دانيال بإيمان: حماس احتكرت السلطة في غزة بفضل الحصار وازداد وزنها السياسي بين الفلسطينيين المجلة تقترح تدفق البضائع لغزة تحت إشراف دولي ومراقبة المخابرات الإسرائيلية عدم دخول حماس في مفاوضات السلام قد يتسبب في فشلها أكد دانيال بإيمان الأستاذ في برنامج الدراسات الأمنية في جامعة جورج تاون وزميل مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط في معهد بروكينجز وهو من المراكز المؤثرة في عملية صنع القرار في واشنطن، ضرورة إشراك حركة حماس في مفاوضات السلام، لأنه لا يمكن إنجاح العملية السلمية بدونها. وأضاف بإيمان، في مقاله في ال«فورين أفيرز» تحت عنوان«كيفية التعامل مع حماس»، أن ضرورة إشراك حماس في المفاوضات تنبع من قدرتها علي إعاقة هذه المفاوضات سواء باستخدام العنف أو بعرقلة الجهود الدبلوماسية. وأشار بإيمان إلي أن أكبر عقبة في طريق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين هي ظهور حماس باعتبارها حكومة الأمر الواقع في قطاع غزة، مؤكدا أنه يمكن أن تبدأ محادثات السلام مع حركة حماس علي الهامش، لكن لا يمكن إتمام المفاوضات إذا رفضت حماس المشاركة فيها علي الإطلاق. وتابع بإيمان أنه ثبت أن حماس لديها القدرة علي عرقلة محادثات السلام من خلال قيامها بإطلاق النار علي الجنود الإسرائيليين وإطلاق الصواريخ والقذائف علي المزارعين الإسرائيليين العاملين بالقرب من الحدود مع غزة، واختطاف أفراد من قوات الجيش الإسرائيلي، كما يمكن لحماس أيضا تقويض محادثات السلام دون استخدام العنف. وأوضح بإيمان أن حماس يمكنها السماح للجماعات الأخري بالعمل من قطاع غزة، وادعاء الجهل أو العجز عن التصدي لها، كما يمكنها كذلك إعاقة المحادثات السياسية، فحماس تؤكد دائما أن محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية يبيع القضية الفلسطينية، وهذا يجعل من الصعب علي عباس الموافقة علي أي تنازلات لإسرائيل. وفي غضون ذلك، وضعت إسرائيل ومصر والمجتمع الدولي غزة تحت الحصار لعزل وإضعاف حركة حماس، بهدف الإطاحة بها ودفعها للانهيار، إلا أن محاولة إسرائيل تركيع حركة حماس دون حدوث مجاعة جماعية يحتاج إلي توازنات صعبة، فعلي الرغم من أن السياسات الإسرائيلية دائما ما تضع غزة علي حافة الهاوية، فإن حماس تعلم جيدا أن إسرائيل لن تقبل دفعها إليها. لكن وكالات الإغاثة تقدر الفقر في غزة بنسبة 80 %، والعالم يلقي باللوم في هذه المعاناة علي عاتق إسرائيل، وتظهر حماس، علي الرغم من جدول أعمالها الحافل بالعدوانية والقمعية، في صورة ضحية القسوة والعنف الإسرائيلي. وأكد بإيمان أن الحصار المفروض علي غزة قد فشل علي مستوي آخر: لأنه بدلا من أن يصيب حماس بالشلل، مكنها من احتكار السلطة في قطاع غزة، وازداد وزنها السياسي بين الفلسطينيين علي حساب المعتدلين مثل عباس، كما زاد الحصار من أهمية الخدمات الاجتماعية التي تقدمها، ومن الضرائب علي السلع المهربة عبر أنفاق بين غزة ومصر، فيما منح الحصار حماس وسيلة سهلة لجمع الأموال من إيران التي تتطلع إلي ربط اسمها باسم هذه الجماعة الشعبية المعادية لإسرائيل. وتابع بإيمان أن بعض الإسرائيليين يعتقدون أنه يجب أن يكون هناك بديل عملي للحصار يتمثل في مواجهة حماس وجها لوجه، والإطاحة بها عن طريق إعادة احتلال غزة،إلا أن هذه الخطوة من شأنها أن تجر إسرائيل إلي مستنقع، لأن احتلال قطاع غزة مرة أخري من شأنه أن يضر بالعلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة والمجتمع الدولي والقيادة الفلسطينية المعتدلة في الضفة الغربية. وأضاف الكاتب أنه إذا لم يكن بالإمكان اقتلاع حركة حماس، فينبغي إقناعها بعدم تعطيل محادثات السلام باستخدام العنف وأن تقوم بتخفيف حدة لهجتها. ومن أجل تحقيق ذلك، يجب علي إسرائيل وحلفائها تغيير طريقة اتخاذ القرارات وهي العملية التي سوف تتطلب حوافز وتهديدات. واقترح بإيمان أن تسمح إسرائيل بتدفق منتظم للبضائع إلي غزة تحت إشراف المنظمات الدولية، ووجود مراقبين لحراسة نقاط العبور، علي أن تقوم المخابرات الإسرائيلية بمراقبة ما يدور في هذه النقاط للتأكد من أن المراقبين يقومون بعملهم، وفي المقابل، تقوم حماس بوقف دائم لإطلاق النار والموافقة علي وقف جميع الهجمات من الأراضي الواقعة تحت سيطرتها، بالإضافة إلي إغلاق الأنفاق ووقف التهريب من خلالها. ومن شأن هذه الصفقة أن تسمح لحماس بالمطالبة بتحسين حياة سكان غزة، واستغلال هذا الناتج المتمثل في تدفق السلع في مكافأة مؤيديها، وبالنسبة لإسرائيل، فإنها ستتخلص من تهديد الهجمات الصاروخية المعادية، كما أن وقف إطلاق النار سيخدم إسرائيل من الناحية الدبلوماسية، إذ إن انحسار مشكلتها مع حركة حماس، سيمكنها من اتخاذ المزيد من المخاطرات علي طاولة المفاوضات مع عباس. إلا أن هذه الصفقة يمكن أن تأتي بنتائج سلبية علي صعيد الضفة الغربية، لأن الفلسطينيين المعتدلين سيرون أن إسرائيل تكافئ العنف، كما سيتسبب تحسين اقتصاد غزة إلي حدوث حالة من التناقض بين الظروف المعيشية هناك والظروف المعيشية في الضفة الغربية مما سيضر بعباس سياسيا، ومن أجل التعويض عن أي مكاسب سياسية قد تحظي بها حماس، فينبغي علي المجتمع الدولي تشجيع الجهود المبذولة لتوفير القانون والنظام والحد من الفساد، بجانب إقامة دولة في الضفة الغربية، وهذا من شأنه المساعدة في جعل حكومة عباس المنافس الحقيقي لحركة حماس. واختتم بإيمان مقاله بالإشارة إلي أن إضفاء الطابع الرسمي علي وقف إطلاق النار مع حماس من شأنه أن يثير مسألة ما إذا كانت إسرائيل والفلسطينيون المعتدلون قد قاموا ببساطة بتأجيل معركة لا مفر منها، والسماح للعدو بأن يصبح أكثر قوة، وفي الوقت نفسه فإن استئناف هذه الهجمات الصاروخية من غزة أو ظهور أدلة موثوق بها علي أن حماس تعمل علي زيادة قدرتها العسكرية بشكل كبير، يمنح إسرائيل حجة قوية لاستئناف الحصار بطريقة أكثر شمولا أو استخدام القوة. ومن ثم، فيجب أن يعتمد المجتمع الدولي ليس فقط علي فكرة إضفاء الطابع الرسمي علي وقف إطلاق النار ولكن أيضا علي التأكيد علي حق إسرائيل في الرد عسكريا، إذا قامت إسرائيل بتقديم التنازلات، واستمرت حماس في استخدام العنف.