نافدة علي الغد مازلنا نستعرض الفصل الخامس من كتاب "مستقبل بيئة الأمن في الشرق الأوسط" الصادر عن مؤسسة راند التابعة للبنتاجون الأمريكي، في هذا الفصل يتحدث الكتاب عن تغيير القيادات في دول الشرق الأوسط، وفي مجال التطبيق علي الأحكام العامة التي بدأ بها هذا الفصل، يورد المحرر تطبيقات علي بعض الدول العربية، الصديقة والمعادية للولايات المتحدة، مركزا علي مصر وسوريا.. فماذا يقول خبراء وزارة الدفاع عن سوريا؟ يبدأ دانييل بايمان الحديث عن سوريا قائلا النظام الذي يرأسه بشار الأسد يغلب أن يبقي في السلطة، لكن قبضته قد تصبح أقل احكاما في السنوات القادمة.. وهو يقارب الوضع بأيام حافظ الأسد الذي حكم سوريا بيد حديدية لما يقرب من 30 سنة، حتي وفاته سنة ،2000 محولا الدولة ذات القلاقل المزمنة إلي حصن من الاستقرار، وهو يتساءل قائلا انه ليس من الواضح ما إذا كان بشار ضعيف الخبرة سيكون قادرا علي أن يحقق نفس الخليط، الولاء من اتباعه، والخوف بين منافسيه، بينما هو منهمك في اعادة بناء الاقتصاد بشكل ناجح. أوجه الشبه بين الرجلين صعد حافظ الأسد إلي أفق الحياة السياسية، بعد سنين من الخدمة العسكرية، ومن خلال انقلاب عسكري عام 1966 أوصل مجتمعه العلوي للسلطة، ثم انفرد بالحكم بعد اقصاء المنافسين، اما بشار فقد كانت خبرته في السياسة والحكم ضعيفة عندما تسلم السلطة، كان عمره في ذلك الوقت 28 عاماً وكان يعيش كطبيب عيون في لندن، عندما استدعي ليحكم سوريا. ومع ذلك يقول الكاتب أن هناك أوجه شبه عديدة بين الأب والابن، فكل منهما لا يسمح للعقيدة أن تعميه عن ضرورات سياسات السلطة، لقد عمل حافظ مع مسيحيي لبنان ضد القوميين العرب، وحاول زرع الفرقة في المعسكر الفلسطيني وساعد ايران ضد العراق خلال حرب الثماني سنوات اما بشار فبعد تسلمه السلطة أقام علاقات ودية مؤقتة مع العراق والأردن متفرغا لدعم سلطته الداخلية. ويستطرد بايمان قائلا ان حافظ كان بلا وازع في أغلب الأحيان، ينقلب علي رفاق عمره، ويميت عشرات الآلاف من السوريين من اجل ان يبقي في الحكم، بينما بشار بخبرته القليلة، لا يوحي بالخوف، ولا الثقة! وقد عمد بشار إلي التركيز علي الاصلاح الاقتصادي في أحاديثه، كما سمح لمنظمات حقوق الانسان والمجتمع المدني بالعمل في حدود كذلك حاول تخفيف التوتر في بعض العلاقات الخارجية، كما حدث مع تركيا. الموقف من الفلسطينيين كان موقف حافظ الأسد من الصراع الاسرائيلي - الفلسطيني مزيجا من الخيلاء وعدم الاحترام والانتهازية، وبشكل عام كان قليل التفكير في ياسر عرفات والحركة الفلسطينية لكنه كان مؤمنا بأن القضية الفلسطينية هي في مركز عدم الاستقرار في المنطقة، لهذا حرص علي أن يقود الصراع الفلسطيني ويتحكم فيه محجما أي تطرف قد يضر بنظامه، ويحاول في نفس الوقت توجيه الصراع بحيث يقود إلي اضعاف اسرائيل وإفادة سوريا. ويضيف الكاتب أن بشار واصل أساسا سبيل أبيه في مسألة مفاوضات السلام، وكما قال والده، تكلم عن سلام الأقوياء قاصدا تنازلات سورية قليلة في مرتفعات الجولان، وعندما تواصلت الانتفاضة الثانية، سمح للعرب والاصوليين المسلمين في سوريا ولبنان، وشجعهم احيانا، علي الهجوم علي اسرائيل كما دعم هجمات حزب الله علي اسرائيل كوسيلة لاحداث ضغط دائم عليها. من بشار إلي آخرين يقول الكتاب إن بشار لم يحدد من الذي يمكن أن يخلفه، لو حدث له شيء، ويؤكد أن التهديد الأكثر واقعية من منافسين من داخل النخبة الحاكمة، وبصفة خاصة "بارونات" العلويين، كما ان النظام الذي يمكن ان يحدث تغييرا عميقا في سوريا سيكون تحت تأثير الاسلاميين. بارونات العلويين: خلال سنوات حكمه، عمد حافظ الأسد إلي انشاء نظام عائلي قبلي، تغطيه قشرة أيديولوجية سطحية، وقام - بطريقة منظمة - بوضع عناصر من مجتمعه العلوي في المواقع الريادية في الأمن والجيش، يقودون كل أجهزة الدولة الحساسة، وتقول الدراسة ان هؤلاء البارونات يمكن ان يتحركوا ضد بشار لو أظهر عدم قدرة، أو هدد امساكهم بمفاتيح القوة، هؤلاء البارونات يكون تركيزهم علي ضمان سيطرة مجتمعهم وبالطبع سيطرتهم الشخصية أكثر من تمسكهم بأي هدف سياسي. يقول الكاتب انه من المحتمل ان يظهر قائد من بين هؤلاء البارونات، ويستولي علي السلطة ويفرض رؤيته الخاصة علي سوريا، وعلي سياستها كما فعل حافظ الأسد. الاسلاميون السوريون: اسلاميو سوريا ضعفاء فقط استطاع النظام البعثي ان يخرب الحركة في اعقاب تحركاتها العنيفة من 77 إلي 1982 اعتقال وسجون وتعذيب بالاضافة إلي تدمير مدينة حماة، قاعدة الاخوان المسلمين، وموت آلاف المدنيين، كل هذا ترك الحركة بدون قيادة أو تنظيم فعال داخل سوريا.