اقام المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية ندوة عن تداعيات الازمة السورية علي الامن الاقليمي والدولي شارك فيها عدد من اساتذة الاقتصاد والعلوم السياسية مع لفيف من الخبراء الاستراتيجيين ، حيث تمت مناقشة الازمة السورية وتحليل المعطيات المتعلقة بها سواء المرتبطة بالاهداف والدوافع لدي اطراف الازمة المحليين " النظام والمعارضة " او المتعلقة بالاطراف الاقليمية والدولية الفاعلة في الازمة سواء بشكل مباشر او غير مباشر ومناقشة الحلول المطروحة لحل الازمة. يقول لواء اسامة الجريدلي رئيس المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية عندما انطلقت المظاهرات السورية الشعبية يوم الثلاثاء 15 مارس 2011 راي فيها المتظاهرون انها ضد القمع والفساد وكبت الحريات ، بينما راي فيها النظام ومؤيدوه انها مؤامرة لتدمير الممانعة العربية ونشر الفوضي في سوريا لمصلحة اسرائيل بالدرجة الاولي ثم امتد نطاقها علي مدار عامين ونصف حتي الآن دون تحقيق اي حل ، بل تسفر دائما عن سقوط مستمر لآلاف الضحايا والقتلي والمفقودين ، حتي وصل الامر الي استخدام الاسلحة الكيماوية ضد البشر حيث اثبت فريق التحقيق الدولي انه تم استخدم غاز السارين ، ويدور جدل حول الفاعل حيث تتهم الولاياتالمتحدةالامريكية النظام السوري وتتزعم معسكر عقابه " بضربة عسكرية " وتطور من موقفها بآليات للدعم العسكري مع الائتلاف الوطني لقوي الثورة والمعارضة السورية باستثناء " جبهة النصرة " الموضوعة علي قائمة التنظيمات الارهابية ، وبين روسيا الاتحادية ومعسكرها والتي تتهم قوي المعارضة ، وباعتبار علاقتها الممتدة مع النظام السوري وما تمثله له كمصدر رئيسي للمساعدات العسكرية والاقتصادية ، والتزامها بالدفاع عن سوريا ، لاعتبارات وتوازنات استراتيجية في المنطقة ضد المعسكر الغربي.. ويؤكد لواء اركان حرب محمود خلف ان هناك تساؤلات تطرح نفسها علي الساحة حول التداعيات او النتائح المترتبة علي الازمة السورية . وهذا يتطلب معرفة وفهم اطراف الصراع واهدافهما وادواتهما وواقع الحال في سوريا ، ولماذا فكر الجانب الامريكي في" الضربة العسكرية " رغم ان النزاع في سوريا بدا في مارس 2011. كما انه لا يوجد ما يسمي باسقاط نظام عن طريق ضربة جوية فالضرب جوا لا يسقط نظاما ولا يعدله، وهذا يتضح من النظر لخريطة سوريا حيث ان مساحتها 185 كيلو متر مربع جيرانها تركيا ، اسرائيل ، لبنان ، العراق . تعدادها السكاني 23 مليون نسمة منهم 10 % علويون ويوجد بها تعدد عرقي وديني . قواتها المسلحة 200 الف مجند ولديها إمداد جيد في هذه الجزئية ، ولهذا نجد الاعمال المتناظرة بين القوات النظامية وغير النظامية شبه متكافيء . القلق الامريكي الاسرائيلي ويستطرد خلف قائلا لقد تحولت السعادة الامريكية الاسرائيلية الي قلق عندما بدات ايرانوروسيا في وضع آليات علي الارض ، فبدات امريكا بوضع خطة استراتيجية ملائمة لما يحدث في سوريا . وبالتالي اصرت روسيا علي حماية نظام الاسد والدفاع عنه بكل السبل وبما لديها من قدرة تسليحية متميزة ، كما قررت ايران مساندة النظام السوري بالهجوم باستخدام الحرس الثوري الايراني ، وحزب الله . فهناك تواجد ايراني علي الارض في سوريا مثل الجنرال قاسم سليمان من الحرس الثوري الايراني ، وحسين طالب المتخصص في قمع الثورات منذ " الثورة الايرانية "وهناك عقاب جماعي تقوم به القوي الايرانية المختلفة للمدنيين الذين يساعدون الجيش الحر بما يسمي " حرق الارض " ولهذا الصراع ليس بين الجيش الحر والنظامي ولكنه صراع اقليمي ، دولي . بالاضافة الي ان ايران لديها القدرة علي تحريك الاكراد في المنطقة . كما ان العراق حاليا قاعدة وطيدة للتحرك الايراني.. ويستطرد خلف قائلا الجانب المعارض في سوريا جدير بالدراسة . لتباين فئاته فهناك القوي الثورية التي تكونت في الدوحة 2012 . وهذا يستدعي تساؤلا مهما للقوي الدولية والاقليمية التي تسعي لسقوط نظام بشار والذي يعد مطمئنا بشكل ما بالنسبة لاسرائيل . فهل النظام الذي سياتي ستكون توجهاته تجاه اسرائيل بنفس الدرجة ؟! وهل ستظل امريكا سعيدة بفكرة الفوضي الخلاقة مثلما فعلت في العراق حيث يتشابه النظامان السوري والعراقي من جهة الطبيعة وتعدد الاعراق . واخيرا ماهو مستقبل سوريا هل سيصمد النظام ام سيسقط ، فالاحتمالات بالنسبة لسوريا مفتوحة . ولكن التوقعات الجيدة مستبعدة والتوقعات السيئة احتمالاتها اكبر. التعقيد والحدة وتحدث دكتور مصطفي علوي استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة نحن امام ازمة تجمع بين التعقيد والحدة وتقاس الحدة هنا بحجم القوة المستخدمة لادارة هذه الازمة . ومؤشرات التعقيد هي تعدد اطراف هذه الازمة . فهي حالة نموذجية حيث إن هناك قوي اقليمية متصارعة هذه الازمة ، منها ما يؤثر بشكل مباشر مثل اسرائيل وتركيا وايران واطراف اخري تؤثر بشكل غير مباشر مثل دول التعاون الخليجي ومصر . ويصل التعقيد لذروته عندما نتكلم عن الاطراف الدولية المتصلة بهذه الازمة مثل " الصين .روسيا ، امريكا واوروبا ، والدليل علي هذا ما صرح به رئيس الاركان الامريكي حين قال " اذا ما قامت امريكا بتوجيه ضربة لسوريا سوف تمتد ازمة سوريا لعقد من الزمان . بينما قال رئيس الأركان السوري الحرب الاهلية وصلت الي طريق مسدود حيث لا يوجد لدي الطرفين القوة لهزيمة الآخر " بعد أن بلغت الخسائر 100 مليار دولار نتيجة الحرب بين الحكومة والمعارضة . كما ان المعارضة المسلحة في سوريا تمتلك غازالسارين والصواريخ التي تطلق هذا الغاز . وهو ما اكدته لجنة البحث عن استخدام السلاح الكيماوي في الصراع كما أن سوريا ليست ليبيا التي لم يكن بها دولة اصلا . وعلي ذكر ليبيا فالصين وروسيا تعلمتا الكثير من درس ليبيا مما يجعلهما تحذران من الوقوع في نفس الاخطاء فيما يتعلق بسوريا.. ولذلك قد يكون الحل السياسي في جنيف 2 . وسيحتاج هذا الحل علي الاقل لفترة عام. الاطماع المتباينة وقال دكتور مصطفي اللباد مدير مركز الشرق للدراسات الاقليمية والاستراتيجية ، ترجع اهمية سوريا الي انها لب المشرق العربي وهي صانعة الرافعة الاقليمية فمصر لا تستطيع ان تصبح قوة اقليمية الا بالامتداد لسوريا ، فالجغرافيا السورية تفصل تركيا عن دول الخليج وتفصل العراق عن البحر المتوسط . كما ان سوريا بها اكبر عدد من الطوائف والاعراق مثل لبنان .واللاعبان الاقليميان في هذه الازمة هما تركيا وايران والثانية تدعم النظام السوري ، وتدعم تركيا المعارضة حيث إن لديها اطماعا في بعض المناطق السورية مثل حلب تحديدا ، اما ايران فقد تحالفت مع النظام السوري منذ عام 79 وحتي الآن رغم محاولة سوريا الدائمة لتحجيم دور ايران داخلها . كذلك فإن تركيا لم تستطع سحب سوريا من تحالفها مع ايران رغم المحاولات المستمرة سواء في عصر حافظ الاسد او ابنه بشار الاسد . وجدير بالذكر ان تركيا تدعم جماعة الاخوان المسلمين في سوريا وهذا يفسر موقف تركيا من سقوط نظام الاخوان في مصر.. والاصطفافات بهذا الشكل غير دقيقة فروسيا في واقع الامر لا تتوافق مصالحها مع ايران ولكن ايران هي من تستطيع تحريك الاوضاع علي الارض بتحالفاتها الدولية . واذا سقط النظام فسينفرط هذا التحالف . حيث ان كل طرف لديه اهداف اخري مختلفة فالاصطفاف يبدو شكليا دقيقا ولكن فعليا غير دقيق بالمرة. الميليشيات المسلحة كما تحدثت الدكتورة هالة مصطفي رئيس تحرير مجلة " الديمقراطية " سابقا عن مواقف وتحركات القوي الدولية ذات الثقل في ظل الاحتمالات المختلفة لتداعيات الازمة السورية قائلة ظهرت في مرحلة ما بعد الربيع العربي اكثر من ظاهرة كانت كامنة ولكنها بدات تظهر علي السطح وتتحكم في كل الازمات والمشكلات . فلقد كنا نتحدث بعد الحرب العالمية الثانية عن اقامة دولة قومية موحدة . ولكن حاليا نشهد دولة دينية تعود بنا الي ماقبل تشكيل الدولة القومية .والمشكلة الثانية تتعلق بطبيعة القوي البديلة للانظمة الحاكمة القديمة . فالقوي السياسية الاسلامية هي الوحيدة التي كانت منظمة وجاهزة . والمعارضة كانت ضعيفة وهشة كما ان الحياة الحزبية غير موجودة غير علي مستوي النخبة . لذلك الاسلام السياسي ملك الشارع باعتباره القوي المنظمة . كما لم يعد هناك ازمة نظام حكم مقتصرة علي الجانب المحلي فانا لا اتحدث عن نظام بالمعني المحلي فكل قوة لها ارتباطات إما بقوة اقليمية او دولية.. وتستطرد هالة قائلة المشكلة الاهم والابرز هي انتشار ظاهرة الميليشيات او المعارضة المسلحة لقد كانت موجودة في لبنان والعراق ولكنها اصبحت اكثر انتشارا بعد الربيع العربي هذه الميلشيات تؤثر علي كيانات الدول.. ولقد اجمع المتحدثون علي تأييد المبادرة الروسية المرتبطة بوضع الاسلحة الكيماوية السورية تحت الرقابة الدولية كانقاذ للجميع.