التحالف علي ضفتي الاطلنطي بين الولاياتالمتحدة واوروبا باعتباره تحالفا قائما علي وحدة المصالح في مواجهة عدو واحد قوي هو الاتحاد السوفيتي السابق والكتلة الاشتراكية بوجه عام وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي وتفكك الكتلة الاشتراكية في بداية التسعينيات من القرن المنصرم وظهور الولاياتالمتحدة كقوة عظمي مهيمنة علي ما سمي بالنظام العالمي الجديد احادي القطبية بالغ الامريكيون في الاصرار علي تفردهم بهذه الهيمنة و بلغ بهم غرور القوة مبلغا جعلهم يحرصون علي الاستئثار بدور شرطي العالم الآمر الناهي والمحدد لشروط اللعبة علي الساحة السياسية والعسكرية والاقتصادية العالمية حتي بالنسبة لحلفائه الاوروبيين ومن ثم بدأت المواجهات تتوالي بين الحليفين بخلافات تجارية تتعلق بسعي القوة العظمي للهيمنة علي اسواق العالم وتطويع قواعد التجارة الحرة لما يتناسب مع مصالحها بالتحديد ولو علي حساب مصالح الحلفاء ومع التسليم بأن الساحة الاقتصادية العالمية باتت في قبضة الاحتكارات التي تمثلها الشركات متعدية الجنسيات والتي يتشارك فيها المستثمرون من الجانبين في الاغلب فضلا عن ان الصراع الرئيسي في العالم حاليا يتمثل في سعي دول الشمال التي تضمها مع دول الجنوب لنهب مواردها واستغلالها الا اننا لايجب ان نغفل الصراع الاخر وان كان ثانويا بين الحلفاء الغربيين والتسابق علي الانفراد بكعكة العولمة، وربما يحلو للكثيرين الاستشهاد بكتاب صامويل هنتنجتون بصراع الحضارات للتدليل علي ان الغرب الرأسمالي خشية تصدع تحالفه بعد انهيار العدو المشترك راح يبحث لنفسه عن عدو بديل فلم يجد امامه سوي الاسلام الذي شن عليه حربا باسم مكافحة الارهاب غير انني اتفق مع وجهة النظر القائلة بأن نظرية صدام الحضارات ما هي الا كمين امريكي مشترك للعرب والمسلمين من جهة وللاوروبيين من جهة اخري فالدول العربية والاسلامية -ولله الحمد علي كل شيء - لم تعد تمثل تحديا ذا قيمة لاي قوة في العالم بعدما مزقها تباين الولاءات والفتن الطائفية والعرقية ولم يعد من بينها من يهز شعرة في رأس القوي الكبري اللهم الا ايران مؤخرا بعد اعلانها المضي قدما في برنامجها النووي كما ان وحدة الحضارة الغربية لم تمنع صراع الدول الغربية الكبري علي السيطرة علي العالم الصراع البريطاني الفرنسي مثلا. قاض ومدع معا وبمجرد انهيار الاتحاد السوفيتي لم تعد واشنطن تريد معها شريكا في السيطرة ومن ثم ظهرت بوادر الاصرار علي فرض الهيمنة الثقافية الامريكية علي الشعوب الاوروبية الامر الذي ابدت التيارات المثقفة الاوروبية تململا ازاءه وتصاعدت الدعوات في اوروبا للحفاظ علي الهوية الاوروبية ونبذ ثقافة الامريكيين ابتداء من الموسيقي السريعة والاكلات السريعة وشهدت فرنسا - علي سبيل المثال - احتجاجات كثيرة علي محاولات الهيمنة الثقافية الامريكية علي حساب الثقافة الفرنسية الخاصة كما لجأت المانيا لوضع قاعدة عسكرية رمزية لها في امريكا كشكل رمزي يبرر للشعب الالماني بقاء القوات العسكرية الامريكية في المانيا وبدأت بوادر ظهور الصدع في التحالف القائم بين الجانبين بالخلاف حول قواعد حرية التجارة العالمية القائمة علي نشر مفاهيم الاقتصاد الحر التي يعتنقها الطرفان واتهم الاوروبيون الولاياتالمتحدة بأنها لاتحترم هذه القواعد الا عندما تكون لصالحها كما يعارض الاوروبيون علنا طريقة تعامل الامريكيين مع المنظمات الدولية باسلوب الكيل بمكيالين حيث تتوقف واشنطن كيفما يعن لها عن دفع التزاماتها المالية تجاه هذه المنظمات بينما تفرض علي الآخرين دفع التزاماتهم وكان اول الخلافات العلنية بين الجانبين بشأن تجارة الموز الذي فضل الاتحاد الاوروبي استيراده من المستعمرات البريطانية والفرنسية السابقة في افريقيا بدلا من استيراده من دول امريكا اللاتينية التي تربطها مصالح مع الولاياتالمتحدة فقامت الاخيرة بفرض عقوبات اقتصادية علي بعض الشركات الاوروبية دون انتظار قرار منظمة التجارة العالمية التي كانت تحقق في القضية وانتهكت واشنطن بذلك قواعد تحرير التجارة الدولية التي تتغني بها ليل نهار وتوالت بعدها مواقف اوروبا - خصوصا فرنسا- الرافضة لمبدأ هيمنة الولاياتالمتحدة علي قضايا تحرير التجارة العالمية بما يحقق مصلحتها اولا علي حساب الاخرين واستخدامها القوة في تسوية المنازعات التجارية وهو مادفع الاوروبيين لاتهامها باحتكار دور القاضي والمدعي في نفس الوقت وتوالت بعد ذلك الخلافات التجارية مرورا بفرض الحظر علي استيراد اللحوم الامريكية وقضية الدعم الزراعي في اوروبا والخلاف حول الدعم الاوروبي للطائرة ايرباص وتهديد كلينتون بتقديم دعم اكبر لشركة بيونج ووصولا الي الخلاف بشأن التجارة الامريكية حيث تحرص امريكا علي اختراق الاسواق الاوروبية عبر هذا النوع الجديد من التجارة فيما سعي الاتحاد الاوروبي لمواجهة هذا الاختراق بوضع قواعد لتنظيم التجارة الالكترونية التي تمس الخصوصيات والمعلومات الخاصة بالافراد والشركات في الاتحاد الاوروبي الذي اقرت دوله مبدأ الزام الشركات الاوروبية بعدم نقل اية معلومات خاصة بعملائها الي دول اخري غير اوروبية ومنها الولاياتالمتحدةالامريكية الا في ظل شروط محددة كما اقترحت اللجنة الاوروبية فرض ضرائب قيمة مضافة علي التجارة الالكترونية