نافذة علي الغد في الفصل الخامس من كتاب "مستقبل بيئة الأمن في الشرق الأوسط" الذي صدر عام 2004 عن راند التابعة للبنتاجون الامريكي يطرح الكاتب دانييل بايمان احتمالات وابعاد تغيير قادة دول العالم العربي ويستهل بايمان هذا الفصل بقوله ان سياسات الشرق الاوسط قد تكون أكثر اعتمادا علي طموح ونزوات القادة أكثر من اي منطقة اخري من العالم. وتغيير القادة في الشرق الاوسط قليل الحدوث يتم غالباً بشكل روتيني فالمنطقة تبدو انها تجمدت في الزمان، يستمر فيها حكم الحاكم لعشرات السنين، ويشير المؤلف الي ملاحظات جلين روبنسون التي يقول فيها "العالم العربي المعاصر يتميز بالكثير جدا من الاستقرار السياسي وليس بالقليل جدا منه". سوريا والسعودية ومصر يقول بايمان ان هذا الفصل يبدأ باختيار كيفية فهم موضوع تغيير الانظمة ثم نطرح فيه بعد ذلك عواقب تغيير النظام في السعودية وسوريا ومصر وقد تم اختيار هذه الدول بسبب اهميتها في المنطقة وبالنسبة للولايات المتحدة. سوريا التي تمثل نظام حكم معاديا للمصالح الامريكية في منطقة مفصلية بالشرق الأوسط. ومن ناحية أخري ربما تكون مصر والسعودية اكثر شركاء واشنطن أهمية في المنطقة. وفي كل حالة مثال يحاول هذا الفصل أن يميز بين السياسات النابعة من المصالح والاهتمامات (الجغرافية - السياسية) والتي يكون من المحتمل ان تشترك فيها معظم نظم الحكم التي يمكن تصورها، وأي السياسات تنتمي إلي كل نمط من نظم الحكم (مثال ذلك النظم الاسلامية في مقابل النظم العسكرية). بالاضافة إلي ذلك يحاول الكتاب في هذا الفصل ان يدرس نواحي القوة والضعف الخاصة للقادة الحاليين ولمن يحتمل ان يخلفهم لمحاولة استنباط كيف يمكن ان يؤثر التغيير عند القمة علي السياسات الحكومية كذلك ايضا اذا كان ممكنا معرفة القوة النسبية لمختلف الورثة المحتملين لتصور احتمالات بدائل السياسات المختلفة. امريكا.. وإغراء التدخل! نظم الحكم الجديدة تكون عادة أقرب إلي الحذر عندما تسعي القيادات إلي ترسيخ وتضخيم سلطاتها، وعلي أي حال - تقول الدراسة - قد يبدي القادة الجدد بصفة خاصة ترددا في المخاطرة بفقدان شعبيتهم بالتعاون مع المبادر الامريكية. كذلك تبدو الخطي الخاطئة، أمرا لا يمكن تفاديه، فمن الممكن ان يبالغ القادة في تقدير ما لديهم من قوة عسكرية فيندفعون في استخدامها مستندين إلي وهم الدعم الدولي معتقدين ان بإمكانهم ارهاب خصومهم خشية ان يخرجوا بانطباعات خاطئة تقود إلي قيام صراعات. غير أن التغيرات المحتملة ليست كلها - بالطبع - سلبية، ويعطي الكاتب مثالا علي ذلك بالأوضاع في المملكة العربية السعودية (مع التذكير بأن الدراسة والكتاب يرجعان إلي عام ،2004 أي إلي ما قبل وفاة الملك فهد)، يقول الكاتب في المملكة العربية السعودية قد يكون ولي العهد الأمير عبد الله قادرا علي التخفيف من المشاعر المعادية للنظام، وان يبادر باصلاحات صعبة، وقد يكون مغريا للولايات المتحدة ان تتدخل في عملية تغيير النظام، والولاياتالمتحدة ليس لديها سوي القليل من الأدوات الفعالة لتدخل محدود فالضغط المكشوف غالبا ما يوجد ردود فعل مضادة". ويضيف الكاتب انه للاحتشاد في مواجهة التغيرات غير المتوقعة، يكون علي واشنطن ان تدخل في اعتبارها مضاعفة العلاقات بالقادة أو المجموعات التي تكون خارج مجال السلطة، ولكنها تتمتع بمساندة كبيرة، كما يجب علي الولاياتالمتحدة أن تعطي أيضا المزيد من التركز علي استثمار الرأي العام. مؤشرات تغير النظم يقول بايمان انه من الصعب علي من هو خارج الشرق الأوسط ان يتنبأ بتغيير أحد النظم وما يترتب علي ذلك التغيير ومعرفة الغرب بالتوجهات السياسة للنخبة في الشرق الأوسط تكون في الأغلب محدودة، بل انه حتي جيدي التعرف علي الأوضاع من العناصر المحلية غالبا ما تفاجئهم الأحداث. قلة في الأردن هم الذين توقعوا ان يغير الملك حسين ولاية العهد طويلة الاستقرار لشقيقه الأمير الحسن وان ينقلها إلي ابنه عبد الله في الأسابيع السابقة لوفاته، وعانت ايران من ثورة عام 1979 فاجأت جميع المراقبين تقريبا، وغير ذلك من دول الشرق الأوسط عانت بشكل منظم من كثرة الانقلابات والقلاقل، التي لم يتنبأ بها سوي القليلين، والقادة يختلفون بشكل كبير حتي لو كان النظام الاجتماعي والبيئة الاستراتيجية لدولهم واحدة. خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي شهدت مصر والعراق وليبيا وسوريا واليمن انقلابات عسكرية، في عام 1979 اسقطت ثورة شعبية النظام النظام والقائم في ايران وحاولت الجزائر ان تخوض التجربة الديمقراطية في بدايات التسعينيات، فترتب علي ذلك انقلاب عسكري وحرب أهلية، حتي الدول الديمقراطية مثل تركيا واسرائيل قد غيرت سياساتها بشكل مؤثر بمجرد صعود قيادات جديدة إلي سدة الحكم.